ماذا قالوا عن هنية وكيف سيؤثر اغتياله على مسار الحرب في غزة؟
غزة- أضفت جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران المزيد من أجواء الحزن على قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية ضارية للشهر العاشر على التوالي.
وقوبلت الجريمة بردود فعل غاضبة على المستويات الفلسطينية كافة لما يحظى به هنية والمكنى بـ”أبو العبد” من احترام وتقدير كبيرين، حيث عرف عنه علاقاته الوطيدة مع مختلف مكونات العمل الوطني والإسلامي، وحضوره الدائم ومشاركته في المناسبات الشعبية.
يمثل هذا الرجل “أيقونة” بالنسبة لجيرانه في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، حيث ولد في عام 1962 لأسرة لاجئة، وعرف عنه منذ طفولته التزامه الديني وتميُّزه بقدرات خطابية هائلة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس منذ تأسيسها في عام 1987، وتدرج فيها حتى انتخب في عام 2017 رئيسا لمكتبها السياسي.
وبشكل عفوي تجمهر أطفال وفتية فوق ركام منزل هنية الذي دمرته غارات جوية إسرائيلية خلال الحرب، رافعين صورته وملوحين بإشارات النصر، في تعبير منهم عن قدر كبير من الحب لابن مخيمهم القائد الشهيد.
عبد السلام هنية نجل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية يتحدث عن استشهاد والده في طهران ويقول: مسيرة الشعب في طريق التحرير ستستمر، وندعو إلى النفير لوقف هذه العربدة الإسرائيلية في استهداف أبناء شعبنا#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/BSzZRjSOmt
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 31, 2024
أولوية الوحدة
وفور شيوع خبر جريمة الاغتيال، صدر سيل من بيانات وتصريحات النعي من مختلف المستويات السياسية والفصائلية الفلسطينية وصفت هنية بـ”القائد الوطني الكبير”، وصدحت مكبرات المساجد في الأراضي الفلسطينية بنعيه والإشادة بمناقبه، وأدى مصلون في غزة صلاة الغائب عليه.
من جهته، ندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق هنية، واعتبره “عملا جبانا وتطورا خطيرا”، ودعا “جماهير الشعب وقواته إلى الوحدة والصبر والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي”، وأعلن الحداد وتنكيس الأعلام ليوم واحد حدادا على اغتياله.
وفي تدوينة على منصة “إكس” أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ جريمة الاغتيال، واعتبرها “عملا جبانا يدعو إلى المزيد من الصمود والثبات في وجه الاحتلال، وضرورة إنجاز وحدة القوى والفصائل الفلسطينية”.
نستنكر وندين بشدة اغتيال رئيس المكتب السياسي القائد الوطني إسماعيل هنية. ونعتبره عملا جباناً، يدعونا إلى المزيد من الصمود والثبات في وجه الاحتلال، وضرورة إنجاز وحدة القوى والفصائل الفلسطينية.
— حسين الشيخ Hussein AlSheikh (@HusseinSheikhpl) July 31, 2024
وقال مسؤول العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر الطاهر إن العدو بهذه الجريمة “يتجاوز كل الخطوط الحمر ويدفع الأمور نحو حرب شاملة”، مشددا على أن “محور المقاومة لديه كامل الجهوزية، وأرى الأمور تتطور في تجاه المواجهة إلى حدها الأقصى”، وتوعد حكومة العدو بأنها “سوف تندم على الخطيئة التي ارتكبتها باغتيال هنية والاعتداء على السيادة الإيرانية”.
ورأت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في اغتيال هنية “خسارة كبيرة لشعبنا ومقاومته، نظرا للدور المهم الذي لعبه في مسيرة المقاومة والعمل الوحدوي”، وقالت إنها “على يقين أن مشروع المقاومة سيزداد توهجا”، وشددت على أن “عمليات الاغتيال الجبانة لن تزيدنا إلا صلابة وإيمانا بحقنا في أرضنا، وعزيمة على مواصلة مقاومتنا”.
ونعى قائد “تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح” محمد دحلان “القائد الوطني الكبير إسماعيل هنية”، وأدان “عملية الاغتيال الجبانة”، ورأى أنها “لم تكن لتحدث لولا الضوء الأخضر الأميركي للاحتلال بمواصلة جرائمه وحرب الإبادة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وقادته”، ودعا إلى “تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية”.
ووصف أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح جبريل الرجوب هنية بـ”قائد وطني كبير، ومناضل أفنى حياته لخدمة وطنه وقضايا شعبه العادلة، وشكل منارة للصمود والنضال المتواصل على طريق الحرية والاستقلال”، وقال إن “الشهيد كان يصر على الوحدة الوطنية بما يحافظ على المشروع النضالي الذي يقدم فلسطين قضية عادلة وفكرة شريفة”.
وقود للمقاومة والتحرير
وقال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي إن “هنية كان مشروع شهادة منذ نعومة أظفاره”، لافتا إلى أن “إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخها تواجه مثل هذه المقاومة”، وأضاف أن “ردود أفعالها تعكس ارتباكا وعجزا عن تحقيق أي من أهدافها”.
واعتبر المسؤول في الجهاد أن “الاغتيال ليس موجها إلى المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تحديدا، بل هو موجه إلى إيران أيضا”، مشددا على أن “اغتيال هنية سيزيد المقاومة صلابة والرد على الجريمة سيكون في الميدان”.
وقال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن “دماء هنية لن تذهب هدرا”، وشدد على أن “اغتياله الجبان لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا إصرارا على مواصلة الكفاح والمقاومة لنيل حريته”.
ورأى البرغوثي أن هنية “كان نموذجا للعطاء والاستقامة والنقاء الوطني والحرص الصادق على الوحدة الوطنية”، وأن الرد على “جريمة الاغتيال البشعة هو بتوحيد طاقات وقوى الشعب الفلسطيني على برنامج الكفاح الوطني والمقاومة، والتنفيذ الفوري لإعلان بكين، وتشكيل قيادة وطنية موحدة في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية والفاشية العنصرية”.
تعرف إلى أبرز مقولات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية منذ بداية #حرب_غزة حتى استشهاده pic.twitter.com/M4RznNjwqK
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 31, 2024
نهاية قائد
وبدا الحزن والوجوم واضحين على وجوه الغزيين، وضجت منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات النعي واستحضار مواقف وعبارات خالدة للقائد الشهيد إسماعيل هنية، من أبرزها “لن نعترف بإسرائيل” و”لن تخترق الحصون”، وقال الناشط الإعلامي محمد فراونة إن “الشهادة في عُرف المقاومة هي مكافأة نهاية الخدمة، هنيئا لأبي العبد المكافأة”.
ووصف نضال خضرة، الكاتب والمحلل السياسي، إسماعيل هنية بأنه “كان قائدا استثنائيا في حماس، وفي علاقته مع الناس، لا يترك مناسبة لأهل غزة ولا سيما أهل مخيم الشاطئ إلا وكان معهم وبجوارهم، يشاركهم أفراحهم وأتراحهم”، فيما وصفه نقيب المقاولين الأسبق أسامة كحيل بأنه “كان قائدا وطنيا بامتياز، حسن الخلق، قوي الشكيمة”.
وكتب الروائي يسري الغول وهو أحد جيران هنية في مخيم الشاطئ “رغم الحزن الشديد على اغتيال القائد الوطني الكبير الشيخ إسماعيل هنية، لكن يجب أن نعلم أن اغتياله كان واردا في كل الأوقات”، مذكرا بعمليات اغتيال سابقة لقادة المقاومة، وقال “ولكن ذلك لا يعني نهاية حركة حماس أو مشروع المقاومة، بل هو تحريض على المقاومة بشكل أكبر وأوسع”.
تجاوز الحدود
وعن طبيعة الرد المتوقع، ذكر المحلل السياسي المحسوب على حركة حماس إبراهيم المدهون للجزيرة نت أن “هذه حرب مفتوحة وستتأثر كل الجبهات باغتيال أبو العبد”، وأضاف أن “الاحتلال الإسرائيلي ذهب إلى أبعد مدى في المعركة، ولا عودة إلى الوراء بعد هذه الجريمة”.
ويرجح المدهون أن تضر جريمة الاغتيال بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، واعتبر أن “نتنياهو أغلق باب المفاوضات، وترك الحديث للميدان الآن”، متوقعا أن “الحرب قد تتوسع، ولن تقف عند حدود غزة، فهذا العدوان على إيران هو أقوى من العدوان على القنصلية في سوريا الذي ردت عليه بمئات المسيّرات ضد إسرائيل، ومطلوب منها الرد على جريمة اغتيال هنية”.
واعتبر المدهون أن اغتيال هنية يمثل “أقوى ضربة” توجه لحركة حماس منذ اغتيال الشيخ أحمد ياسين، “لكن حماس قوية وسيكون لهذه الجريمة ما بعدها، فهي ليست مجرد لعب إسرائيلي بالنار، بل تفجير للمنطقة بأسرها”.
وقالت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية إن اغتيال هنية “هو قتل لكل الجهود التي يبذلها العالم من أجل وقف العدوان وإنهاء الحرب على شعبنا، واستدراج الجميع للمعركة الكبرى التي سيدفع الجميع ثمنا لها”.
واعتبرت أن “الرد الأولي على اغتيال هنية يجب أن يكون بطي صفحة الانقسام وتوحيد الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والاحتلال، وتطبيق اتفاقيات المصالحة التي كان هنية ركنا أساسيا في التوصل لها”، مشددة على أن اغتياله “لن يدفع شعبنا إلى الخضوع أو الاستسلام بل إلى مزيد من المقاومة والصمود”.