تيم والز.. نائب هاريس الذي يحظى بدعم مسلمي ويهود أميركا
واشنطن- بعد أسبوعين من تراجع الرئيس الأميركي جو بايدن عن الترشح لانتخابات 2024، واستبداله بنائبته كامالا هاريس، اختارت هاريس تيم والز حاكم ولاية مينيسوتا ليشاركها بطاقة ترشح الحزب الديمقراطي نائبا لها.
ومن المنتظر أن يشارك والز هاريس في فعاليات انتخابية تبدأ لاحقا اليوم الثلاثاء بمؤتمر جماهيري في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، على أن يظهر معها في 7 ولايات متأرجحة خلال الأيام المقبلة.
ولأنه حاكم ولاية مينيسوتا، التي توجد فيها جالية مسلمة كبيرة نسبيا ذات قيمة انتخابية مرتفعة، يعتبر اختيار والز ترضية للناخبين المسلمين. وفي الانتخابات التمهيدية للولاية، اختار أكثر من 18% من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية للولاية خيار “غير ملتزمين” بدلا من دعم الرئيس جو بايدن كوسيلة للاحتجاج على دعمه غير المشروط لإسرائيل.
وقالت إلهان عمر، وهي من أشد منتقدي إسرائيل، إنها لم تصوت في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في مينيسوتا، على الرغم من أنها أشادت بالناخبين غير الملتزمين لاستخدامهم الانتخابات التمهيدية لإرسال رسالة إلى الرئيس بايدن.
ونظريا، يمكن لوالز -وبصفته حاكم ولاية مينيسوتا- أن يدعم حظوظ هاريس في الفوز بمينيسوتا بعدما قلّ فارق تقدم هاريس على دونالد ترامب خلال الأسابيع الأخيرة، كما أنه يدعم حظوظ الديمقراطيين في 3 ولايات متأرجحة تجاور مينيسوتا، مثل ويسكونسن، أو تقترب منها مثل بنسلفانيا وميشيغان.
وتعد الولايات الثلاث من بين ولايات “حزام الصدأ” الذي منح اختيار ترامب لنائبه جي دي فانس بعض الأفضلية في هذه الولايات لبعض الوقت. ومن شأن اختيار والز أن يستعر السباق على الفوز بهذه الولايات التي يدعي كل منهما، (والز وفانس) أن خلفيته وخبرته تقربه من فهم المزاج العام لناخبي هذه الولايات.
ويتطلع الديمقراطيون للظفر بولايات حزام الصدأ في الغرب الأوسط التي دعمت تاريخيا الديمقراطيين، لكنها صوتت لترامب في انتخابات 2016 قبل أن يسترجعهم بايدن بفارق ضئيل عام 2020، ومن المرجح أن تكون الولايات الثلاث محورية للظفر بالبيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال والز مؤخرا إنه يتوقع أن يكون هناك سباق رئاسي متقارب في ولاية مينيسوتا، على الرغم من أنه توقع أن يخسر ترامب للمرة الثالثة. وتفاخر ترامب باحتمال فوزه بالولاية أثناء حملته الانتخابية هناك في الأشهر الأخيرة.
مسلمو مينيسوتا وعدوان إسرائيل
برز الحاكم تيم والز كمرشح على منصب نائب الرئيس بسبب دعم قطاع كبير من التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي لمواقفه وسياساته التقدمية. في الوقت ذاته، يمثل اختيار والز رسالة طمأنة للناخبين التقدميين والمسلمين ممن عارضوا موقف إدارة بايدن الداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك على الرغم من سجله الداعم لإسرائيل. فإن هذا الدعم معتدل بمعايير السياسة الأميركية المعاصرة.
وخلال تمثيله الولاية في مجلس النواب، لم يعرف عن والز التطرف في دعم إسرائيل، ونجح في الحصول على تأييد منظمة “أيباك”، أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلي، وقال أمام مؤتمرها العام عام 2010 إن “إسرائيل هي أصدق وأقرب حليف لنا في المنطقة، مع الالتزام بقيم الحريات الشخصية، محاطة بجوار صعب جدا”.
إلا أن والز، كان في الوقت ذاته، من بين أشد مناصري توصل الولايات المتحدة لاتفاق نووي مع إيران إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وعبر عن غضبه لاحقا من إقدام الرئيس السابق دونالد ترامب على الانسحاب من الاتفاق.
وقبل أسبوع، قالت النائبة المسلمة من ولاية مينيسوتا إلهان عمر “أعتقد أن الحاكم تيم والز لديه كل الصفات التي يحتاجها نائب الرئيس لتحقيق التوازن في البطاقة الانتخابية الديمقراطية. إنه مخضرم، وعضو في نقابة المعلمين ومن الواضح أنه شخص سيكون مثيرا من نواح كثيرة”.
وتعد إلهان عمر من أشد أعداء إسرائيل داخل مجلس النواب، ولا يتوقف اللوبي الإسرائيلي عن استهدافها والترصد لها، وهي أهم سياسية مسلمة في مينيسوتا والولايات المتحدة، إلى جانب النائبة رشيدة طليب.
وبعد الانتخابات التمهيدية، وفقدان بايدن لأصوات 18% من الناخبين الديمقراطيين المعترضين على موقفه تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، وطبقا لموقع جويش إنسدير، قال والز في ذلك الوقت، إن الحزب بحاجة إلى التركيز على استعادة هؤلاء الناخبين المناهضين لإسرائيل بدلا من رفض انتقاداتهم، على الرغم من أنه جادل أيضا بأن الناخبين من تيار الوسط يلعبون دورا أيضا.
وقال والز لشبكة سي إن إن “هؤلاء ناخبون قلقون للغاية، مثلنا جميعا. الوضع في غزة لا يطاق، وأعتقد أنه يجب إيجاد طريق يؤدي لحل الدولتين، وبالتأكيد تحرك الرئيس جو بايدن نحو تقديم المساعدات الإنسانية، والمطالبة بالوصول إلى وقف إطلاق النار، هذا ما يطلبونه، وهذا ما يجب أن يسمعوه ويعرفوه”.
وكان والز صريحا في إدانته لهجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وما اعتبره حق إسرائيل وواجبها في الدفاع عن نفسها، وأمر بتنكيس جميع أعلام ولاية مينيسوتا تكريما للضحايا الإسرائيليين. كما رفض الرد على نشطاء مناهضين لإسرائيل تجمعوا أمام منزله لحثه على سحب استثمارات الولاية من إسرائيل، كما ألغى اجتماعا مع الفرع المحلي لمنظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، بسبب إصرار المجموعة على مناقشة سحب استثمارات مينيسوتا من إسرائيل.
وعندما بدأ بعض الطلاب اليهود في الإبلاغ عن شعورهم بعدم الأمان في حرم جامعاتهم خلال ربيع الاحتجاجات الطلابية ضد عدوان إسرائيل على قطاع غزة، أدان والز أي مظاهر أو ممارسات العداء للسامية، في الوقت الذي استمر فيه في الإعراب عن تعاطفه مع رسالة المتظاهرين الأوسع حول المعاناة في غزة.
ويكرر والز في لقاءاته الصحفية مقولة “نتفق جميعا على أن الوضع في غزة لا يطاق، كما أن ما حدث في 7 أكتوبر هو عمل لا يطاق”.
شكوك في قيمة نائب الرئيس
شككت مجلة الإيكونوميست العريقة في قيمة شخصية نائب الرئيس في السباق الانتخابي الأميركي. وأشارت المجلة إلى أنه في كثير من الحالات يُستغل نائب الرئيس ليقول ما لا يمكن للمرشح الرئاسي قوله.
ويرى محللون أن والز تعود على الهجوم الحاد على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وهو ما يتيح المزيد من الوقت لكامالا هاريس لتركز على القضايا الحيوية التي تهم الناخب الأميركي بدلا من استهداف ترامب فقط.
ويمكن لاختيارات نائب الرئيس أن تحدث فرقا، ولكن ربما أقل بكثير مما قد توحي به الضجة التي تحيط بلحظة اختياره، في حين أنها قد تضر بحظوظ المرشح الرئاسي إذا كان خيار نائب الرئيس سيئا.