ماذا تحمل زيارة وزير الخارجية الإيراني للبنان؟
بيروت- وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى لبنان اليوم الجمعة في زيارة رسمية قصيرة التقى خلالها عددا من المسؤولين، أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، حاملا رسالة حاسمة وحازمة مفادها أن الجمهورية الإسلامية تقف إلى جانب لبنان وحزب الله.
وأبعد من رسالة الدعم كرر الوزير عراقجي ومن بيروت التي كانت يسمع فيها دوي وأصداء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية أنه “لا توجد لدينا خطط لمواصلة الهجوم على الكيان الصهيوني، ولكن إذا اتخذ الكيان أي خطوة فإن ردنا سيكون أقوى، وسنرد عليه بشكل متناسب ومدروس”.
وتُعتبر هذه الزيارة الثانية لدبلوماسي رفيع المستوى إلى لبنان بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مساء الأحد الماضي، لكنها تكتسب أهمية خاصة كونها جاءت وسط ظروف شديدة التعقيد السياسي والتصعيد العسكري الإسرائيلي، وبعد أيام قليلة من قصف الحرس الثوري إسرائيل ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد من القيادات الأخرى، ومن قبلهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
أهمية الزيارة
ورغم التهديد الإسرائيلي برد واسع قد يدفع المنطقة إلى شفا حرب إقليمية واسعة فإن الزيارة تزامنت مع قيام المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بتأبين نصر الله خلال صلاة الجمعة، مؤكدا أن من واجب حزب الله الدفاع عن غزة، مع تسريب معلومات عن دفن نصر الله مؤقتا في مكان سري كوديعة.
وتأتي الزيارة في ظل الجهود السياسية اللبنانية الداخلية المكثفة وفق مبادرة من بري وميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط من أجل وقف العدوان على لبنان والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بدعم جميع القوى، وذلك بعد شغور المنصب لمدة تقارب العامين.
وأوضح عراقجي أن إيران تدعم بشكل كامل مساعي اللبنانيين للتصدي لجرائم “الكيان الصهيوني”، قائلا “أجريت محادثات جيدة جدا مع الرئيسين ميقاتي وبري، وتبادلنا وجهات النظر بشأن الأحداث الأخيرة في لبنان، وأكدنا خلالها وقوف إيران إلى جانب لبنان وستبقى إلى جانبه”.
ولم يُعرف ما إذا كان الوزير عراقجي قد التقى قادة من حزب الله لبحث خارطة طريق المرحلة المقبلة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتوسيع نطاقه جغرافيا ليشمل الضاحية الجنوبية لبيروت، واستخدام آلاف الأطنان من المتفجرات لتدميرها، إذ بقيت بعض جوانب محادثاته بعيدة عن الأضواء والإعلام.
وشدد عراقجي على أن إيران ستبقى داعمة للمقاومة، قائلا “إننا واثقون من أن جرائم الكيان الصهيوني ستبوء بالفشل كما فشلت سابقا وأن الشعب اللبناني سيخرج منتصرا”، معتبرا أن زيارته ليست عادية أو بروتوكولية، بل تأتي في ظروف صعبة وبيروت تتعرض للقصف في كل لحظة “وهذا خير دليل على وقوف إيران -كما كانت في السابق- دائما إلى جانب حزب الله”.
وتناول الوزير عراقجي الهجوم الإيراني على إسرائيل، ووصفه بأنه مشروع وفق مبادئ الأمم المتحدة، وجاء ردا على قصف الأراضي الإيرانية والسفارة في دمشق ومصالح وأهداف إيرانية، مشيرا إلى أنه “لا توجد لدينا خطط لمواصلة الهجوم على الكيان الصهيوني، ولكن إذا اتخذ الكيان أي خطوة فإن ردنا سيكون أقوى، وسنرد عليه بشكل متناسب ومدروس”.
وختم بأن “ظروف لبنان الحالية ليست عادية أو روتينية، ونحن ندعم المساعي لوقف إطلاق النار، ونتحدث مع المسؤولين ونجري المشاورات مع بعض الدول بشرط مراعاة حقوق الشعب اللبناني”.
تأكيد على الدعم
بدوره، يشير الكاتب السياسي محمد شمس الدين للجزيرة نت إلى أن زيارة الوزير الإيراني تأتي في إطار التأكيد الإيراني المستمر على الوقوف إلى جانب لبنان وحلفائهم فيه.
وبشأن وصوله عبر طائرة إيرانية رغم التهديدات الإسرائيلية، يقول إن “الطائرة دبلوماسية، واستهداف الطيران المدني يعد انتهاكا للقوانين الدولية في جميع أنحاء العالم”.
ويضيف شمس الدين أنه من المؤكد أن الإسرائيليين لن يستهدفوا طائرة دبلوماسية، وأن ما يهددونه فعليا هو طائرات الشحن الإيرانية التي يدّعون أنها قد تحمل معدات أو أسلحة لحزب الله، موضحا أن “إسرائيل تحاول فرض حصار بري وجوي وبحري شامل على حزب الله لمنعه من تلقي أي دعم أو إمدادات”.
وفيما يتعلق بالتصريحات الإيرانية الأخيرة، يرى شمس الدين أن إيران ليست بصدد تنفيذ رد فعل مباشر في الوقت الحالي، ويقول “منذ أن بدأت إسرائيل تستهدف القيادات في قلب الضاحية الجنوبية بات واضحا جدا أن هناك نية لشن حرب تسعى إلى تغيير وجه الشرق الأوسط”، ويتساءل “هل الهدف هو تقليص نفوذ إيران وقطع أذرعها؟ أم إنهاء وجودها في المنطقة بالكامل؟”.