سياج الصين العظيم أمام السلاسل الأميركية فهل ستتحول بكين من الدفاع للهجوم؟
مع فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بولاية ثانية، تتجه الأنظار من جديد إلى جزيرة تايوان. فخلال حملته الانتخابية، ألقى ترامب مرارًا بظلال من الشك على مدى الدعم الأميركي لتايوان في المستقبل. وقال في مقابلة أجريت معه في يوليو/تموز الفائت مع “بلومبرغ بيزنس ويك”: “يجب على تايوان أن تدفع لنا مقابل الدفاع. كما تعلمون، نحن لا نختلف عن شركة تأمين… تايوان لا تعطينا أي شيء” .
دفعت هذه التصريحات بعض خبراء الشأن الصيني إلى الاعتقاد بأن ترامب سيسعى إلى إبرام اتفاق مع تايوان مقابل المزيد من الدعم الدفاعي الأميركي.
اقرأ أيضا
list of 2 items
في أكتوبر الأسود موجات من الخسائر والضربات الصعبة توجع إسرائيل
لماذا راهن إيلون ماسك على فوز ترامب بكل قوته؟
end of list
حيث يبلغ الإنفاق العسكري في تايوان حوالي 2.6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي اليوم؛ وقد يطلب ترامب من الجزيرة زيادة هذا الرقم كما اقترح مستشار الأمن القومي السابق لترامب روبرت أوبراين.
وفي وقت سابق، كانت شركة TSMC عملاق أشباه الموصلات التايواني، قد استثمرت بالفعل أكثر من 65 مليار دولار في مصانع جديدة تقع في أريزونا، لكن ترامب قد يدفع لمزيد من الاستثمار المحلي، كما قال خبراء تايوانيون لفورين بوليسي.
ويطرح هذا التغير في الموقف الأميركي حتى هذه اللحظة مجموعة من التكهنات لمستقبل النزاع في هذه المنطقة، وهي صيغة تختلف عمّا تبنّته الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدان.
ففي العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خرج الرئيس التايواني “ويليام لاي” في ا ليتعهد أمام شعبه بمقاومة أي جهود لضم تايوان من قِبَل الصين أو أي محاولة للاعتداء على “سيادة” بلاده، في تصريح أغضب بكين على ما يبدو، ليبدأ جيش التحرير الشعبي الصيني بعد ثلاثة أيام فقط مناورة عسكرية واسعة النطاق شاركت فيها أعداد قياسية من الطائرات والسفن العسكرية بهدف التدريب على محاكاة الهجوم والسيطرة على تايوان.
كان من شأن المناورات الصينية في وقت آخر أن تطلق صافرات الإنذار حول العالم، لكن خلال السنوات الأخيرة، اعتاد مضيق تايوان ومحيطها وأجواؤها على المناورات والاختراقات العسكرية الصينية.
فمنذ عام 2016، وعقب الانتخابات الرئاسية التي جاءت بزعيمة الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض للنفوذ الصيني، تساي إنغ-ون، رئيسة للبلاد؛ بدأ غضب الصينيين يتصاعد، ومعه بدأت مناوراتهم التي رفعت سقف التوترات في المنطقة.
أخذت الصين تستعرض قواتها البحرية على هيئة مناورات بشكل متصاعد حول جزيرة تايوان، أمام سمع وبصر البحرية الأميركية وحلفائها في بحر جنوب الصين، كان آخرها مناورتين عسكريتين واسعتي النطاق نفَّذتهما في مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2024 وأطلقت عليهما “السيف المشترك (أ)، و(ب)”.
وقبل نهاية المناورات، صرّح الرئيس الصيني “شي جين بينغ” خلال زيارته للواء قوة الصواريخ في الجيش الصيني بالقول: “إن على الجيش تعزيز التدريب والاستعداد الشامل للحرب، وإن على القوات رفع قدراتها الإستراتيجية على الردع والقتال”.
وبالتزامن مع ذلك، أطلقت الولايات المتحدة والفلبين مناورات عسكرية مشتركة استمرت عشرة أيام، شارك فيها ألف جندي أميركي وفلبيني، فيما شاركت قوات أسترالية وبريطانية ويابانية وكورية جنوبية بأعداد أقل.
من خلال هذه المناورات ومثيلاتها، ترسل الولايات المتحدة رسالة لا لبس فيها إلى الصين، مفادها أن أميركا تمتلك يدا باطشة وحلفاء متعددين في الجوار الصيني، وأن بإمكانها ردع بكين بالقوة إذا لزم الأمر. تشمل قائمة هؤلاء الحلفاء كلًّا من اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والفلبين وغيرهم، الذين يعملون بمساعدة واشنطن على تعزيز قدراتهم العسكرية استجابة للتهديدات المتصورة والمتوقعة من الصين.
وإدراكا منها لهذا الوضع المعقد، تحشد بكين دفاعاتها هي الأخرى، وتسعى لعقد تعاون دفاعي مضاد مع عدد من حلفائها في المنطقة لكسر الحصار المفروض عليها من قِبَل أميركا وحلفائها.
أحزمة أميركية تطوق الصين
منذ انتصارها في الحرب العالمية الثانية، عملت واشنطن على تطويق الصين بحزامين أو سلسلتين بحريتين، حيث أنشأت مع حلفائها شبكة من القواعد العسكرية الممتدة عبر المحيط الهادي التي تحاصر الصين فعليا. يُعرف الحزام الأول باسم “سلسلة الجزر الأولى”، ويمتد من جزر كوريل شمال اليابان إلى جزر ريوكيو، ثم تايوان والفلبين، وصولا إلى إندونيسيا. ولإدراك حجم الاستثمار الأميركي في بناء هذا الحزام، يكفي الإشارة إلى أن تايوان وحدها تلقَّت مساعدات أميركية تُقدَّر بـ30 مليار دولار منذ عام 2009.
أما السلسلة الثانية فتتكون من جزر بونين وجزر البركان، بالإضافة إلى جزر ماريانا، وتشمل جزيرة غوام التي تستضيف قاعدة أميركية كبيرة، مرورا بجزر كارولين الغربية، وانتهاء بغينيا بابوا الجديدة. فيما تلعب أستراليا دورا حاسما في تقديم الدعم اللوجيستي للأحزمة الأميركية ضمن ما يُطلَق عليه “حلقة الدفاع الأميركي المتقدم” (US forward defense ring).
تعتمد واشنطن بشكل رئيسي على قوتها البحرية المتفوقة لفرض هذا الحصار البحري الشرس على خصمها اللدود. وتُعد حاملات الطائرات رمز الهيمنة البحرية للولايات المتحدة، حيث تمتلك واشنطن 11 حاملة طائرات عاملة تنتشر في بحار العالم ومحيطاته.
وبجانب هذه المدن العسكرية الطوافة، تتمركز القوات الأميركية بصورة دائمة في عدة دول حليفة في المنطقة، في مقدمتها اليابان التي تستضيف قرابة 53 ألف جندي أميركي، يتمركزون في 120 منشأة عسكرية منها 15 قاعدة كبيرة، ما يُعد أكبر تجمع للعسكريين الأميركيين خارج الولايات المتحدة.
بالمثل، تستضيف كوريا الجنوبية أكثر من 23 ألف جندي أميركي يتمركزون في 73 موقعا عسكريا. أما في الفلبين، فتتمتع الولايات المتحدة بإمكانية الوصول إلى قواعد عسكرية متعددة الاستخدام بموجب اتفاقيات تعزز التعاون الدفاعي الثنائي، وتستضيف مانيلا بضع مئات من الجنود الأميركيين، ويُجري البلدان مناورات منتظمة آخرها تدريب في أبريل/نيسان الماضي بمشاركة 16 ألف شخص، سبق ذلك افتتاح مانيلا قاعدة عسكرية للمراقبة في جزيرة ثيتو في المياه المتنازع عليها بين الصين والفلبين في ديسمبر/كانون الأول 2023.
يُعد ذلك الانتشار للقوات الأميركية هو الأكثر كثافة في العالم؛ ما يؤكد الأهمية العسكرية لمنطقة شرق آسيا من منظور الأمن القومي الأميركي، حيث وصفت وثيقة الأمن القومي الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2022 الصين بأنها المنافس الوحيد الذي لديه النية والقدرة على إعادة تشكيل النظام الدولي، ما يجعل ردع بكين على رأس الأولويات الأمنية والعسكرية الأميركية.
وبخلاف الردع، يُطمئن انتشار القوات الأميركية حلفاءها في اليابان وكوريا الجنوبية حول التزام واشنطن بحمايتهم، كما يساعد في تأمين سلاسل التوريد الحيوية التي تُعد ضرورية للاقتصادات الإقليمية والعالمية.
على الجهة المقابلة، يُمثِّل هذا الحصار الأميركي تهديدا كبيرا للأمن الصيني. ومن شأن أي تعطيل للملاحة، قصدا أو عرضا، في بحار جنوب وشرق الصين أن تكون له عواقب اقتصادية وخيمة على الصين. فالاستقرار الاقتصادي للصين مرتبط بشكل كبير بتجارتها البحرية، حيث تشير تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) إلى أن نحو 80% من التجارة العالمية من حيث الحجم، و70% من حيث القيمة، يُنقَل عن طريق البحر، ومن هذا الحجم يمر 60% من التجارة البحرية عبر آسيا، ويحمل بحر الصين الجنوبي ما يُقدَّر بنحو ثلث الشحن العالمي.
كذلك تنقل الصين ما يقرب من 90% من تجارتها عن طريق البحر، وهو ما يُشكِّل 52% من إجمالي الناتج المحلي الصيني، بخلاف حقيقة أن 80% من واردات النفط الصينية تأتي عن طريق البحر.
مناورات بكين وكسر السلاسل الأميركية
في مواجهة هذه المخاطر، شرعت الصين منذ قرابة عقدين في عملية تحديث عسكري نشطة للتعامل مع المخاطر الجديدة، بدأت عام 2008، وتبلورت مع صعود الرئيس شي جين بينغ إلى السلطة عام 2013 وإطلاق مبادرة الحزام والطريق، وهو مشروع ضخم للبنية التحتية يربط الصين بالعالم من خلال 6 ممرات اقتصادية، وهو ما تطلَّب تحديث عقيدة الصين الدفاعية بما يسمح بحماية مصالحها في الخارج.
وتماشيا مع هذه العقيدة، انخرطت الصين في تحالفات مشتركة مع حلفائها الإقليميين بهدف بناء دفاع مشترك في مواجهة أميركا وحلفائها.
في مقدمة هؤلاء الحلفاء تأتي كوريا الشمالية وميانمار، وبدرجة أقل فيتنام التي لا تزال تتأرجح بين واشنطن وبكين. وقد استثمرت الصين في هذه الدول عسكريا وسياسيا واقتصاديا، بدرجات متفاوتة، خلال العقود الماضية في إطار جهودها لتشييد ما يمكن وصفه بـ”السياج الأمني”، وهو جدار دفاعي إقليمي يعتمد على توظيف الجغرافيا والتضاريس عسكريا لتحقيق توازن أمام التهديدات المتوقعة من أميركا وحلفائها.
يتسق ذلك مع الرؤية الأمنية الأكثر شمولا للصين لمنطقة المحيطين الهادي والهندي، التي تنطوي على دمج جوانب مختلفة، سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، وذلك في إطار إستراتيجي متماسك يهدف إلى حماية سيادة الصين ومصالحها التنموية.
وتُصنَّف كوريا الشمالية وميانمار تحديدا تحت ما يُسمى بـ”الدول العازلة” بالنسبة إلى الصين، وتُعرف الدول العازلة بأنها دول أصغر تقع بين قوتين أكبر متنافستين غالبا، وتلعب دورا حاسما في الحفاظ على توازن القوى، ويمكنها التأثير على ديناميكيات العلاقات الدولية، عبر التصرف بشكل مستقل أثناء التنقل بين مصالح جيرانها الأكثر قوة.
بشكل أكثر تحديدا، غالبا ما يُنظر إلى كوريا الشمالية (شرقا) على أنها حاجز مهم للصين ضد الوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية واليابان. وتنبع الأهمية الجيوسياسية لشبه الجزيرة الكورية من قربها من حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين والقواعد العسكرية الأميركية؛ ما يجعل كوريا الشمالية حاسمة لإستراتيجية الأمن القومي الصينية. ومن خلال دعم بيونغ يانغ، تهدف الصين إلى منع إنشاء نظام معادٍ إلى الشرق، ومن ثم الحفاظ على عمق إستراتيجي ضد التهديدات المتصورة من الولايات المتحدة.
لذلك، حافظت بكين على علاقاتها مع بيونغ يانغ رغم العقوبات الغربية القاسية التي فُرضت عليها بسبب التجارب النووية والصاروخية. وفي عام 2016، اعترضت الصين على قرار أميركا والصين نشر منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية “ثاد” في كوريا الجنوبية، حيث رأت بكين أن نشر المنظومة لا يستهدف فقط كوريا الشمالية، لكنه يهدف إلى مراقبة أنظمة توصيل الأسلحة النووية الصينية.
ردا على ذلك، ضاعفت الصين مرور سفنها في البحر الأصفر (شرق الصين وغرب شبه الجزيرة الكورية، وهو الجزء الشمالي من بحر الصين الشرقي) ثلاث مرات بين عامي 2016-2018، وعززت تحالفها مع كوريا الشمالية، وصولا إلى إعلان عام 2024 بأنه عام الصداقة بين البلدين.
تخدم ميانمار الواقعة جنوبا غرضا مماثلا بالنسبة إلى الصين، وإن اختلفت الجغرافيا، حيث تُمثِّل حاجزا طوبوغرافيا جزئيا بينها وبين الهند، وهي قوة إقليمية كبرى أخرى. وتهدف استثمارات الصين في ميانمار، خاصة في مشاريع البنية التحتية مثل خطوط الأنابيب، إلى تأمين طريق بديل للطاقة، وفي الوقت نفسه مواجهة النفوذ الهندي في جنوب شرق آسيا.
ويسمح النفوذ الصيني على نايبيداو بالاستفادة منها بوصفها ثغرة في الطوق الجغرافي الذي تحاول أميركا فرضه على الصين، ما يمنح الصين مناعة دفاعية طبيعية لا تقل أهميتها عن التعزيزات العسكرية من السفن والصواريخ والطائرات.
عملت بكين على رفع حضورها البحري في ميانمار بعد الانقلاب العسكري عام 2021، مستغلةً موقعها بوصفها وسيطا مقبولا بين الحكومة العسكرية والجماعات السياسية الأخرى في البلاد، حيث أجرى البلدان تدريبات بحرية مشتركة في خليج البنغال تحت شعار “تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة القرصنة”.
ويمنح الوصول المفتوح إلى خليج البنغال الصين مسارا بديلا لواردات الطاقة حال إغلاق مضيق ملقا، كما يمنحها حضورها في ميانمار، بجانب وجودها في باكستان، القدرة على تطويق الهند إستراتيجيا.
أبعد من ذلك، يمكن أن تعمل قاعدة بحرية مستقبلية للصين في خليج البنغال جسرا يسمح لبكين بمزيد من التقدم في إستراتيجية “سلسلة اللؤلؤ” في حوض المحيط الهندي، وهي إستراتيجية تهدف في المقام الأول إلى خلق بدائل لكسر السلسلة الأميركية التي تعمل الولايات الأميركية وحلفاؤها على تطويق الصين بها.
بشكل لا يقل أهمية، تُعد العلاقات مع روسيا (شمالا) ركيزة مهمة بالنسبة إلى بكين، رغم الحضور المتحفظ لموسكو في ساحة المنافسة الرئيسية بين الصين وأميركا في بحار الصين والمحيط الهادي. تشكَّلت ملامح علاقة إستراتيجية بين البلدين مطلع عام 2010، حيث أجرت الصين وروسيا تدريبات بحرية في البحر الأصفر؛ ما أبرز الروابط العسكرية المتنامية بينهما.
ودخل التعاون العسكري طورا جديدا مطلع عام 2012، بعدما نفَّذتَا مناورات “البحر المشترك”، وهي مناورات شبه دورية تُنفَّذ غالبا في بحر الصين الجنوبي وبمشاركة القوات البحرية والجوية، وتوسعت تلك المناورات لأقاليم بعيدة عن الصين وشرق آسيا لتكون المناورة الأولى في البحر المتوسط عام 2015.
لاحقا، أُضيفت للمناورة تدريبات بالذخيرة الحية ومعارك مضادة للغواصات في عام 2017؛ ما عزز التعاون البحري ونقله إلى مرحلة متقدمة. وفي عام 2018، نُفِّذت المناورات في بحر البلطيق، ثم نُفِّذت في بحر اليابان عام 2021. وفي أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، شاركت الصين في مناورات “فوستوك 2022” مع روسيا بـ2000 جندي من جيش التحرير الشعبي، وركّزت على العمليات الهجومية والدفاعية المشتركة. وفي عام 2023، نفَّذ البلدان دوريات بحرية مشتركة في المحيط الهادي بوصفها جزءا من التنسيق العسكري الأوسع بين البلدين.
وفي سبتمبر/أيلول 2024، وقع أحد أكبر التدريبات البحرية منذ الحقبة السوفيتية، بمشاركة أكثر من 400 سفينة حربية وغواصة وسفينة دعم من كلٍّ من روسيا والصين تحت اسم مناورات “المحيط 2024″، التي أُقيمت في بحر اليابان وبحر أوخوتسك. وقد شملت التدريبات سيناريوهات عملياتية مختلفة، مثل صد العدوان واسع النطاق والدفاع عن القواعد البحرية، كما تضمنت تدريبات الدفاع عن الاتصالات البحرية وإجراء سيناريوهات قتالية مختلفة.
في غضون ذلك، تسعى موسكو وبكين لتطوير تعاونهما العسكري إلى إطار إقليمي يشمل قوى متعددة. مثلا في يوليو/تموز 2023، اقترح وزير الدفاع الروسي السابق، سيرغي شويغو، خلال زيارة إلى بيونغ يانغ تنفيذ تدريبات بحرية ثلاثية بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، وهي المرة الأولى التي تُدعى فيها كوريا الشمالية للمشاركة في تدريبات مشتركة مع الصين وروسيا، وكان ذلك وسط توترات متزايدة في شرق آسيا، واستجابة للترتيبات الأمنية بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، التي يُشار إليها باسم “جاروكوس”.
كل تلك التدريبات، والمناورات البحرية، وبناء الدفاعات الإقليمية، تُشير إلى عزم الصين على كسر السلاسل التي بنتها الولايات المتحدة مع حلفائها في الإقليم. يمكن تشبيه الأمر كله بـ”سياج جغرافي عظيم” على منوال “سور الصين العظيم”، الذي طالما حمى الصين من تهديدات الغزاة على مدار أكثر من ألفَيْ عام. يعزز هذا السياج أمن الصين، وتأمل بكين أن يمدها بعمق إستراتيجي حال قررت التمرد على سلاسل الحصار الأميركية، والمروق بكامل قوتها إلى البحار المفتوحة.