تدشين أكبر كنيسة بالشرق الأوسط قرب مغطس المسيح بالأردن
عمّان- في حدث تاريخي لافت، شهد موقع “المغطس” في منطقة الأغوار بالأردن تدشين واحدة من أكبر الكنائس في الشرق الأوسط، وأكبر كنيسة في العالم تحمل اسم “كنيسة معمودية السيد المسيح”، إذ يعتبر المغطس أحد أقدس المواقع المسيحية في العالم، حيث يعتقد المسيحيون أن المسيح قد نال المعمودية فيه من نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان.
وترأس أمين سر دولة الفاتيكان المبعوث الشخصي للبابا فرانشيسكو، الكاردينال بيترو بارولين، احتفال تدشين وتكريس الكنيسة المعمودية التابعة للبطريركية اللاتينية، الجمعة في موقع المغطس، بحضور عدد كبير من الشخصيات الرسمية والدينية والدولية، كبطريرك القدس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إضافة إلى آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وأضفى هذا الحضور الواسع والرفيع على المناسبة بعدا عالميا، عكس المكانة الكبيرة التي تحتلها هذه الكنيسة في تاريخ الكنيسة المسيحية، وارتباطها الوثيق بالتراث الديني والروحي في المنطقة.
الأقدس لدى المسيحيين
وبحسب القائمين على الاحتفالية، تعتبر كنيسة معمودية السيد المسيح رمزا للوحدة والسلام والتعايش، ما يجعلها علامة بارزة على المستوى الديني والثقافي على مستوى العالم، كونها الأكثر قداسة لدى المسيحيين لقربها من نهر الأردن، مما يعزز دور الأردن في التسامح الديني والعيش المشترك بين مختلف الأديان والمذاهب.
وأكد على ذلك بطريرك القدس الكاردينال بييرباتستا بيتسابالا في كلمته خلال الاحتفال، بقوله إن “الأردن أرض مقدسة وآمنة”، وأضاف “من أخفض بقعة في الأرض، نرفع صلواتنا إلى أعالي السماء، ليخفف الله عن أهل غزة وفلسطين والسودان وفي كل مكان من هذا العالم، لينعم الجميع بالسلام الدائم”.
وتعود قصة بناء الكنيسة إلى عام 2009، حين قرر العين (النائب) نديم المعشر بناء الكنيسة تكريما لذكرى وفاة ابنه في حادث سير وقع قرب المكان، لتتم الاستعانة بمهندسين من فرنسا والأردن، للبدء بوضع حجر الأساس لبناء الكنيسة، لتتظافر بعد ذلك جهود العديد من المتبرعين على المستوى المحلي والدولي لإنجاز هذا المشروع الكبير.
بنيت الكنيسة على مساحة 2200 متر مربع، بما يشمل الطابق السفلي والأرضي والجلاجل، ويتألف موقع الكنيسة من ديرين للرهبان والراهبات، وحدائق عامة، بالإضافة إلى المدخل ومنطقة لوقوف السيارات، وممر للقساوسة والرهبان، وتلة الصليب التي تطل على جبال القدس المحتلة.
كما استخدم في بناء الكنيسة التي تتسع في بنائها الحالي إلى ما يزيد على ألفي شخص من المصلين، الحجر “التفوحي” الذي يميل إلى اللون الأصفر، وهو من حجارة مدينة الخليل الفلسطينية، أما النوافذ الملونة فقد صُنعت في لبنان على نمط نوافذ كاتدرائية “نوتردام دي شارتر” في شمال فرنسا، التي تُعتبر واحدة من أروع وأهم معالم العمارة القوطية في العالم.
حدث تاريخي
وحول أهمية بناء كنيسة معمودية السيد المسيح، لفت الأب الدكتور رفعت بدر، وهو مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام والناطق الرسمي لتدشين الكنيسة، إلى أن المسيحيين في الأردن والعالم “أمام حدث تاريخي”، من خلال بناء أكبر كنيسة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف الأب بدر “نحن أمام واقع جديد، وحدث استثنائي ستكون له انعكاسات إيجابية على السياحة في الأردن، كون المكان الذي بنيت فيه الكنيسة يعتبر الأقدس لجميع الطوائف المسيحية في العالم”.
وقال الأب بدر، في حديثه للجزيرة نت، إنه قد أُنفق على بناء الكنيسة 11 مليون دينار أردني (15.5 مليون دولار أميركي)، واستمر العمل على بنائها 15 عاما، وأوضح أن سبب طول فترة بناء الكنيسة يعود للحجارة الدقيقة التي بنيت بها، بالإضافة إلى الزخارف والخطوط والنقاط والأشكال الهندسية الأخاذة، والفسيفساء الجميلة النادرة التي تزينت بها الكنيسة.
وبعد تدشينها الرسمي، تنضم الكنيسة المعموديّة إلى كوكبة الكنائس التاريخية والمهمة في بلاد الشام، ككنيسة البشارة في مدينة الناصرة، وكنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في مدينة القدس، عدا عن اعتمادها كمزار حجٍ في العام الجاري 2025 الذي تحييه الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم أجمع.
وكان مجلس اليونسكو العالمي قد سبق وأن أدرج موقع “المغطس” المجاور لنهر الأردن ضمن قائمة التراث العالمي، بعد استيفائه جميع شروط هذه القائمة الدولية، وهو من أبرز وجهات الحجاج المسيحيين على مستوى العالم، وأحد أقدس المواقع الدينية لجميع الطوائف المسيحية عالميا.