إشارات الشبع لماذا يصعب على البعض الاستماع إليها؟
يصعب على البعض ضبط شهيتهم رغم تناولهم لوجبات طعام كاملة ومتوازنة. ويرجع خبراء التغذية أسباب ذلك إلى بعض العادات الغذائية اليومية السيئة. فتحتل السمنة وزيادة الوزن المركز الأول في المشاكل الصحية في عصرنا الحالي. رغم تعدد الأسباب، إلا أن عدم التحسس لإشارات وعلامات الشبع عند تناول الطعام هو من أوائل العوامل المسببة لهذه المشكلة. للتعرف أكثر إلى هذا الموضوع التقت «سيدتي» أخصائية التغذية العلاجية، غزل الغبن، وعادت بالآتي.
العناوين الجانبية اخفاءأخصائية التغذية العلاجية غزل الغبن:
عند تناولنا لطعام ذي قيمة غذائية ضئيلة وعالي بالسعرات مقارنة بالحجم فإن هذا يؤخر بعض إشارات الشبع
ما هو الشبع؟ وما هي إشاراته؟
الشبع هو ما يدفعنا للتوقف عن الأكل عند الشعور بالاكتفاء، وبالتالي هو ما يحدد الكمية المتناولة في الوجبة. والشبع بالطبع يتأثر بالعديد من العوامل البيولوجية والحسية والاجتماعية والسلوكية، وله إشارات تثير الشعور به.
وتنبع إشارات الشبع من الجهاز الهضمي أثناء تناول الوجبة، وهي تؤدي عملها عن طريق التأثير على الأعصاب الحسية في الدماغ الخلفي. عندما نتناول الطعام، يتفاعل الأخير مع جدار المعدة والأمعاء لتفرزا العديد من الإشارات والببتيدات التي تحفز عمل الجهاز الهضمي. هذا علماً أنّ بعض وأهم هذه الإشارات/ الهرمونات هي: CCK, GLP-1,GLP-2, Amylin, Ghrelin, Leptin.
تحسس الإشارات
كيف يتحسّس الدماغ هذه الإشارات؟
- عند تمدّد أعضاء الجهاز الهضمي، ما يدل الدماغ على حجم وكمية الطعام المتناولة.
- الهرمونات التي تفرز عند تفاعل الطعام مع الجهاز الهضمي، تجري في الدم لتتحسّسها أعضاء هذا الجهاز والأعضاء المجاورة والتابعة له.
- المغذيات الموجودة في الطعام المهضوم التي ترسل إشارات للدماغ بالشبع.
- تخزن ذاكرة الدماغ معلومات، قد يسميها البعض (لوغاريتمية) تدفعنا للتوقف عن الأكل عند وصولنا للكمية التي اعتدنا تناولها.
في أي حالات يحصل عدم التحسس لهذه الإشارات؟
رغم تعدد طرق تحسس الدماغ لإشارات الشبع، إلا أنه من السهل على دماغنا تجاهلها في ظروف معينة.
تابعي المزيد: فوائد الكاكاو للتخسيس.. تطلعك عليها طبيبة تغذية
عوامل مؤثرة
بعض العوامل والحالات التي يصعب فيها علينا أن نميز إشارات الشبع:
- العامل النفسي: أغلبنا يتأثر أكله بحالته النفسية، ونسبة كبيرة منا تتجه للطعام عندما تشعر بالحزن، أو الملل، أو حتى الفرح. عندما يكون الدماغ تحت تأثير هرمونات أخرى، مثل هرمونات السعادة، أو التوتر، أو الحزن، يمكننا القول إن الدماغ لا يتحسس لإشارات الشبع، كما هو الحال في الوضع الطبيعي، ما يدفعنا للأكل بكميّة أكبر من المعتاد. كما أثبتت الدراسات، أن الاكتئاب والتوتر مرتبطان بالإفراط في الأكل. عليك باستشارة اخصائي التغذية لمعرفة الخطوات والتمارين التي تساعدك في تمييز الجوع العاطفي عن الحقيقي، وليرشدك إلى التصرف الصحيح في حالة جوع العاطفة.
- تناول الطعام بشكل سريع: إفراز إشارات الشبع وتحسس الدماغ لها يشكّلان عملية معقدة وتأخذ وقتها لتتم. وعندما نتناول الطعام بسرعة، فإننا لا نعطي أنفسنا الفرصة للاستماع لجسدنا لمعرفة متى علينا التوقف، وكأننا نتسابق مع جهازنا العصبي والحسي.
- تناول الطعام بأوانٍ كبيرة: قد سمعت من قبل مقولة: «العين هي التي تأكل». جزء من هذه المقولة صحيح، فعندما نأكل بأوانٍ كبيرة، نميل لسكب كمية أكبر مما نحتاجه فعلياً. وعندما نرى الطبق، فهذا يعطي إشارة للدماغ بأننا سنشعر بالشبع عندما ننهي هذا الطبق، وحتى إذا أرسلت الإشارات من الجهاز الهضمي بالشبع، فإن الإشارات المرسلة من الجهاز الحسي حول الطبق اللذيذ الذي لم ينته بعد، هي السائدة في هذه الحالة. لذا لن نشعر بالشبع حتى ننهي طبقنا الكبير.
- الانشغال بأنشطة أخرى: اعتاد بعضنا عدم الاستمتاع بالأكل من دون مشاهدة حلقة جديدة من مسلسلنا المفضّل، أو ربما مشاهدة فيديو على اليوتيوب. أثبتت الدراسات أن الانغماس بأنشطة أخرى أثناء تناول الطعام يؤدي إلى تناول حتى 300 سعرة حرارية أكثر من الاحتياج. لأننا، كما ذكر من قبل، لا نستمع بصفاء لجسدنا، لذا لن نستمع لإشارات الشبع لأن تركيز دماغنا مشتت في مكان آخر.
- الاعتماد على الأطعمة المعالجة: الكثير منا يعتمد في العصر الحالي على الأطعمة المعالجة والمكرّرة (مثل اللحوم الباردة والمعلبات والخبز الأبيض وحبوب الإفطار)، والكثير من المكونات الأخرى التي تملأ أرفف السوبرماركت. كلّ هذه الأطعمة اقتصادية، سهلة التحضير والتخزين، ولها مدة صلاحية طويلة الأمد.
دراسات
أجريت دراسة على مجموعتين من الناس، الأولى كانت تعتمد بتغذيتها على الأطعمة المصنعة، والثانية اعتمدت على الأطعمة غير المعالجة، كلاهما لم تحدد لهم كمية معينة (توقفوا عند الاكتفاء). بعد انتهاء الدراسة تبيّن أن الفئة الأولى تناولت 500 سعرة حرارية أكثر في اليوم من الفئة التي تناولت أطعمة غير معالجة، مقسمة بين الدهون والنشويات. تشير نتائج بعض الدراسات أن للأطعمة المصنعة تأثيراً على ترجمة إشارات الشبع في الدماغ، وكأننا أصبحنا مدمنين على هذا الطعام، ودماغنا يسعد جداً عند تناوله، لذا فإنه لا يستمع للشعور بالشبع حتى فوات الأوان.
تابعي المزيد: طرق الوقاية من أمراض الجهاز الهضمي
الخيارات الفقيرة بالقيمة الغذائية
بعض إشارات الشبع ترسل عندما تتمدد المعدة والأمعاء بدخول الطعام. ولكن عند تناولنا لطعام ذي قيمة غذائية ضئيلة وعالي بالسعرات مقارنة بالحجم (poor quality – calorie dense foods) كالوجبات السريعة أو المخبوزات، فإن هذا يؤخر بعض إشارات الشبع، وبالتالي يسمح لنا بتناول كمية أكبر من تلك التي توصلنا للشبع.
إذا تناولت على سبيل المثال بيتزا (عالية السعرات الحرارية، الدهون والنشويات وفقيرة بالألياف/الخضروات)، لا تنسى أن إشارات الشبع النابعة من تمدد المعدة والأمعاء لن تفرز حتى تتمدد بحد معين. هنا ستضطرين لتناول كمية كبيرة جداً من الوحدات الحرارية مما تحتاجينه للشبع، قبل أن تبدأ أعضاء جهازك الهضمي بالتمدّد والامتلاء. لأن حجم الشريحة الواحدة صغير جداً مقارنة بما تحويه من طاقة. بينما عندما تتناول على سبيل المثال شريحة من الستيك مع الخضار المشوية والأرز، فإنك تسمحين لجهازك الهضمي بالتمدد والامتلاء بالشكل الطبيعي من أطعمة ذات قيمة غذائية عالية وسعرات حرارية تغطي احتياجك دون الزيادة.
هرمون السمنة leptin
هو أحد أهم هرمونات الشبع الذي يفرز من الخلايا الدهنية. المستويات العالية من هذا الهرمون تؤدي إلى شعور أقل بالجوع. قد تظنين أنه كلما زادت الخلايا الدهنية في أجسامنا يفترض أن نشعر بالشبع أسرع، والحقيقة، كلما زادت الدهون في أجسامنا زادت مقاومة وعدم تحسس أجسامنا لهذا الهرمون، فهو يُفرز بكمية أكبر، ولكن لا يستمع الجسم لهذا النوع من إشارات الشبع كما يجب.
تابعي المزيد: 10 أطعمة تملك أدنى مؤشر نسبة السكر في الدم