المشروع النووي السعودي..تعتزم المملكة بناء مفاعلين نوويين كبيرين
المشروع النووي السعودي على قدم وساق، تسابق السعودية الزمن لإنتاج طاقة نووية سلمية، حيث تسعى المملكة
لإنشاء صناعة نووية محلية من خلال مفاعلات منخفضة التكلفة؛ تحسباً للنمو الكبير في استهلاك الطاقة على المستوى المحلي.
ويعتزم المشروع النووي السعودي في بناء مفاعلين نوويين كبيرين في إطار برنامج إنشاء 16 مفاعلاً نووياً خلال
السنوات العشرين المقبلة، بتكلفة تفوق عتبة 80 مليار دولار.
ووضعت المملكة خطة وطنية لتمكين الطاقة الذرية من المساهمة في مزيج الطاقة الوطني لتلبية متطلبات التنمية
الوطنية، وجعل الطاقة الذرية جزءاً من منظومة الطاقة لضمان بقاء المملكة رائدة وفاعلة في مجال الطاقة ضمن
مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وتريد السعودية من إنتاج الطاقة الذرية الاستفادة منها في توليد الكهرباء، والمساهمة في معالجة الشح المائي الذي
تعاني منه المملكة عبر التوسع في استخدام الطاقة الذرية لتحلية المياه المالحة.
وقامت “مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية” منذ إنشائها على تطوير جوانب البنية التحتية وفق منهجية الوكالة الدولية
للطاقة الذرية، وقامت في عام 2018 باستضافة بعثة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية التي قامت بها الوكالة بناء على طلب المملكة.
وتؤكد مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة أنها بدأت الدراسات الفنية لتحديد وتهيئة المواقع وتجهيز البنية
التحتية لها لبناء أول محطة للطاقة النووية في المملكة تحتوي على مفاعلين.
وتوضح المدينة أنها حرصت على أن تكون هذه الدراسات مؤسسة على متطلبات ومعايير هيئة الرقابة النووية
والإشعاعية والمتفقة مع أحدث المعايير المستمدة من إرشادات وتوصيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واعتمدت المملكة في المدينة المتخصصة، مفاعلات الماء الخفيف المضغوط كخيار مثالي للمفاعلات المنتجة للطاقة الكهربائية.
مشروع تنموي
بعد ذلك بدأت المملكة التجهيز لإعلان الشركة الفائزة بعقد تقديم الخدمات الاستشارية لأول مشروع نووي في المملكة، وذلك
ضمن مشروع تنموي كبير لتنويع مصادر الطاقة في البلاد.
ووفق ما ذكرت شبكة “سي إن بي سي عربية”، 27 أغسطس الماضي، نقلاً عن مصادر لم تسمها، فإن إعلان
السعودية للشركة الفائزة يأتي بعد منافسة خاضها العديد من الشركات العالمية، وأبرزها “Deloitte”، و”EY”، و”HSBC”، و”PwC”.
وبحسب المصادر يقترب المسؤولون في مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة من تعيين الشركة التي ستقوم
بخدمات التدقيق المالي للمشروع النووي، وقد تتم عملية الاختيار في سبتمبر أو أكتوبر 2021.
وستكون مدة العقد 4 سنوات من أجل دراسة جدوى المشروع بالكامل، كما يقع على عاتق الشركة الفائزة اختيار
أفضل العروض لبناء المفاعل النووي، وتستمر الخدمات الاستشارية للشركة حتى الانتهاء من المشروع.
علاوة على ذلك أعلنت السعودية، في عام 2019، بأن برنامجها للطاقة النووية سيبدأ بمفاعلين يبلغ مجموعهما 3-4 غيغاواط،
وستقوم لاحقاً بتقييم احتمال توسيع قطاع الطاقة النووية لديها، بناء على احتياجاتها.
وتؤكد السعودية عزمها الاحتفاظ بحقها في تخصيب اليورانيوم كجزء من برنامجها للطاقة النووية؛ حيث تخطط
لاستخراج اليورانيوم المحلي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي.
وتشير الدراسات الأولية إلى أن السعودية تمتلك ما يقدر بنحو 60 ألف طن من اليورانيوم الخام.
إمكانيات السعودية
وتخطط شركة “روساتوم” الروسية لتجهيز مشروع محطة الطاقة النووية السعودية، بتقنية الجيل الثالث المعروفة
باسم “في في آر-1200″، ومعروف عن المفاعل امتلاكه أنظمة السلامة الأكثر تطوراً، والتي تتوافق تماماً مع المعايير الأمنية الدولية ومتطلبات السلامة بعد حادثة “فوكوشيما”.
وفي ديسمبر 2017، وقَّعت شركة “روساتوم” للطاقة النووية ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، على
خارطة طريق للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وهنا يشير الخبير في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، إلى “أهمية المفاعلات النووية في مستقبل الطاقة النظيفة بالنسبة
للمملكة، لذا سعت لتطوير برنامجها السلمي للطاقة الذرية عبر عدة اتفاقات مع روسيا لدراسة إنشاء محطات نووية من الجيل الجديد لتحلية المياه”.
في حين، أشار الشوبكي إلى “التعاون الكبير مع الصين في مشروع العُلا لإنتاج الكعكة الصفراء من
اليورانيوم الطبيعي المتوافر في المملكة بكميات تجارية، وهي بذلك تسعى لتقليل اعتمادها على الموارد الهيدروكربونية”.
وتابع في هذا السياق أن “من شأن إنتاج الطاقة النووية والطاقة النظيفة أن يوفر ما كانت تستهلكه المملكة من الطاقة
الهيدروكربونية محلياً، وأن يسمح لها بزيادة صادراتها من النفط والغاز، فضلاً عن السعي الحثيث لتنويع مصادر
الدخل، وبذلك تكون نهاية عصر النفط قد بدأت”.