متحور فيروس كورونا الجديد يدفع الاقتصاد العالمي لحافة الهاوية.. ما مصير الخليج؟
يوجه متحور فيروس كورونا الجديد “أوميكرون ” يدفع الاقتصاد العالمي لحافة الهاوية و ضربة للآمال المتفائلة بأن اقتصاد العالم سيدخل عام 2022، ثابتا ما قد يقوض خطط صانعي السياسات للتعافي من تداعيات الجائحة التي أنهكت دولهم.
وسيؤدي فرض قيود السفر إلى زعزعة ثقة المستهلكين وسيحد من الأنشطة الاقتصادية بعدد كبير من دول العالم خاصة مع بدء موسم عطلات أعياد الميلاد في أوروبا والغرب، يعني العودة إلى موجة الركود التي أنهكت اقتصادات العالم في العام 2020، بسبب قيود منع تفشي فيروس كورونا.
لكن هذا الركود لم تتضح معالمه بعد وإن كان سيضرب العالم من جديد، بانتظار أن يكتشف العلماء مدى تأثير لقاحات كورونا المتداولة حالياً على المتحور الجديد وإن كانت بالفعل سيمكنها مقاومته.
سيناريوهات
وسيكون السيناريو الأسوأ هو ما إذا كانت الطفرة تستلزم العودة إلى عمليات الإغلاق التي تعيق النمو، والتي من شأنها أن تهدد سلاسل التوريد المتوترة بالفعل وتضر بالطلب، وهذا من شأنه أن يجدد المخاوف بشأن موجة ركود ضخمة ستقود اقتصادات العالم نحو حافة الهاوية إذا ما استمرت لفترة طويلة.
وكانت الأسواق المالية قد شهدت تراجعاً بعد اكتشاف السلالة الجديدة من فيروس كورونا في أواخر نوفمبر الماضي التي تعتبر أكثر عدوى حسب المعلومات الأولية، وقد تتغلب على متحور “دلتا” الذي يهيمن حالياً.
وأعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، في تصريحات لها بـ2 ديسمبر الجاري، أن متحور “أوميكرون”، قد يشكل خطراً على الاقتصاد العالمي لحافة الهاوية ويتسبب بتباطؤ النمو الاقتصادي ويعرقل سلاسل التوريد.
وأشارت يلين إلى أن هناك غموضاً بشأن تأثير “أوميكرون” على الاقتصاد.
وقالت: “نأمل بأنه لن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ”، مضيفة أن “هناك غموضاً كبيراً، لكنه قد يتسبب بمشاكل ملحوظة. ونحن لا نزال نقيم الوضع”.
ورجحت يلين أن السلالة الجديدة من الفيروس قد تزيد من المشاكل في سلسلة التوريد، وتتسبب بنمو التضخم، وقد تسهم في تراجع الطلب، ما سيؤدي إلى تباطؤ النمو.
وحسب وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الأمريكية، فإن هناك عدة سيناريوهات لتأثر الاقتصاد بتداعيات ” أوميكرون”، أحدها يتضمن سيناريو هبوطي حيث تشهد موجة عدوى كبيرة بالربع الأول من العام المقبل تتسبب بتباطؤ النمو العالمي إلى 2% على أساس ربع سنوي بدلاً من
أما النتيجة الحميدة هي أن الطفرة لا تثبت أنها مهددة كما كان يُخشى في البداية، لكن ظهورها بمثابة تذكير بأن الوباء سيظل يمثل تهديداً الاقتصاد العالمي لحافة الهاوية ، ومن المحتمل أن يستمر لسنوات قادمة.
ونقلت الوكالة عن أليسيا جارسيا هيريرو ، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة “
Natixis SA”: “لم نصل بعد إلى حالة من الركود التضخمي بالاقتصاد العالمي، لكن سنة أخرى بدون التنقل عبر الحدود
واضطرابات سلسلة التوريد ذات الصلة، بسبب أومكيرون قد تدفعنا إلى هناك”.
ومع ذلك، يقول بعض الاقتصاديين إن التداعيات قد تكون أقل مما شوهد خلال ركود عام 2020.
تفاؤل حذر
وأظهر تقرير صدر في 1 ديسمبر الجاري، عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية، أنه على الرغم من أن
النمو كان متفاوتاً، فقد انتعش الاقتصاد العالمي هذا العام بسرعة أكبر وبقوة، مما كان متوقعاً.
إلا أن التقرير حذر من أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو بفعل “أوميكرون” في منطقة اليورو إلى 4.3% العام المقبل
من 5.2% في عام 2021 ؛ وفي الولايات المتحدة ، إلى 3.7% في 2022 من 5.6%.
ووصفت المنظمة نظرتها بأنها “متفائلة بحذر”. لكنها كررت مدى ارتباط الثروات الاقتصادية ارتباطًا وثيقًا بفيروس كورونا.
من جانبها، قالت كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لورانس بون، في تصريحات صحفية،
في 1 ديسمبر الجاري، إن “ظهور أوميكرون يزيد حالة عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد العالمي”.
وأضافت: “إذا كان هذا شيئاً يمكننا التعامل معه، مثل الفيروس الذي لدينا حتى الآن، فقد يطيل من الاضطرابات في
سلسلة التوريد، وقد يستغرق التضخم وقتاً أطول”.
وذكرت بون، أنه إذا تسبب الخيار الجديد في عمليات إغلاق أوسع وتراجع الثقة لدى المستهلكين، فقد يؤدي ذلك إلى
تقليل فرط الإنفاق وتثبيط الأسعار المتزايدة.
اقتصاد الخليج
ولكن ماذا عن اقتصاد دول الخليج العربي ومدى تأثره بهذه الموجة الجديدة من تفشي كورونا خاصة في ظل تراجع
أسعار النفط التي تمثل مصدراً أساسياً لواردات هذه الدول يصل أحياناً لـ90% من مواردها العامة.
يجيب الخبير الاقتصادي منير سيف الدين حول ذلك، في حديثه قائلا: “الاقتصاد الخليجي جزء لا يتجزأ من اقتصاد العالم وأي ضربة قد تواجه الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات متحور كورونا الجديد (أوميكرون) بالتأكيد ستجد
تداعيات لها في اقتصادات دول الخليج “.
وأضاف سيف الدين: “في حال تفشى الفيروس بشكل كبير وأظهرت اللقاحات المعتمدة حالياً ضد كورونا، فشلاً أمامه،
فهذا يعني أن يدخل العالم موجة إغلاقات جديدة ستؤدي إلى اضطراب سلسلة الإمدادات العالمية”.
وتابع: “العودة إلى المربع الأول ستعني تراجع الطلب بشكل كبير وإغلاق المصانع والمنشآت وتوقف حركة السفر
وانهيار أسعار النفط كل ذلك سيقود نحو ركود اقتصادي عالمي ولكن هذه المرة سيكون قاصما”.
وأوضح أن تأثير الركود هذه المرة سيكون أكبر لأن اقتصاد العالم لم يتعافى بعد من تداعيات كورونا بشكل تام.
ورأى الخبير الاقتصادي، أن منطقة الخليج العربي سيكون تأثرها المباشر بهبوط أسعار النفط ما سيؤدي إلى انكماش
اقتصادي فيها وستسجل موازناتها عجزاً جديداً بعد أن كان من المتوقع أن يتراجع هذا العجز في العام المقبل 2022، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط بالفترة الماضية لمستوى فوق الـ80 دولار.
وذكر أن هذا الركود في الخليج وبقية دول العالم سيكون مرتبطاً بطول وقصر مدة التخلص من “أوميكرون ” ففي
حال كانت اللقاحات الحالية مؤثرة في الفيروس أو ظهرت لقاحات جيدة فهذا يعني أن التعافي سيكون سريعا.
أما في حال زاد تفشي الفيروس ولم تعد المنظومة الصحية العالمية قادرة على التعامل معه ودخلنا في إغلاقات طويلة
لأشهر فسيكون اقتصاد العالم أمام اختبار صعب لا أظن أنه سينجح في تخطيه.
ورأى أن دول الخليج العربي لن تكون أكثر المتضررين في حال ضربت العالم موجة ركود كبيرة فهي تملك ثروات
جيدة لكن الدول الفقيرة ستواجه كارثة هائلة وربما يدخل بعضها في مجاعات حقيقية.