تحالف “دفاعي” تقوده واشنطن.. هل تستعين إسرائيل بدول المنطقة لمواجهة إيران؟
القدس المحتلة- لم يفاجئ إعلان وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، رسميا تأسيس “تحالف للدفاع الجوي المشترك في الشرق الأوسط” لمواجهة ما تصفه تل أبيب وحلفاؤها بالتهديدات الإيرانية، المراقبين والخبراء. بل رأى هؤلاء أن التطورات والتحولات السياسية في السنوات الأخيرة أسست لهذا الائتلاف الذي تقوده واشنطن بالشراكة مع تل أبيب.
ويعكس التحالف ما صرح به قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، عميكام نوركين، عند إنهاء منصبه في مارس/آذار الماضي، حيث قال “عندما نقول التحالف الدفاعي، نحن لا نتحدث عن خطة وهمية أو افتراضية، وإنما عن مشروع تحالفي يتطور على قدم وساق، وقد أصبح واقعيا وتتم ترجمته وتنفيذه بشكل متدرج على أرض الواقع بالشرق الأوسط”.
لا تأثير لمشاكل إسرائيل الداخلية
وكان قرار واشنطن قبل نحو عام بنقل إسرائيل من القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا إلى القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، بمثابة حجر الأساس لإطلاق هذا التحالف وتأسيسه وتوسيعه، مع التيقن بأن يكون لإسرائيل الدور الإقليمي والحيوي، فيما أتت اتفاقيات التطبيع (الاتفاقيات الإبراهيمية) لتعطي المظلة لهذا التحالف المتدرج، وفقا لوجهة النظر الإسرائيلية.
وبمعزل عن المستجدات الأخيرة في إسرائيل بحل الكنيست والتوجه لانتخابات برلمانية جديدة، وبغض النظر عن الحكومة الإسرائيلية التي ستتشكل بالمستقبل، يجمع الإسرائيليون على مواصلة هذا التحالف وتوسيع نشاطه.
ويعزي المراقبون ذلك إلى كون جوهر الإستراتيجية الإسرائيلية بما يتعلق بالتهديدات الإيرانية لم ولن تتغير، حيث إن تحركاتها ضد طهران تهدف للقضاء على المشروع النووي وتقويض التموضع العسكري الإيراني بسوريا، وتدمير ترسانة “حزب الله” وصواريخه.
دور مركزي لإسرائيل
أمام هذا الموقف الإسرائيلي المعلن والعمليات المنسوبة لتل أبيب ضد إيران، يقول محلل الشؤون العسكرية والأمنية في القناة الإسرائيلية “كان”، إيال عليمه، إن هذا “التحالف للدفاع الجوي” يعبر عن التقاء المصالح الإقليمية لإسرائيل ودول الشرق الأوسط وكذلك أميركا.
وأشار عليمه للجزيرة نت إلى أن الترتيبات الأمنية الإقليمية الجديدة التي استعرضها غانتس في تصريحاته تخدم أيضا إسرائيل، خصوصا في ظل تعزيز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وفشل كبح التموضع العسكري الإيراني في سوريا، في وقت تواصل فيه طهران التقدم بالمشروع النووي.
وهذا التحالف، برأي عليمه “لربما مؤشر على أن أميركا ستبقى في الإقليم، ولن تسمح لإيران بالتفرد بالمنطقة، خصوصا أن واشنطن ستترأسه وسيكون لإسرائيل دور مركزي به نظرا لقدراتها الأمنية والعسكرية والدفاعية الجوية”.
مأسسة التحالف
ويرى المحلل العسكري الإسرائيلي أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة تدفع نحو مأسسة التحالف الدفاعي الجوي، إذ تعلق القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية آمالا على نتائج للشرق الأوسط من أجل تعزيز هذا التحالف لتكون السعودية شريكا محوريا فيه، وهو ما يعتبر بالنسبة لتل أبيب مساهمة أمنية وعسكرية، وقد تكون له مزايا سياسية تمهّد للتطبيع.
واستبعد عليمه أن يكون للأوضاع السياسية الإسرائيلية تأثيرات على مستقبل هذا التحالف الذي تقوده أميركا، مشيرا إلى أن تأكيد البيت الأبيض أن زيارة بايدن للمنطقة ستكون كالمعتاد رغم حل الكنيست وبمعزل عن التغييرات السياسية الإسرائيلية، يؤكد جدية واشنطن لتدعيم وتوسيع هذا التحالف للحفاظ على مصالحها الإقليمية التي تتقاطع مع مصالح إسرائيل ودول عربية وإسلامية بالمنطقة.
نتائج محدودة مقابل إيران
وردا على سؤال إذا ما كان تشكيل التحالف يعكس فشل إسرائيل في التصدي للتهديدات الإيرانية، أجاب عليمه أن “تشكيل هذا التحالف يعبر عن التقاء المصالح الإقليمية للدول التي تنطوي تحت مظلته، علما أن المعركة التي تخوضها إسرائيل ضد إيران حققت نتائج محدودة، ولم تكن بالمستوى الذي تصفه وتروّج له تل أبيب”، مضيفا أن هذا الواقع يأتي “بينما تتجه طهران لتصنيع قنبلة نووية”.
ويقول المحلل العسكري إن “إسرائيل لم تنجح بالكامل بتقويض نفوذ إيران ولم تتمكن من كبح تموضعها العسكري في سوريا، فيما يواصل حزب الله التسلح لدرجة أنه يملك صواريخ دقيقة تشكل خطرا إستراتيجيا على إسرائيل”.
شراكة في كل المجالات
من ناحية أخرى، يعتقد مدير معهد “ميتفيم” المتخصص في السياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط نمرود جورن، أن التحالف يعكس مرحلة جديدة ومتغيرة من الدبلوماسية والعلاقات المدنية والأمنية، والتبادل التجاري والصناعي في الشرق الأوسط، وهي التحولات التي وضعت اتفاقيات التطبيع حجر الأساس لها.
وأوضح جورن للجزيرة نت أن التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة مهّد لجعل التحالفات والشراكة بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية واقعية في كافة المجالات ومنها التعاون الأمني والعسكري، وعدم اقتصار العلاقات على رؤساء الأنظمة “كشخص رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، الذي أبقى على التطبيع في دائرة أهدافه الشخصية وليس بسياق مصالح إسرائيل”.
ورغم ذلك، يرجح الخبير الإسرائيلي أن إخراج “تحالف الدفاع الجوي” إلى حيز التنفيذ ما كان ليتحقق دون الدبلوماسية الجديدة لحكومة بينيت – لبيد، التي حققت خلال عام واحد إنجازات غير مسبوقة بإخراج إسرائيل من عزلتها أوروبيا وتوسيع دائرة التطبيع معها وتعزيز العلاقات مع مصر والأردن وتركيا.
ليس ضد إيران وحدها
ويعتقد جورن أن بناء “تحالف للدفاع الجوي في الشرق الأوسط” يعكس تقاطع المصالح بين إسرائيل والدول العربية ومؤشرا لبقاء أميركا في المنطقة وليس فقط من أجل مواجهة “التهديدات الإيرانية”، مشيرا إلى أن إسرائيل ولعقد ونيف من الزمن نسّقت ومن وراء الكواليس مع دول عربية وإسلامية لمواجهة إيران.
وبالتالي، يقول الخبير الإسرائيلي إن “مثل هذه التحالفات تعكس حالة من التعاون الأمني والعسكري العام بين البلدان، ولن تكون موجهة فقط ضد تهديدات إيران التي تلتقي مصالحها مع دول عربية وإسلامية، وهي الدول التي لن تكون مستعدة لخوض أي حرب نيابة عن إسرائيل”.