الاخبار العاجلةسياسة

مقال في ناشونال إنترست: حرب روسيا في أوكرانيا قد تنتهي بكارثة

نشرت مجلة “ناشونال إنترست” (National Interest) الأميركية تحليلا تناول تطورات أحداث الحرب الروسية الأوكرانية والمسارات التي قد تفضي إذا سلكتها الحرب إلى استخدام السلاح النووي.

ويشير مقال المجلة إلى أن احتمال استخدام السلاح النووي في حرب أوكرانيا منخفض، لكنه ليس معدوما. ولذلك فإن المحللين الذين يجزمون سريعا باستبعاد احتمال حدوث تصعيد نووي، ومعظم أولئك الذين يعربون عن خشيتهم من تطور الصراع إلى حرب نووية، يبالغون في تبسيط المسارات العديدة للحرب التي يمكن أن تؤدي إلى استخدام السلاح النووي عن قصد أو غير قصد.

ويقول كاتبا المقال، جيلز ديفيد أرسينو، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة كولورادو (The University of Colorado) الأميركية وراشيل تيكوت الأستاذة المساعدة في قسم البحوث الإستراتيجية والتشغيلية في كلية الحرب البحرية الأميركية (The U.S. Naval War College)، إن تحديد تلك المسارات بوضوح من شأنه مساعدة صناع القرار على فهم الخيارات السياسية المثلى التي يمكن أن تعزز أهداف الولايات المتحدة وحلفائها على نحو آمن، والسياسات التي ينبغي التعامل معها بمستوى كبير من الحذر وضبط النفس.

خيار استخدام السلاح النووي

يُذكّرُ المقال بأنه في اليوم الذي انطلق فيه “الغزو” الروسي لأوكرانيا، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن أي معارضة للجهود الروسية ستؤدي إلى عواقب “لم تروها في تاريخكم بأكمله”. وبعد مضي أيام من الحرب، وضع بوتين القوة النووية الروسية في حالة تأهب قصوى.

وتكررت التهديدات النووية من قبل روسيا منذ بداية الصراع وحتى الآن، حيث حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القادة الغربيين مؤخرًا من أن مخاطر الحرب النووية أصبحت الآن “كبيرة”.

ويشير الكاتبان إلى أنه بالرغم من تلك التهديدات النووية العلنية، ما فتئ القادة الأميركيون والأوروبيون يشككون في احتمال استخدام السلاح النووي في الحرب، فبعد وقت قصير من قرار روسيا وضع قواتها النووية في حالة تأهب قصوى، تلقى الرئيس الأميركي جو بايدن سؤالا عما إذا كان على المواطنين الأميركيين القلق بشأن نشوب حرب نووية في أوروبا، فرد بايدن بـ”لا” ببساطة.

ويبدو أن 5 أشهر من التهديدات الفارغة باستخدام السلاح النووي قادت المحللين للتوصل إلى أن التصريحات الروسية “تفتقر للمصداقية”.

كما أن التأثيرات المدمرة واسعة النطاق للأسلحة النووية وكون استخدامها من المحرمات، يقود كثيرا من المراقبين للجزم بأن روسيا لن تستخدم السلاح النووي في أوكرانيا، لأن ذلك سيترتب عليه رد استثنائي وسيزدريها العالم بسببه، وفق مقال المجلة.

لذلك يرى الكاتبان أن المراقبين عموما، بمن فيهم أولئك القلقون بشأن إمكانية استخدام روسيا للأسلحة النووية يرون أن هذا الاحتمال غير مرجح. لكن هذا الرأي مبني على فرضية أن قرار استخدام الأسلحة النووية سيكون محسوبًا سياسيًّا وموجهًا بشكل هادف من قبل الرئيس بوتين.

وهذا الافتراض يتجاهل أحد التحديات التي تهدد استقرار الأزمة، وهو احتمال حدوث تصعيد نووي غير مقصود ودون هدف سياسي واضح.

ويشدد المقال على أن المخاوف المتعلقة باحتمال حدوث تصعيد نووي غير مقصود تستحق مزيدًا من الاهتمام عند مناقشة سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، إذ إن احتمال حدوث تصعيد غير مقصود أعلى من احتمال التصعيد المتعمد في ظل ظروف معينة، منها على سبيل المثال أن تلجأ روسيا إلى تعبئة قواتها النووية للإشارة إلى عزمها على حسم المعركة.

التصعيد النووي غير المقصود

يرجح الكاتبان أن يفكر بوتين في استخدام الأسلحة النووية إذا واجه هزيمة إستراتيجية مدمرة أو تهديدًا وجوديًا لنظامه. وهناك نوعان من التهديد الوجودي يدخلان في هذا الإطار هما أن يتعرض الأمن المادي لروسيا للتهديد، وقد يدخل ضمن ذلك تهديد المكاسب الإقليمية التي حققتها روسيا منذ عام 2014؛ والثاني هو تعرض نظام بوتين السياسي للتهديد.

ويرى المشككون في إمكانية حدوث تصعيد نووي، أن الأسلحة النووية لن تدخل المعركة طالما أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يتجنبون الخطوط الحمراء التي وضعتها روسيا، ومن ضمنها مهاجمة القوات الروسية بشكل مباشر ونشر قوات الناتو في الأراضي الأوكرانية.

ويقول الكاتبان إن المخاطر المرتبطة بتجاوز هذه الخطوط الحمراء تفسر رفض الإدارة الأميركية المقترحات المتعلقة بفرض منطقة حظر للطيران فوق أوكرانيا، الأمر الذي كان سيفرض على القوات الغربية استهداف الجيش الروسي بشكل مباشر لفرض هذه السياسة.

ومع ذلك، فإن تجنب الاشتباك المباشر مع القوات الروسية لا يكفي لضمان تجنب الدخول في صراع نووي، لأن استخدام الأسلحة النووية لا يحدث بمجرد الضغط على مفتاح تشغيل وإيقاف، ومن المهم إدراك كون عملية إعداد الأسلحة النووية لاستخدام محتمل تنطوي على مخاطر استخدامها على نحو غير مقصود. ولذلك فإن مجرد الاقتراب من الخطوط الحمراء التي وضعتها روسيا -حتى وإن لم يتم اختراقها- يزيد من احتمالية استخدام السلاح النووي في هذه الحرب.

ويرى الكاتبان أن القلق الأساسي من وقوع تصعيد نووي غير مقصود خلال الأزمات العسكرية تكمن في أنظمة القيادة والسيطرة النووية للدولة إذ إن أنظمة القيادة والتحكم هي الوسائل التشغيلية التي تدير الدولة من خلالها الأسلحة النووية وتقوم بنشرها وإطلاقها. وبشكل أكثر بساطة، تحدد إجراءات القيادة والتحكم مدى مركزية الرقابة السياسية للدولة على الأسلحة النووية.

وتحدد هذه الأنظمة كيفية عمل الدولة في أوقات السلم والأزمات، وتؤثر بشكل مباشر في احتمال استخدام السلاح النووي.

وإذا شعر بوتين أن الأمن المادي لروسيا مهدد أو أن نظامه السياسي في خطر، فإنه على الأرجح سيعمد لزيادة استعداد ترسانته النووية للاستخدام. الأمر الذي يعني من الناحية العملية أن القادة العسكريين من المستوى الأدنى ستكون لديهم القدرة على استخدام الأسلحة النووية، حيث سيكون بمقدور المشغلين العسكريين الوصول لأسلحة نووية معدة بالكامل وقابلة للاستخدام، ومن المرجح ألا تكون هناك ضوابط تقنية لمنع استخدامها.

تفويض خطير

ويقول الكاتبان إن تمكين القادة العسكريين من استخدام السلاح النووي مقرون بخطرين أساسيين أولهما أن احتمال الاستخدام العرضي -غير المقصود- للأسلحة النووية بسبب سوء الاستخدام أو التصميم السيئ يكون عاليا مع سيطرة المشغلين العسكريين على الأسلحة النووية الجاهزة تمامًا، وفي غياب العوائق التي تستخدم في وقت السلم مثل فصل الرؤوس الحربية النووية عن الصواريخ الباليستية وغيرها من الإجراءات التي تحول دون تمكنهم من استخدامها.

وقد يحدث أن يطلق سلاح نووي بسبب حادث عرضي خلال الحرب في أوكرانيا، وفي هذه الحالة قد لا تدرك أطراف الصراع الخارجية أن ما حدث كان عرضيا، وتسمح بالرد عليه بسلاح نووي.

والخطر الثاني المصاحب لوضع الأسلحة النووية في متناول القادة العسكريين هو أن تفويض القدرة على استخدام السلاح النووي يزيد من احتمالية الاستخدام غير المصرح به، والذي يحدث عندما يستخدم القائمون على الأسلحة النووية تلك الأسلحة النووية دون إذن من القيادة السياسية.

ويوضح الكاتبان أن الاستخدام غير المصرح به للأسلحة النووية قد يحدث لأن قائدًا من المستوى الأدنى قرر الالتفاف على السلم القيادي واستخدام سلاح نووي دون إذن سياسي مسبق، أو قد يختار قائد ميداني استخدام السلاح النووي لدرء الهزيمة إذا تمكن خصمه من التغلب عليه.

ويشير المقال إلى الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها القادة المسؤولون عن الأسلحة النووية التكتيكية الروسية، والذي يرجح أنهم يوضعون في ساحة المعركة ويواجهون ضغوطا كبيرة لاستخدامها تلك الأسلحة أو فقدان فرصة النصر.

ويخلص الكاتبان إلى أنه على صناع القرار التصرف بحذر شديد وهم يطورون إستراتيجيتهم للحرب في أوكرانيا نظرا لاحتمال حدوث تصعيد نووي غير مقصود، فقد يكون احتمال استخدام السلاح النووي منخفضا بالفعل، لكن نظرًا للتكاليف الباهظة المرتبطة باستخدامه، فإن من الحكمة التركيز على تقليل احتمالات الدخول في صراع نووي ما أمكن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى