مقال بناشونال إنترست: الحرب الروسية على أوكرانيا لن تفضي إلى حرب عالمية ثالثة
نشرت مجلة “ناشونال إنترست” (The National Interest) مقالا لباحث أميركي يتحدث عن المآلات المحتملة للحرب في أوكرانيا، وإذا كانت ستفضي في نهاية المطاف إلى نشوب حرب عالمية ثالثة.
وأشار جيسون ديفيدسون، الباحث غير المقيم في المجلس الأطلسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة ماري واشنطن، في مقاله، إلى أن هناك قلقا متزايدا من أن سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه أوكرانيا تعكس توجّها نحو تصعيد قد يؤدي في النهاية إلى حرب عالمية ثالثة.
ويعود ديفيدسون بالذاكرة إلى عامي 1914 و1940، عندما تبنّت الحكومة الأميركية موقفا حازما ضد الدخول في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ففي كلتا الحالتين أثارت زيادة المساعدات الأميركية لطرف واحد من الأطراف المتحاربة ردود فعل معادية، وأسهمت في دوامة أمنية رجحت من احتمال تورط الولايات المتحدة في الحربين.
اختلافان كبيران
على أن الباحث الأميركي يرى أن هناك اختلافين كبيرين بين الحربين العالميتين والحالة الراهنة المتمثلة في الصراع بأوكرانيا، الأمر “الذي يدعو للتفاؤل”، حسب تعبيره.
ويتجلى الاختلاف الأول -برأيه- في إحساس الحكومة الأميركية بتزايد الخطر جراء النجاحات والتدابير التي يتخذها “العدو الرئيسي” في ساحة القتال وتستهدف الولايات المتحدة.
وقد دفع ذلك الإحساس بالخطر واشنطن إلى التصعيد الذي كان عاملا حاسما في بروز معضلة أمنية. ورغم أن الرأي العام والكونغرس في أميركا عارضا في بداية الأمر دخول بلادهما الحرب بعدما رأوه من مذابح في أوروبا، فإن التهديد الذي شكلته الإمبراطورية الألمانية (في حالة الحرب الأولى) وألمانيا النازية (في الثانية) لمصالح الولايات المتحدة أجبرهم على تقبل الانخراط في الحرب.
روسيا لم تهدد المصالح الأميركية حاليا
أما الاختلاف الثاني فهو أن روسيا -منذ غزوها أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي- لم تتخذ أي خطوة جديدة مؤثرة تهدد المصالح الأميركية، إذ خفَّض صانعو السياسة في واشنطن من تقييمهم للقوة العسكرية الروسية.
واستنادا إلى ذلك، يعتقد كاتب المقال أنه ليس ثمة مدعاة أن تجازف الولايات المتحدة بخوض الحرب في أوكرانيا من خلال تصعيد وتيرة الأزمة.
الحرب العالمية الأولى
عندما اندلعت الحرب في أوروبا في أغسطس/آب 1914، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي وودرو ويلسون الحياد.
غير أن حرب الغواصات الألمانية “غير المقيدة” شكلت تهديدا كبيرا ومتزايدا لسلامة السفن التجارية والعسكرية الأميركية وأمن مواطنيها، ومن ثم لمصالح الولايات المتحدة.
وتصاعد ذلك التهديد عندما عرضت ألمانيا تحالفا عسكريا مع المكسيك إن دخلت أميركا الحرب العالمية الأولى.
وكان العامل الأكثر أهمية في إقناع الرأي العام الأميركي والكونغرس بقبول تكاليف الحرب هو حرب الغواصات غير المقيدة التي شنتها ألمانيا، وأغرقت فيها سفنا أميركية.
الحرب العالمية الثانية
أقدمت ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر في أبريل/نيسان 1940 على غزو النرويج واحتلال الدانمارك.
ورفضت إدارة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في بادئ الأمر دخول الحرب، إلا أنها قدمت مساعدات عسكرية للدول التي تقاتل ألمانيا النازية.
وخلال الفترة من أبريل/نيسان 1940 إلى ديسمبر/كانون الأول 1941، أصبحت إدارة روزفلت على قناعة بأن ألمانيا النازية تشكل تهديدا لبلادها، بيد أن الولايات المتحدة لم تدخل بالكامل في الحرب العالمية الثانية إلا بعد هجوم اليابان على ميناء بيرل هاربر الأميركي.
أوكرانيا
يقول أستاذ العلوم السياسية إن رد إدارة بايدن على الغزو الروسي لأوكرانيا اختلف كثيرا عن استجابة إدارة ويلسون لاندلاع الحرب العالمية الأولى، ورد روزفلت على الحرب العالمية الثانية.
وقد حرصت إدارة بايدن على تجنب أي تصعيد خطير قد يؤدي إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة وروسيا من جهة أخرى، وتمثل ذلك في طلب واشنطن من كييف عدم استخدام الأسلحة التي قدمتها لها في مهاجمة الأراضي الروسية.
ويمضي ديفيدسون إلى القول إن روسيا اضطرت إلى التراجع عن هجومها على كييف بعد أن فشلت فشلا ذريعا في الاستيلاء عليها، كما أخفقت في تحقيق الأهداف المحدودة للغاية المتمثلة في ترسيخ سيطرتها على إقليم دونباس ومدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا.
ويزعم الكاتب أن تلك “الانتكاسات” كشفت عن مكامن الضعف الروسية، مضيفا أن موسكو لم تعمل على تصعيد إجراءاتها ضد الولايات المتحدة أو المصالح الأميركية منذ بدء الحرب.