قيادي بحزب الترابي للجزيرة نت: حزب البشير يريد العودة للسلطة بأي ثمن ولهذا رفضنا الانضمام للتيار الإسلامي العريض
خاص- اتهم المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان كمال عمر حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم سابقا بزعامة الرئيس المعزول عمر البشير بالسعي للعودة إلى السلطة -التي فقدها- بأي ثمن، واعتبره “أكبر خطر” على الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وقال عمر في حوار مع الجزيرة نت إن أطرافا في المكون العسكري وحزب “المؤتمر الوطني” تعمل على إنشاء جسم موازٍ للأجهزة الشرعية القائمة داخل حزبه، والتي رفضت “انقلاب” قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ورأى أن حزب “المؤتمر الشعبي” يمثل الحركة الإسلامية والتيار الإسلامي الأصيل، ولن ينضم إلى تحالف التيار الإسلامي العريض الذي يضم فصائل إسلامية عدة، واعتبره تحالفا عفويا أفسده حزب “المؤتمر الوطني”، مشيرا إلى أنهم يسعون إلى تأسيس منصة سياسية جديدة، والأولوية لديهم لتوحيد القوى الوطنية وليس الإسلامية.
ودافع عمر عن مشروع الدستور الانتقالي الذي أعدته لجنة تسيير نقابة المحامين، وقال إن حزبه شارك في صياغته، مؤكدا أنه ليس دستورا علمانيا ولكنه لم ينص على أن تكون الشريعة الإسلامية أو غيرها مصدرا للتشريع تجنبا لأي توجه فكري أو أيديولوجي في الفترة الانتقالية.
وفي ما يلي نص الحوار:
شارك حزبكم في إعداد مشروع الدستور الانتقالي مع لجنة تسيير نقابة المحامين، فهل سيكون جزءا من التسوية المرتقبة لأزمة البلاد؟
شاركنا مع قوى مؤثرة وكبيرة في صياغة مشروع الدستور الانتقالي، وهو مفتوح لأي قوى ترغب في الانضمام إلى هذه المجموعة السياسية التي اعتبرت إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا.
لا أفضل كلمة “تسوية” لأنها في العرف السوداني تعني صفقة بين طرفين، ومشروع الدستور يفتح الباب أمام وفاق وطني لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة.
أبرز ما في مشروع الدستور إنهاء الشراكة المدنية العسكرية بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهذ يؤدي إلى حكومة مدنية، كما أنه يتجاوز الاصطفاف الأيديولوجي الذي اتسمت به الوثيقة الدستورية التي حكمت الفترة السابقة.
أعتقد أن مشروع الدستور أفضل بكثير من الوثيقة الدستورية التي كُرست لتمكين العسكر وقوى الحرية والتغيير، فيما شارك في إعداد الدستور إلى جانب تنظيمات قوى الحرية والتغيير كل من حزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة وبعض أطراف الجبهة الثورية وبعض ممثلي لجان المقاومة وأسر الشهداء ومنظمات مجتمع مدني، ودائما الدساتير بعد الثورات تصنعها القوى السياسية.
التسوية الجارية طرفاها حتى الآن المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وتتم عبر حوار سري وستلحق بها قوى أخرى لن تكون أصيلة، فهل سترضى بذلك؟
من ناحية إجرائية ومنهجية من الطبيعي أن يبادر الحوار المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير، ونحن لسنا في طاولة الحوار لكن قوى الحرية والتغيير تطلعنا بشكل مستمر على نتائج الحوار مع المكون العسكري وتطوراته.
ما نريد تأكيده أن الاتفاق لن يكون ذا جدوى، ولن يكتب له النجاح إلا بموافقة الأطراف التي شاركت في صياغة الدستور، ولن نبصم على أي اتفاق وسيكون لدينا رأي في البنود، وإذا خالف المبادئ الأساسية التي وافقنا من أجلها على المشاركة في إعداد الدستور فسيكون لحزب المؤتمر الشعبي موقف آخر.
أؤكد لكم أننا طرف أصيل وفاعل في العملية السياسية، ومنحناها زخما سياسيا لأننا نمثل تيارا إسلاميا.
هل وافقتم على كل بنود مشروع الدستور بلا تحفظ رغم أن كثيرين يعتقدون أنه دستور علماني وأنتم فصيل إسلامي؟
لدينا 5 تحفظات على مشروع الدستور، ولحزب الأمة القومي تحفظات وكذلك لقوى أخرى أيضا، وسنتوافق على معالجة المواد التي تواجه تحفظا.
أما من يصفون مشروع الدستور بأنه علماني فلديهم غرض وأجندة سياسية، فالدستور لم ينص على أن مصادر تشريع إسلامية أو غيرها لأنه انتقالي وبعيد عن أي طرح فكري أو أيديولوجي، وكلمة مدنية التي وردت في المشروع تعني “حكومة مدنية” وليست عسكرية، وسنعالج ذلك بشرحها شرحا مقيدا حتى لا تحدث لبسا أو يتم حذفها من المشروع، وذلك لطمأنة الحريصين على الدين.
يشهد حزبكم تجاذبات وخلافات بشأن مشاركتكم في دستور نقابة المحامين وتتهمك قيادات في الحزب بأنك غير مفوض للمشاركة، فما رأيك؟
نحن أمانة عامة مكلفة من الأمين العام المنتخب من مؤتمر عام للحزب، وشاركت في إعداد الدستور ووقّعت بناء على قرار من الأمانة العامة وليس بقرار فردي.
أما من يثيرون الشكوك حول موضوع الدستور فهم من الأمانة السابقة التي تم استبدالها من قبل الأمين العام لأنها خالفت مبادئ الحزب ومواقفه بتأييد انقلاب قائد الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 وارتكبت “مؤامرة” ما كان لها أن تفعلها، وما أصاب حزبنا من تجاذبات مرض أصاب أغلبية القوى السياسية.
تتهمك تيارات في المؤتمر الشعبي أيضا بقيادة الحزب إلى تحالف مع قوى اليسار وتطالب بعزلك، كيف ترد؟
خط حزبنا واتجاهه هو إنشاء منصة سياسية جديدة، ونحن الآن لسنا جزءا من أي تحالف سياسي في الساحة ولا نرغب في الانضمام إلى أي تحالف لأن التحالفات الموجودة لديها حمولات سياسية لا نرغب في تحملها، وبعض مواقفها تتعارض مع مبادئنا، لكننا ننسق مع أي تحالف أو قوى سياسية مناهضة “للانقلاب العسكري”، وهذا الموقف يقودنا للتواصل مع الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي وغيرهما، وهذا ليس جديدا، فزعيم المؤتمر الشعبي الراحل حسن الترابي وقع اتفاقات سياسية مع الحزب الشيوعي والبعث الاشتراكي لمعارضة نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
لماذا رفضتم الانضمام إلى تحالف التيار الإسلامي العريض الذي يضم قوى قريبة منكم فكريا وسياسيا؟
نحن نمثل الحركة الإسلامية والتيار الإسلامي الأصيل، ولا يمكن أن نلغي وجودنا وننضم إلى تيار عفوي أضر به حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا الذي يريد العودة إلى السلطة بأي ثمن ويصرف أموال طائلة في سبيل ذلك دون أن يجري مراجعات فكرية وسياسية لتجربته في الحكم والاعتراف بأخطائه.
لا نقدح في بعض أطراف تحالف التيار الإسلامي العريض، ونرى أن الأولوية الآن لتوحيد أهل السودان والقوى الوطنية لا الفصائل الإسلامية.
يلاحظ أنك تقود حملة ضد حلفائكم السابقين في “المؤتمر الوطني”، ويرى البعض أنك تريد تقديم عربون ورسالة للتقارب مع الحزب الشيوعي والقوى العلمانية ورسالة عابرة للقوى المناهضة للإسلام السياسي، ما رأيك؟
قد يُفهم من انتقاداتي العنيفة لحزب المؤتمر الوطني أن لي أهدافا ورسائل إلى جهات داخلية أو خارجية، لكن قناعتي أن تجربة المؤتمر الوطني في السلطة أضرت بالدين والمشروع الإسلامي وبالتجربة الإسلامية، وفصلت جنوب السودان، وإذا لم يتغير منهج تفكيره وسلوكه السياسي فإنه سيكون أكبر خطر على التحول الديمقراطي، فالخطر الحقيقي على الديمقراطية ليس من العسكر أو قوى اليسار وإنما من حزب المؤتمر الوطني، وإذا استطاع العودة إلى الحكم فإن السودان سيتمزق.
هناك من يرى أنك تبدل مواقفك حسب مصالحك، فقد كنت مناهضا لزعيم الحزب علي الحاج والآن صرت من أكثر المقربين إليه بعدما كلفك بمنصب مهم فيه، ما قولك؟
أنا رجل حزبي ملتزم، وعلي الحاج صاحب قلب أبيض فقد تجاوز كل الخلافات الشخصية وكلفني بالأمانة السياسية للحزب لعلاقاتي الواسعة مع القوى السياسية بكافة أطيافها، وقد كلفني الترابي أيضا بهذه الأمانة، واستطعنا إبرام تحالف مع قوى اليسار.
أنا بشر لدي أخطاء، وبعضها ارتكبته بحق علي الحاج الذي وصفه الترابي بأنه من أذكى الساسة وسط الإسلاميين، وأعتقد أنه ليس هناك أكثر ذكاء منه في الساحة السودانية حاليا.
يتحدث حزبكم بأكثر من لسان في القضايا العامة وتتبادل بعض قياداته اتهامات علنية، فهل سبب ذلك تنافس داخلي أم لتأثير خارجي؟
توجد تأثيرات خارجية على حزبنا من أطراف عسكرية وتيار من النظام السابق في حزب المؤتمر الوطني يريدون بناء جسم موازٍ في الحزب مناهض للمؤسسات والأجهزة الشرعية بداخله، لكن لن تنجح مؤامراتهم لأن الحزب متماسك وقاعدته متمسكة بقيادتها المنتخبة.
يعتقد كثيرون أن حزب المؤتمر الشعبي فقد البوصلة السياسية والفكرية ويشهد فراغا في القيادة بعد رحيل مؤسسه الدكتور حسن الترابي وأنه يمضي نحو التمزق والتلاشي، كيف ترد؟
بالعكس، حزب المؤتمر الشعبي في أفضل حالاته السياسية والتنظيمية، واستطاع أن يستعيد وضعه في الساحة وأن يمدد علاقاته مع الأحزاب السياسية الفاعلة ويعزز علاقاته مع الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي والجهات التي تقود جهود الحل السياسي في البلاد مثل الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”.