تنزانيا لـ«مصالحة سياسية» واسعة تمهيداً لتعديلات دستورية
أملاً في تحقيق «مصالحة سياسية» واسعة وعدت بها الرئيسة التنزانية سامية سولو حسن، عند وصولها للحكم عام 2021، يعتزم زعيم المعارضة التنزانية والمرشح الرئاسي السابق توندو ليسو، العودة إلى بلاده هذا الشهر من منفاه في أوروبا، إثر رفع الحكومة حظراً كان مفروضاً على التجمعات السياسية.
وألغت رئيسة الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، حظراً فُرض على التجمعات السياسية قبل أكثر من 6 سنوات، وأثار احتقاناً متكرراً بين الشرطة وقوى المعارضة.
وعقب اجتماع ضم قادة 19 حزباً سياسياً مسجلاً في تنزانيا، قررت حسن، «حق الأحزاب السياسية في أن تعقد اجتماعاتها العامة»، غير أنها مع إلغاء الحظر اشترطت الضمان الأمني، بحيث «تكون الحكومة مسؤولة عن ضمان الأمن أثناء التجمعات»، وأن تقوم أجهزة الأمن بـ«تقييم الطلبات، وإذا كان هناك أي تهديد، فلن يسمحوا». وعبّرت الرئيسة التنزانية عن سعة صدرها إزاء انتقادات المعارضة.
وانعكاساً للقرار، قال زعيم المعارضة التنزانية توندو ليسو، إنه «سيعود إلى بلاده هذا الشهر من أوروبا». وكتب ليسو على «تويتر»: «مع رفع الحظر غير القانوني عن النشاط السياسي، حان الوقت الآن للعودة إلى الوطن، والعودة إلى العمل»، قائلاً إنه سيصل يوم 25 يناير الحالي.
وغادر ليسو، النائب السابق، البلاد في البداية لطلب العلاج في الخارج بعد أن أصيب في هجوم شنه مسلحون مجهولون في العاصمة الإدارية دودوما في سبتمبر (أيلول) 2017. وكان قد قُبض عليه 8 مرات في العام السابق للهجوم. وعاد لبضعة أشهر عام 2020 لتحدي الرئيس السابق جون ماغوفولي في الانتخابات الرئاسية.
وحصل ليسو على 13 في المائة من الأصوات، لكن حزبه رفض النتيجة بسبب مزاعم بوجود مخالفات واسعة النطاق. وفرّ إلى مقر إقامة السفير الألماني لدى تنزانيا بعد الانتخابات بفترة وجيزة عندما تلقى تهديدات بالقتل قبل مغادرته البلاد مرة أخرى متوجهاً إلى المنفى.
وتولت سامية حسن السلطة بعد وفاة ماغوفولي في مارس (آذار) 2021، الذي كان يُنظر إلى فترة حكمه على أنها «الأكثر استبداداً» في تاريخ البلاد، بحسب منظمات حقوقية دولية، اتهمته مراراً بـ«تنفيذ اعتقالات متكررة لشخصيات سياسية معارضة».
ويُعد قرار سامية حسن رفع الحظر، جزءاً من استراتيجية معلنة للمصالحة والإصلاحات السياسية، تشمل استئناف عملية مراجعة الدستور المتوقفة، على حد وعدها للقوى السياسية.
وألغى الرئيس ماغوفولي، بعد انتخابه في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، التجمعات العامة للأحزاب السياسية، مؤكداً حينها أن «الوقت حان للعمل وليس السياسة». وانتقدت المعارضة السياسية وجماعات الحقوق المدنية حظر ماغوفولي للتجمعات، مما أدى إلى اعتقالات متكررة لشخصيات سياسية، واشتباكات بين أنصار المعارضة والشرطة.
ورغم تمتع تنزانيا باستقرار سياسي نسبي منذ استقلالها عام 1962، ومروراً بالتعدد الحزبي الذي برز في أوائل التسعينات، فإن «هناك بعض التعديلات أجراها الرئيس السابق أثرت على الحياة الديمقراطية»، كما تشير ريم أبو حسين، الباحثة المتخصصة في الشأن الأفريقي.
ولفتت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى بعض تلك التعديلات التي أثارت سخط معارضين، مثل تعديل قانون الأحزاب عام 2019 الذي أعطى للموظف المسؤول عن تسجيل الأحزاب، والمعيّن من قبل الرئيس، حق شطب أي حزب تحت بند مخالفات إدارية، وما جرى استخدامه في التخلص من المعارضين، وفقاً لأبو حسين.
وأضافت: «الإصلاحات السياسية للرئيسة الحالية مهمة لاستمرار استقرار البلاد، خاصة في إقليم زنجبار، الذي برزت به معارضة شديدة تتأرجح ما بين المطالبة بالحكم الذاتي إلى حد المطالبة بالانفصال، بحجة أن الإقليم يعاني من التهميش السياسي والاقتصادي لصالح الاتحاد».