الاخبار العاجلةسياسة

استأجروني لغسل 200 مليون إسترليني.. صنداي تايمز: هذه قصة خبير مالي مع إحدى أشهر عصابات المخدرات

أوردت صحيفة صنداي تايمز (Sunday Times) سيرة أفراد عائلة كينهان (Kinahan) الهاربين من السلطات الأميركية، والذين يُعتقد أنهم يملكون أموالا تصل إلى مليار جنيه إسترليني، ويقفون خلف 20 جريمة قتل. ويكشف خبير مالي أنهم أرادوا تحويل أموالهم الملوثة إلى أسهم وخمور وعملات مشفرة ولوحات فنية.

وقد نشرت الصحيفة البريطانية هذه القصة في تقرير طويل، إذ يقول الخبير المالي، الذي أعطاه التقرير اسم أوبل، إن الوسيط الذي ربطه بعصابة المخدرات يعمل في بانكوك (تايلند) ولا يمكن أن يكشف عن هويته، ووصفت هذه العصابة بأنها واحدة من أكثر “الكارتلات” الإجرامية شهرة في العالم.

العائلة وتوسيع الأعمال

وعلى مدى العقدين الماضيين، قام كريستي كينهان (66 عاما) وولداه دانيال (45 عاما)، كريستوفر جونيور (42 عاما) وجيش صغير من المسلحين بتوسيع عملياتهم الإجرامية خارج دبلن، عاصمة أيرلندا الجنوبية، وهي المدينة التي ينحدرون منها.

وانتهت المجموعة إلى السيطرة على جزء كبير من استيراد الكوكايين إلى أوروبا، فضلا عن تهريب الأسلحة والجرائم الإلكترونية والابتزاز وغسل الأموال. ومن بين عملائهم الكارتلات المكسيكية، ومؤخرا أجهزة المخابرات الإيرانية التي تتعامل في التكنولوجيا العسكرية والطائرات.

وتعتقد (يوروبول) الشرطة الأوروبية أنهم قتلوا 20 شخصا على الأقل في بلجيكا وأيرلندا وهولندا وإسبانيا. وتقدم الولايات المتحدة حاليا مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال أفراد العائلة الثلاث وشخصيات أخرى بهذه المجموعة الإجرامية. وبعد أن فروا من منازلهم الفخمة في دبي، أصبحوا الآن عرضة لعقوبات كاسحة ومطاردة دولية.

لم يكن يعلم أنهم كينهان

وأوردت الصحيفة عن أوبل إنه كان جزءا من مؤامرة لغسل 200 مليون جنيه إسترليني لصالح عائلة كينهان. وعلى مدار 3 أشهر، من المكالمات والرسائل ورسائل البريد الإلكتروني مع صنداي تايمز، قائلة إنه وصف لها بالتفصيل الدقيق كيفية عمل هذه العصابة.

ويضيف الخبير المالي أنه لم يقابل، وجها لوجه، أيا من عائلة كينهان، وكان يعتقد أنهم أصحاب ثروات ضخمة وعملاء لرجل يعرفه.

Daniel Kinahan, the co-founder of MTK Global, and Tyson Fury pictured in Dubai
دانيال كينهان (يسار) والملاكم البريطان تايسون فيوري (وسائل التواصل)

وأوضح أن مهمته كانت ببساطة إنشاء مخططات مصرفية حتى يتمكنوا من استثمار مبالغ كبيرة من المال في مختلف الولايات القضائية حول العالم، مضيفا أنهم يتحدثون عن استثمارات في الفن والخمور والتشفير والأسهم المالية حول العالم.

وخلال المقابلات مع الصحيفة، قدم أوبل، الذي يتحدث بلهجة سكان أميركا الشمالية، نظرة ثاقبة مفصلة عن تكتيكات العصابة لغسل الأموال في النظام المصرفي الدولي. كما شارك برسائل بريد إلكتروني تظهر مناقشات مع الوسيط والعصابة حول الاستثمار في عمل فني للرسام بانكسي بقيمة 16 مليون دولار، ولوحة للفنانة اليابانية يايوي كوساما تباع بالمزاد العلني مقابل 2.8 مليون دولار.

والوسيط مواطن ألماني أو نمساوي يتنقل بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا منذ عقدين. ووفقا لأوبل، كان لديه ساعات بقيمة مليون يورو. وعندما يسافر إلى سويسرا، كان يشتريها لشركائه. وقد اختفى مع عائلة كينهان عندما فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على هذا الكارتل في أبريل/نيسان العام الماضي.

واكتشف أوبل أن عمله كان مرتبطا بالعصابة الأيرلندية سيئة السمعة ربيع العام الماضي بعد أن فرضت أميركا عقوبات على العصابة، لكنه اعترف بأنه كان يعلم منذ فترة طويلة أن من بين عملاء هذا الوسيط بعض المجرمين. وقال إن الوسيط أخبره منذ سنوات عديدة أنه كان يعمل مع فريق يتكون من أب وابن وأنهما أكبر تجار مخدرات بأوروبا. وكان هذا قبل وقت طويل من نشر اسم كينهان على نطاق واسع.

مليار إسترليني وممتلكات في دبي

وتقول صنداي تايمز إن المنازل والمكاتب الفخمة في دبي تشير إلى الثروة الطائلة التي جمعها كينهان وابناه، والتي تُقدر بمليار جنيه، يديرها جيش صغير من المستشارين.

وقد تم الاتصال بأوبل حوالي عام 2020 للمساعدة في استثمار عشرات الملايين من الجنيهات في البداية، ولكن سرعان ما زاد هذا المبلغ. وكانت تعليمات الوسيط واضحة: العملاء بحاجة إلى نقل الأموال من هونغ كونغ، حيث بدئوا هناك بمبلغ 60 مليون إسترليني تضاعفت وبلغت 200 مليون.

وكانت العائلة تبحث عن استثمارات ذكية وتحتاج إلى “غسل الأموال” الموجودة في هونغ كونغ، والتي تمثل عائدات الاستثمارات العقارية، كما يقول أوبل.

واقترح الخبير المالي إنشاء سلسلة من الحسابات على منصات التداول في الملاذات الضريبية حول العالم، والتي من شأنها أن تمنح العملاء إمكانية الوصول الفوري إلى أموالهم.

التحويل بمبالغ صغيرة

وللبدء، يتم تحويل الأموال بمبالغ صغيرة من هونغ كونغ إلى مجموعة من الحسابات الخارجية لتجنب لفت الانتباه من ناحية الحكومة الصينية.

ومنذ البداية، اقترح أوبل الاستثمار بالأدوات المالية التقليدية مثل الأسهم والسندات والأموال التي سيتم شراؤها والاحتفاظ بها من خلال منصات في جزر كايمان وموريشيوس وجزيرة مان وجزر فيرجن البريطانية وهولندا ولوكسمبورغ ولابوان، المركز البحري الدولي الذي تسيطر عليه ماليزيا.

Darren Till and Daniel Kinahan (right)
دانيال كينهان (يمين) والملاكم البريطاني الشاب جاك تيل (مواقع التواصل)

وكتب الخبير المالي عشرات من رسائل البريد الإلكتروني إلى الوسيط يحدد فيها الاستثمارات المحتملة.

وتحتوي إحدى التسجيلات على إشارات عابرة إلى صداقة دانيال كينهان مع تايسون فيوري، الملاكم البريطاني للوزن الثقيل.

وفي تعاملات أوبل مع الوسيط، كانت السرية والأمن في غاية الأهمية. لقد استخدم جهاز يو إس بي (USB) لتشفير هاتفه.

انهيار خطة غسل الأموال

وفي أبريل/نيسان العام الماضي، انهارت خطة غسل الأموال بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المجموعة. وهجر كريستي وابناه منازلهم في دبي. ويقول أوبل عندما صدرت مذكرات التوقيف ونشرتها الخارجية الأميركية، وأُلغيت جميع الاجتماعات وتفرق الجميع، وانقطعت جميع خطوط الاتصال، وتوقفت جميع الأرقام التي استخدموها معه، أدرك دون أدنى شك أن العملاء هم عائلة كينهان.

اختفوا تماما

وأبرز الخبير المالي أنهم اختفوا كليا، وكان آخر اتصال أجراه مع أحدهم في سبتمبر/أيلول الماضي 2022.

وقال أوبل أيضا إنه لا يخاف منهم حيث “لم أكن أهتم كثيرا بهم. دع إدارة مكافحة المخدرات الأميركية تتعامل معهم”.

وختم مقابلاته مع صنداي تايمز بأنه كان من المفترض أن يكسب عمولة بنسبة 1.2% من استثماراتهم، لكنه انتهى صفر اليدين. والآن يريد فقط من ممثلهم (الوسيط) أن يدفع ثمن ما فعله به، وقال غاضبا “إذا كان فضحه يجعل حياته جحيما حيا فقد تم إنجاز المهمة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى