الاخبار العاجلةسياسة

“نظرية المجنون”.. هكذا وظف ترامب القوة المفرطة لتجنب الحروب

كان السيناتور جي دي فانس محقًا عندما أشاد بما عدّه أعظم نجاح سياسي حققه الرئيس السابق دونالد ترامب، ويتمثل في كونه لم يشن أي حرب خلال فترة حكمه.

وقد يكون ذلك إنجازا، خاصة أنه تعذر على الرؤساء الحديثين ممن سبقوا ترامب تحقيقه.

هذا ما يراه كليف سيمز المساعد الخاص السابق لترامب، في مقال له بموقع “ناشونال إنترست” (National Interest) بعنوان “مذهب ترامب: تحقيق السلام من خلال الاستخدام المفرط للقوة”.

ويقول سيمز إنه من البديهي أن نهج ترامب يعني شيئا واحدا بالنسبة لأعداء أميركا؛ هو احتمال لجوئه لاستخدام عنف ساحق وصادم إذا شعر بأنهم أهانوا الولايات المتحدة أو أساؤوا إليها.

تلك الوحشية غير المقيدة لا تتناسب مع العبارات المُلطّفة التي تفضلها النخبة المعنية بالسياسة الخارجية، مثل “القتل المستهدف” و”العمل العسكري الحركي”، ولكن بغض النظر عن مسميات تلك الأعمال العسكرية، فإن مذهب ترامب أثبت فعاليته في ردع أعتى أعداء أميركا، وفق سيمز.

سليماني وجنون ترامب

وضرب المسؤول الأميركي السابق -الذي عمل نائبا لمدير الاستخبارات الوطنية الأميركية للإستراتيجية والاتصالات خلال عامي 2020-2021- مثالا على مذهب ترامب في استخدام القوة المفرطة بهدف الردع بقتل الجيش الأميركي الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

فعندما اقترح مستشارو ترامب العسكريون قائمة من الخيارات للتعامل مع سليماني -“الملطخة يديه بدماء الأميركيين” حسب الكاتب- الذي كان يخطط لمزيد من الهجمات ضد المصالح الأميركية؛ اختار ترامب الخيار الأشد عدوانية.

ويقول سيمز “في منتصف الليل، بينما كان سليماني يُنقل من أحد المطارات العراقية، أطلقت عليه طائرة أميركية مسيرة صاروخا من نوع “هيلفاير” مزقه إلى أشلاء، هو وعدة أفراد من نخبة الحرس الثوري الإيراني كانوا برفقته”.

ويضيف “كانت تلك الخطوة استفزازية لدرجة أن جو بايدن حذر من أنها قد تضع الشرق الأوسط على “شفا صراع كبير”، لكن ذلك لم يحدث.

بعد الضربة، صعّد ترامب لهجته، فحذّر الإيرانيين من أن الولايات المتحدة ستستهدف 52 موقعًا إيرانيًا، بعدد الرهائن الأميركيين الذين سبق أن احتجزتهم إيران، موضحا أن بعض تلك المواقع تكتسب أهمية كبرى بالنسبة لإيران والثقافة الإيرانية.

كما حذر ترامب الإيرانيين من أنهم “سيتضررون بشدة وبسرعة كبيرة” إذا ألحقوا الضرر بالأميركيين ردا على مقتل سليماني.

وعلق سيمز على تلك التحذيرات بالقول “بمعنى آخر، لا يمكن تخمين ما قد يفعله (ترامب). الشيء الوحيد الذي يمكن للإيرانيين -وغيرهم من خصوم أميركا- التأكد منه هو أنهم إذا انتهكوا خطوط ترامب الحمراء، فإنه لن يكلف نفسه عناء اتخاذ خطوات سياسية شاقة ليقرر طريقة الرد عليهم”.

وقال المساعد الخاص السابق لترامب إن الهجمات الإيرانية تصاعدت على نحو كبير منذ أن تولي جو بايدن الرئاسة، وكان آخرها هجوم بطائرة إيرانية مسيرة في سوريا الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل أميركي وإصابة 6 آخرين.

من أين جاءت “نظرية المجنون”؟

يقول سيمز إن ترامب تعرض للانتقاد لتهديده المواقع الثقافية الإيرانية -حتى من قِبَل مسؤولي حكومته- لافتقاره إلى ضبط النفس واستعداده لاستخدام القوة المفرطة، لكن سيمز يرى أن النهج الذي اتخذه ترامب متجذِّر في تقاليد السياسة الخارجية الأميركية.

وأورد المقال ما ذهب إليه الأكاديمي الأميركي والتر راسل ميد أستاذ الشؤون الخارجية والعلوم الإنسانية في كلية بارد، في بحث أعده عن “التقاليد الجاكسونية في السياسة الخارجية الأميركية” -ويعني بذلك حقبة الرئيس الأميركي السابع أندرو جاكسون.

ويرى ميد في بحثه أن “من يفضلون الاعتقاد بأن هيمنة الولايات المتحدة الحالية على العالم حدثت من خلال عملية لا يشوبها دنس يغضون الطرف عن العديد من اللحظات المؤلمة التي اكتنفها صعود الولايات المتحدة”.

ويُذكِّر بأن الغارات الأميركية في نهاية الحرب العالمية الثانية قتلت نحو مليون مدني ياباني، وهو عدد مهول يفوق ضعف العدد الإجمالي للقتلى الذين سقطوا في المعارك التي خاضتها الولايات المتحدة في جميع حروبها الخارجية مجتمعة.

كما يشير ميد إلى أن القوات الأميركية قتلت نحو مليون مدني في كوريا الشمالية، أي أنها قتلت 30 مدنيًا مقابل كل جندي أميركي قُتل في المعركة.

وأورد المساعد الخاص السابق لترامب في مقاله أن الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون صرح عام 1968 لكبير مساعديه إتش آر هالدمان بعزمه على استخدام ما أطلق عليه “نظرية المجنون” لإقناع الفيتناميين الشماليين بأنه “قد يقدم على فعل أي شيء لوقف حرب (فيتنام)”.

وعلق سيمز بأن نيكسون رأى -عندما كان نائبا للرئيس دوايت أيزنهاور- كيف تمكن من احتواء المد الشيوعي وإقناع الصين بإنهاء الحرب في شبه الجزيرة الكورية من خلال التهديد المرعب باستخدام السلاح النووي في الحرب.

ويختم المسؤول الأميركي السابق مقاله بأن “نظرية المجنون” ربما كانت السبيل الأبرز الذي مكّن ترامب من الحفاظ على سلامة الأميركيين من دون اللجوء لخوض أي حرب.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى