مظاهرات رافضة للعدوان على غزة تشعل الخلاف بين مسؤولين بريطانيين
لندن– فشلت كل محاولات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ووزيرة داخليته سويلا برافرمان، لحظر مظاهرة تطالب بوقف العدوان على غزة، والمخطط لها السبت المقبل. وذلك بوصفها تعارض يوم الهدنة البريطاني حيث يقف البريطانيون دقيقتي حداد الساعة 11 في 11 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
منظمو المظاهرة المزمعة لم يعلنوا عن أي خطط من شأنها أن تعارض مراسم يوم الهدنة، ولكن شبكات المترو أعلنت توقف عدد من الخطوط الموصلة لمكان تجمع المظاهرة، مبررة الأمر أنه يعود لصيانتها.
من جهته، رفض مفوض شرطة لندن السير مارك رولي ضغوط رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية لإلغاء المظاهرة معتبرا أن لا يجد أي مخاطر أو محاذير فيها، وأكد حرصه على حرية التظاهر، الأمر الذي دفع سوناك للتوعد بمحاسبته.
تعليق رئيس الوزراء
وأثارت تصريحات سوناك غضب منظمي المظاهرة، وأكدوا أن المسيرة ونقاط التجمع بعيدة عن منطقة وايتهول حيث يقع النصب التذكاري لجنود الحرب العالمية الأولى والثانية والمحتمل عمل زيارات له، ستنطلق المسيرة السبت، في حين تقام خدمة الصلاة الكنيسية السنوية الأحد، مشيرين إلى أنه لا تعارض زماني أو مكاني بين المظاهرة وإحياء ذكرى يوم الهدنة.
الجزيرة نت تواصلت عبر الهاتف مع المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، لتوضيح موقف سوناك الذي وصف المظاهرات بالشائنة ومُعكرة لصفوة إحياء ذكرى القتلى من الجنود البريطانيين.
رد المكتب عبر الإيميل للجزيرة نت “أن شرطة لندن نفسها تحدثت عن تصورات خاصة عن احتجاجات منفصلة عن المنظمين الأساسيين الذين يحضرون المسيرات، وأنه لا يمكننا الثقة بأن الأفراد جميعهم في المسيرة سيتصرفون بمسؤولية، وأن هذا الأمر مطروح للنقاش”.
وأضاف المكتب أن “هذا الوقت شديد الأهمية لشعب المملكة المتحدة، وأنها عطلة نهاية أسبوع مؤثرة للذكرى، حيث يجتمع الناس من جميع أنحاء البلاد، والتخطيط لمسيرة تتزامن مع هذا التجمع، وبناء على ما حدث في مسيرات سابقة فهناك تضمينات لحوادث تعبر عن الكراهية والعنصرية، وهو ما شهدناه الأسبوع الماضي في عدد من الاعتقالات، وهو أمر استفزازي وغير محترم”.
مطالبات بإقالة وزيرة الداخلية
تأتي هذه التصريحات بعد مطالبات من رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية بحظر المظاهرات الداعمة لفلسطين، بحجة أنها تثير الكراهية ومعاداة السامية أو دعم الإرهاب. متجاهلين العدوان على غزة وما خلفه من مآسي ومجاز تثير مشاعر الجالية المسلمة وغيرهم.
من جانبه، أكد عمدة لندن صادق خان -الذي يشارك وزيرة الداخلية ورئيس الوزراء في مهام مراقبة شرطة العاصمة- في بيان للصحف “أنه ليس من حق أي سياسي سواء عمدة لندن أو وزيرة الداخلية أو حتى رئيس الوزراء أن يخبروا الشرطة أي مظاهرة يجب السماح لها أو منعها..”
في سياق متصل علق كلايف بالدوين المستشار القانوني لـ”هيومن رايتس واتش” مكتب لندن للجزيرة نت على تجاهل برافرمان التام للإشارة إلى الجالية المسلمة ومشاعرها، بل انتقاد حقهم في التظاهر بألفاظ حادة وقاسية واتهاماتها العشوائية للمتظاهرين بدعم الإرهاب ومعاداة السامية.
ووضح بالدوين أن كل تلك القسوة في التعبير تنطوي على تقيد “حرية التعبير” وأنها ستظل قانونية ما لم تكن المؤسسات البريطانية المنفذة للقانون متأثرة بتلك التصريحات ومنحازة في تطبيق القانون كما ينحاز هذا الخطاب السياسي.
وأكد ضرورة التوازن في التعاطي مع الخطابات الشعبوية أو ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يفتح الباب على مصراعيه للجالية اليهودية، وتفرض القيود على الجالية المسلمة.
الشرطة توضح
وتواصلت الجزيرة نت مع المكتب الإعلامي للشرطة، والذي رفض التعليق على قرار رئيس الوزراء بتحميله المسؤولية، ولكن المكتب الإعلامي أوضح -للجزيرة نت- على القانون حل الخلاف، إذ يحق لشرطة العاصمة وحدها دون مجلس الوزراء طلب حظر المظاهرات والحشود الشعبية بموجب المادة (13) من قانون النظام العام لعام 1986، في حين يشترط هذا القانون وجود معلومات استخباراتية موثقة عن خطر حدوث اضطراب عام وخطير.
في السياق نفسه، علق مفوض شرطة لندن مارك رولي بأن الخدمة الشرطية العمومية ستبذل قصارى جهدها لضمان سلامة فعاليات الاحتفال بالذكرى السنوية للهدنة في لندن خلال عطلة نهاية الأسبوع، وشدد على التزام الشرطة بإنفاذ القانون البريطاني والذي يسمح بحرية الاحتجاج، مشيرا إلى أن قرار حظر المظاهرة يتطلب تهديدا حقيقيا بوقوع أعمال شغب.
إغلاق المترو
ورغم تطمينات الشرطة، فإن هيئة لندن للنقل أعلنت إغلاق خطوط المترو المؤدية لنقطة التقاء المظاهرة، الأمر الذي فاجأ منظمي المظاهرة وما قد يؤثر على مشاركة كثيرين فيها.
غير أن المنظمين للمظاهرة والمشاركين أعلنوا عزمهم المضي، بالرغم من هذا التضييق أيضا.
وقد علقت هيئة لندن للنقل للجزيرة نت عن الإغلاق “بأنه مخطط مسبق بسبب إصلاحات هندسية” وقد اعتذر المتحدث الرسمي باسم الهيئة عن أي تعطيل قد تسببه هذه الأعمال المخطط لها، وإنه ستكون هناك محاولات لبدائل من الحافلات.