أحلاها مر.. 3 سيناريوهات أمام الديمقراطيين لاستبدال بايدن
واشنطن- في حالة اتفاق نادرة، طالب مجلسا تحرير صحيفتي “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” بضرورة خروج الرئيس جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية، وذلك عقب أدائه الكارثي في مناظرة 27 يونيو/حزيران ضد دونالد ترامب.
وطالبت افتتاحية نيويورك تايمز، أهم صحف التيار الليبرالي المقرب من الحزب الديمقراطي، بضرورة استبدال بايدن بمرشح أصغر وأكثر حيوية يستطيع هزيمة ترامب، ومنعه من العودة إلى البيت الأبيض لأربع سنوات جديدة.
أما صحيفة وول ستريت جورنال، أهم صحف التيار المحافظ المقرب من الحزب الجمهوري، فقد شددت على ضرورة انسحاب بايدن بعدما شاهده “أعداء أميركا”، من قادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهو ضعيف متلعثم يفقد ترتيب أفكار حديثه وسط ظهور ملامح الشيخوخة عليه بصورة لا يمكن تجاهلها، وهو ما يضر بصورة أميركا ومصالحها.
وأشار استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس نيوز ويوجوف يوم الأحد إلى أن 72% من الناخبين المسجلين يعتقدون أن الرئيس لا يتمتع بالصحة العقلية والمعرفية ليكون رئيسا.
وعلى النقيض من دعوات انسحاب بايدن، يدافع فريق من كبار قادة الحزب الديمقراطي عن بقاء بايدن في السباق اعتمادا على منطق أن ليلة واحدة سيئة لا تنقص من نجاحات بايدن السابقة.
ويعمل هذا التيار القوي على تجاهل السؤال المهم الذي يشغل الناخبين الديمقراطيين والناخبين المستقلين، ويتعلق ببساطة بتراجع قدرات بايدن الصحية والذهنية والمعرفية كما شاهدها أكثر من 50 مليون أميركي في بث حي، وهل يملك بايدن من القدرة ما يمكنه من الحكم ولاية ثانية تنتهي بعد بلوغه 86 من العمر.
وبين الدعوات لبقاء بايدن والدعوات لانسحابه، يتبارى المعلقون الديمقراطيون في طرح سيناريوهات مختلفة حول مستقبل بايدن، ومنهم من تطرق لعرض أسماء يمكنها القفز والظفر ببطاقة الترشح وهزيمة دونالد ترامب.
وأبرز المعلقون الديمقراطيون عنصر الوقت، وتوقيت عقد المؤتمر العام للحزب الديمقراطي بين 19-22 أغسطس/آب القادم في مدينة شيكاغو، وضرورة حسم هذا الخلاف قبل موعد المؤتمر.
السيناريو الأول: بقاء بايدن
استفاد بايدن من تصريحات الدعم العلنية من قادة الحزب الكبار مثل الرئيس السابق باراك أوباما والرئيس السابق بيل كلينتون ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والنائب جيمس كلايبورن، إلى جانب حكام ديمقراطيين مثل جافين نيوسوم من كاليفورنيا وجريتشن ويتمير من ميشيغان.
ويدعم هذا السيناريو غياب أي منافسة لبايدن خلال سباقات الحزب التمهيدية، وحصوله على تعهد 3900 مندوب من 4 آلاف، أي ما يقرب من نسبة 99% من المندوبين.
ويعتمد هذه السيناريو على أن أي بديل آخر سيضر بالحزب وتماسكه في ظل حالة التماسك الهش بين تيارات الحزب التقدمية والتقليدية التي كشفت عنها مواقفهما المتنافرة تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
السيناريو الثاني: انسحاب طوعي
يفترض هذا السيناريو أن يقرر بايدن بنفسه التقاعد، وهنا تكون مهمة الحزب إجرائية سهلة نظريا في كيفية العثور على مرشح آخر لخوض السباق الرئاسي.
ويعني انسحاب بايدن الطوعي ترك مؤتمر الحزب الديمقراطي مفتوحا، حيث يتم التصويت على مرشحين محتملين آخرين حتى يحصل أحدهم على أغلبية أصوات المندوبين. وقد يشعل ذلك منافسة محمومة بين الديمقراطيين الذين يتنافسون على الترشح.
ويذكر هذا السيناريو بانتخابات 1968 عندما قرر الرئيس ليندون جونسون عدم خوض السباق اعترافا بشعبيته المتلاشية بسبب المعارضة الشعبية للحرب في فيتنام، وعرف مؤتمر الحزب الديمقراطي فوضى عارمة حتى بعدما اختار الديمقراطيون نائب الرئيس هوبرت همفري مرشحا لهم.
ويخشى كبار مسؤولي الحزب من فوضى عارمة إذا ترك بايدن الساحة للتنافس المفتوح حال انسحابه وخوض أكثر من مرشح للسباق.
السيناريو الثالث: انقلاب على بايدن
وهذا سيناريو يتعلق بإجبار بايدن على الانسحاب غير الطوعي، وهو سيناريو أقل منطقية. ولم يسبق أن حاول أي حزب ترشيح أحد غير المرشح الحاصل على أغلبية أصوات المندوبين، ولا يبدو أن هناك أي توجه في هذا الاتجاه بعد.
لا يوجد دليل على أن الحزب سوف يفكر في التغيير من دون موافقة بايدن. ولكن، حتى لو حدث ذلك، فلا توجد آلية لاستبدال مرشح قبل المؤتمر، وبالتأكيد لا توجد طريقة لتعيين خليفة مختار.
ويتوقع أن يحدث هذه السيناريو فقط إذا فقدت قطاعات كبيرة من الحزب الديمقراطي الثقة في بايدن، فقد ينشق المندوبون إلى المؤتمر الوطني نظريا بشكل جماعي. وبالطبع، جاء اختيارهم ليكونوا مندوبين بسبب ولائهم لبايدن وقد تعهدوا بدعمه في المؤتمر.
ويتضمن ميثاق الحزب أحكاما لاستبدال المرشح في حالة الطوارئ. والغرض من هذا الإجراء هو استخدامه في حالة الوفاة أو الاستقالة أو العجز، وليس لاستبدال شخص ليست لديه رغبة في التنحي.
ولم يواجه بايدن منافسين أقوياء من داخل حزبه في الانتخابات التمهيدية، ونافسه عضو مجلس نواب مغمور من ولاية مينيسوتا هو دان فيليبس والكاتبة ماريان ويليامسون، ولم يحصلا إلا على عدد ضئيل جدا من أصوات المندوبين.
ومع ذلك، فإن لوائح اللجنة الوطنية للديمقراطيين تنطوي على بعض الثغرات التي يمكنها، من الناحية النظرية، دفع بايدن إلى الانسحاب؛ إذ تسمح قواعد الحزب للمندوبين “بكل ضمير حي أن يعكسوا مشاعر أولئك الذين انتخبوهم”، وذلك يعني أنه يمكنهم النظر إلى شخص آخر.
ويعني ذلك أيضا حدوث تمرد بين مندوبي الحزب، وربما خلافات صاخبة تضر بصورته، وقد تدفع إلى الفوضى لدى عدم وجود مرشح يهمين على أغلبية أصوات المندوبين.
فرص البديل
دستوريا، تحلّ نائبة الرئيس كامالا هاريس في منصب الرئيس محل بايدن تلقائيا إذا تنحى خلال فترة رئاسته. لكن القواعد نفسها لا تنطبق إذا انسحب بايدن كمرشح لسباق الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني، ولا توجد آلية من شأنها أن تمنح نائب الرئيس اليد العليا في مؤتمر مفتوح، إذ يتعين عليها التنافس كأي مرشح آخر يسعى للفوز ببطاقة الحزب الرئاسية، وسيتعين عليها الفوز بأغلبية المندوبين، تماما مثل أي مرشح آخر.
قد يكون الاستقرار على بديل لبايدن أمرا مثيرا للانقسام والفوضى، وسيكون الأمر متروكا للمندوبين ليقرروا من يختارون في سلسلة من عمليات التصويت.
كذلك يعرف الحزب الديمقراطي ظاهرة “المندوبين الفائقين”، وهم مجموعة تضم نحو 700 من كبار قادة الحزب والمسؤولين المنتخبين الذين لديهم أصوات كالمندوبين بصورة تلقائية في المؤتمر بناء على مناصبهم. وبموجب قواعد الحزب، لا يمكنهم التصويت في الاقتراع الأول على اختيار مرشح الحزب، لكن بإمكانهم عند تأرجح الترشيح أن يصوّتوا بحرية في المراحل التالية.
وهناك بعض الدعوات لحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم أو حاكم ميشيغان جريتشن ويتمير أو حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، ليعبر أحدهم عن رغبته في تحدي بايدن، لكن أيا من هؤلاء المرشحين لم يعلن أي رغبة في استبدال الرئيس حتى الآن.