الاخبار العاجلةسياسة

قبل شهر من الحصاد.. هكذا اعتدى مستوطنون على أشجار زيتون بالضفة

نابلس- فرحا بموسم الزيتون وبزيارته لأرضه بعد غياب، اصطحب الفلسطيني عوض أبو سمرة قبل أيام قليلة 25 شخصا من أبناء عمومته وقصد أرض “الظهرات” لقطف ثمار زيتونها، لكنه اكتشف ألا ثمر ولا شجر بقي على حاله وأن “عصابات المستوطنين” تتربص بالمكان.

وما إن وطأ أبو سمرة الأرض في بلدته “ترمسعيا” شمال شرق مدينة رام الله بالضفة الغربية حتى دُهش وتسمَّر بمكانه، فعلى عكس توقعاته جاء اعتداء المستوطنين هذه المرة أشد جرما، فلم يسرقوا ثمار الزيتون أو يكسروا أغصانه بل ارتكبوا الجرم بكامله؛ فسرقوا وقطعوا الأشجار واقتلعوها من جذورها وعاثوا بالأرض فسادا وخرابا.

عاطف دغلس- المزارع عوض ابو سمرة يحمل غراس الزيتون التي اقتلعها المستوطنون من ارضه قبل مرة- الضفة الغربية-رام الله - ترمسعيا- الجزيرة نت6
المزارع عوض أبو سمرة يحمل غراس الزيتون التي اقتلعها المستوطنون من أرضه (الجزيرة)

ومن مستوطنة “عادي عاد” الجاثمة على نحو 3 آلاف دونم من أراضي المواطنين الفلسطينيين، انطلق المعتدون ونفذوا جريمتهم قبل شهر من موعد الحصاد، ليبعثوا برسالة لأصحاب الأرض بأنهم لن ينعموا بها وبأشجارها.

ويدرك أبو سمرة جيدا فحوى رسالة المستوطنين، ليس من الآن، وإنما من لحظة تشييد المستوطن “بوعز” بؤرته الاستيطانية “عادي عاد” فوق أرضه عام 1993.

وبهذا الاعتداء فقد أبو سمرة وأقاربه أكثر من 200 شجرة يزيد عمرها عن 30 عاما، تم تقطيعها ثم اقتلاعها، وسرقت ثمار نحو 60 شجرة، تدر عليه نحو 3500 دولار سنويا، ولم يحصِ أشجار أقاربه التي سُرقت ثمارها لكثرتها.

عاطف دغلس- جيش الاحتلال ياتي لحماية المستوطنين لا اصحاب الارض- جنود إسرائيليين اثناء تواجدهم بمنطقة الظهرات التي زرعها اهالي ترمسعيا بالاف اشجار الزيتون واقتلعها المستوطنون- الضفة الغربية-رام الله - ترمسعيا- ا
جيش الاحتلال جاء لحماية المستوطنين الذين اقتلعوا أشجار الزيتون بمنطقة الظهرات شمال الضفة (الجزيرة)

كيف تُستهدف شجرة الزيتون؟

  • تبدأ معاداة الاحتلال لشجرة الزيتون بمنع أصحاب الأرض من الوصول إليها، وتخصيص 4 أيام (يوم للحراثة و3 لقطف الثمار) فقط خلال السنة لزيارتها وعبر التنسيق الأمني.
  • وخلال العام، تكثر وتتنوع اعتداءات المستوطنين بين قلع أشجار الزيتون من جذورها وتقطيعها وتجفيفها بسكب مواد كيميائية عليها، أو بإغراقها بالمياه العادمة، أو بحرقها بالكامل.
  • سرقة المحصول، وقد تكرر كثيرا هذا العام بشكل منظم ومخطط، إضافة إلى مهاجمة المزارعين بأراضيهم.
  • منع استصلاح الأراضي القريبة من المستوطنات، حيث يتم مصادرة المعدات والآليات التي تقوم بذلك.

وحتى “أيام التنسيق” بالكاد تكفي المزارع أصلا، وفق أبو سمرة، بسبب ملاحقة المستوطنين للمزارعين وسرقة معداتهم وأدواتهم الزراعية، “ويتم ذلك على مرأى وحماية من جيش الاحتلال”، كما يقول.

وفي العام 2015 زرع أبو سمرة وأهالي قريته أكثر من 4 آلاف شجرة زيتون في المنطقة، فخلعها المستوطنون في اليوم التالي من جذورها.

وعليه تقدم الأهالي -وفق أبو سمرة- وحتى الآن بـ120 شكوى للجهات الإسرائيلية المختصة، لكن بدون جدوى، فلم تتعامل سلطات الاحتلال سوى مع واحدة فقط، وبما لم يمكن المزارعين من العمل بأرضهم ورعايتها أو يضع حدا لصلف المستوطنين “وجعلتها منطقة حرام بين المستوطنين والفلسطينيين”.

ولا يتعدى دور جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية أثناء قطف المزارعين محاصيلهم؛ حمايةَ المستوطنين المعتدين وتوثيق أضرار المزارعين.

خاصة بالتقري حول حرب المستوطنين ضد الزيتون-
من آثار جرائم المستوطنين ضد الزيتون (الجزيرة)

التوثيق مهم

وهنا وجدت وضحة عسعوس (أم موسى) التوثيق عبر هاتفها المحمول سبيلا لكشف جرائم المستوطنين ووسيلة لتعزيز صمودها بالأرض وعدم تركها تحت أي ظرف، وهو ما فعله عوض أبو سمرة أيضا.

ومنذ سنوات طويلة تقارع أم موسى (61 عاما) المستوطنين الذين ما انفكوا يعتدون على أرضها في قرية بورين جنوب نابلس، وكان آخرها قبل أيام عندما انطلقت لقطف محصولها في أرض “باب سنية” شرق القرية، حيث البؤرة الاستيطانية “جفعات رونين”، فوجدت أشجارها مقطعة وثمارها مسروقة، ومن حوالي طن من ثمار الزيتون كانت تجنيه بالسابق لم تعد إلا بأقل من 30 كيلوغراما.

اقرأ ايضاً
دعوى قضائية سعودية جديدة ضد سعد الجبري في مدينة بوسطن الأمريكية

وتملك أم موسى وعائلتها 30 دونما (الدونم= ألف متر مربع) في شرق بورين وجنوبها، وتجثم مستوطنات “يتسهار” و”براخاه” و”جفعات رونين” على جزء منها وتمنع من دخولها دون تنسيق، وقطع المستوطنون أكثر من 150 شجرة زيتون معمرة، وأحرقوا الكثير.

وتريد أم موسى -كما تقول للجزيرة نت- من زيارة أرضها رغم اعتداءات المستوطنين وسرقة المحصول إثبات وجودها وحقها بأرضها.

عاطف دغلس- حاجة فلسطينية تغربل بزيتونها قرب احد المستوطنات ببلدة جبارة بطولكرم-الضفة الغربية- طولكرم- جبارة- الجزيرة نت8
الزيتون يشكل 45% من المساحة المزروعة بالأراضي الفلسطينية وتعتمد عليه مئات آلاف الأسر (الجزيرة)

الزيتون.. عماد فلسطين وسر الصمود

ويعد قطاع الزيتون -وفق تقرير إحصائي لوزارة الزراعة الفلسطينية وصل الجزيرة نت نسخة منه- أكبر المحاصيل الزراعية في فلسطين، ويشكل 45% من المساحة الزراعية الكلية فيها، ويعمل ويستفيد منه حوالي 100 ألف أسرة فلسطينية، بينما بلغت مساحة الزيتون حوالي 907.043 دونمات، بواقع 13.6 مليون شجرة.

وبلغت انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بحق أشجار الزيتون العام الجاري بالضفة الغربية 199 انتهاكا موزعا على 7326 شجرة وبخسارة تجاوزت قيمتها 5 ملايين و860 ألفا و800 دولار أميركي، وفق بيان الوزارة.

ومن 14 ألف طن من كمية الزيت المنتجة عام 2020، و22 ألف طن عام 2021، كان متوقعا أن يقفز الإنتاج فوق 30 ألف طن لهذا العام.

لكن مدير دائرة الزيتون بوزارة الزراعة رامز عبيد توقع أن تتأثر وتقل كمية إنتاج الزيتون هذا العام بشكل ملحوظ عن المتوقع لأسباب مناخية وأخرى تتعلق بما يفعله الاحتلال.

عاطف دغلس-مستوطنة عادي عاد يستهدف مستوطنوها اشجار المواطنين باستمرار- الضفة الغربية-رام الله - ترمسعيا- الجزيرة نت7
مستوطنو “عادي عاد” يستهدفون أشجار الفلسطينيين باستمرار (الجزيرة)

ويقول عبيد للجزيرة نت إن 7% من مساحة الزيتون بفلسطين تقع خلف جدار الضم والتوسع العنصري أو قرب المستوطنات (مناطق أمنية) وأصحابها يُمنعون من الوصول إليها نهائيا أو بتصريح، أو حتى خدمتها، “فبالتالي نتوقع أن يتأثر 7% من إنتاجنا من الزيت لهذا العام”.

وتصاعدت جريمة سرقة ثمار الزيتون وإرهاب المزارعين وطردهم ومنع وصولهم لأرضهم، إضافة لحرق الشجر وقلعه وتجريف الأرض.

وتقول مديحة الأعرج مديرة البحث والتوثيق في المكتب الوطني للدفاع عن الأرض (مؤسسة رسمية) إن سرقة الثمار برزت أكثر وبغير مكان بالضفة الغربية، ولم يكتف المستوطنون بسرقة الأشجار مباشرة بل لاحقوا المزارعين وسرقوا ما قطفوه.

وتضيف الأعرج أن “كل ذلك يعكس إرهابا منظما، وجرأة تضاعفت أكثر مؤخرا لدى المستوطنين نتيجة حماية الجيش الإسرائيلي، ودعم الحكومة لهم، والإفلات من العقاب”.

خاصة بالتقري حول حرب المستوطنين ضد الزيتون-
حملات مستمرة لدعم المزارعين الذين تتعرض أشجارهم لاعتداءات المستوطنين (الجزيرة)

المطلوب ماديا ومعنويا

وفي الليل يتسلل المستوطنون ليقطعوا أشجار الزيتون ويحرقوها، وخلال النهار يسرقون الثمار بعدما يستفردون بالمزارعين ويعتدون عليهم، “وشاهدنا ذلك ببلدة قفين قرب طولكرم” كما يقول مدير الإغاثة الزراعية في طولكرم عاهد زنابيط.

وردا على اعتداء المستوطنين لا يقف الفلسطيني مكتوف اليدين، وسرعان ما يغرس أشجارا محل ما يُقلع ويُحرق، ويواصل من ناحية زيارته لأرضه، ولو كان خاوية بدون شجر وثمر.

وهذا مهم جدا كما تقول مديحة الأعرج، ولكن يبقى على السلطة الفلسطينية حماية هؤلاء المزارعين من ناحية ودعمهم بكل الطرق ماديا ومعنويا من ناحية أخرى.

ويتفق زنابيط مع الأعرج، ويقول إنهم في الإغاثة الزراعية نفذوا وضمن حملتهم السنوية “إحنا معكم” لدعم المزارعين 17 فعالية لهذا العام، وعلى غرارهم نظم ناشطون حملة “فزعة”.

وتنوعت الفعاليات بين الوجود الفعلي مع المزارعين في المناطق الساخنة لحمايتهم ومساعدتهم بقطف الثمار، وبتوفير المعدات والأدوات لهم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى