السنة والمسيحيون وغيرهم.. لمن يصوت غير الشيعة في إيران؟
طهران- يأتي ترتيب المسلمين السنة في إيران من أتباع المذاهب الأربعة في المركز الثاني كأكبر جماعة دينية، بعد المسلمين الشيعة من المذهب الاثنى عشري الرسمي للبلاد.
ورغم أنه لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد السنة، فإن الإحصائيات غير الرسمية، تشير إلى أنهم يشكلون نحو 8% إلى 10% من إجمالي سكان إيران.
من جهته، يقول إمام جمعة زاهدان مولوي عبد الحميد إن المواطنين السنة في إيران يمثلون 20% من إجمالي السكان، أي أن عددهم يبلغ ما بين 10 و20 مليون نسمة.
كما أن هناك مواطنين إيرانيين يتبعون أديانا أخرى، ووفق آخر إحصائية رسمية تعود إلى عام 2016، فإن عدد المسيحيين في إيران حوالي 130 ألفا، واليهود 10 آلاف، والزرادشت 23 ألف نسمة، كما أن هناك أديانا أخرى في إيران غير معترف بها رسميا، مثل الصابئة المندائيين الذين يقطنون جنوب غربي البلاد.
حرية بموجب الدستور
بحسب المادة 12 من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الرسمي هو الجعفري الاثنى عشري، ولا يمكن تغيير هذا المبدأ إلى الأبد.
ويتمتع أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، بما في ذلك الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي باحترام كامل، ويمارسون الشعائر الدينية وفق المذاهب الخاصة بهم، وهم أحرار ولهم قوانينهم في التربية الدينية والأحوال الشخصية، كالزواج والطلاق والميراث والوصية، وما يتعلق بها من دعاوى في المحاكم وفي كل شيء.
وإذا كان أتباع أي من هذه المذاهب هم الأغلبية في المدينة، فإن اللوائح المحلية تكون في حدود صلاحيات المجالس التابعة لذلك المذهب، مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى.
ووفقا للمادة 13، يتم الاعتراف بالإيرانيين الزرادشتيين والكليميين والمسيحيين باعتبارهم الأقليات الدينية الوحيدة التي لها الحرية في أداء شعائرها الدينية ضمن حدود القانون، وفي الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية وفقا لدينها.
الأديان الأخرى والانتخابات
يتحدث المرشحون في كل انتخابات في حملاتهم عن حقوق غير الشيعة في البلاد، وفي مناظرة الاثنين الماضي، قال المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان إنه “علينا أن نرى جميع المذاهب وأن لا نتعامل مع الشيعة فقط”.
وأضاف “إذا كنت سنيا فلن يعطونني مكانة في هذه البلاد”، مذكرا بسؤاله عن وزير كردي وقال “ذكروا لي 3 أسماء، لكن لم يكن أي منهم من أهل السنة، لأن السلطات لم تمنح السني منصبا مهما كان لائقا”.
ورد عليه المرشح المحافظ سعيد جليلي بأن أهل السنة والأعراق الأخرى أصبحوا مثل صفقة ضمن الانتخابات، “حيث يقول المرشحون لهم صوتوا لي وسأفعل لكم كذا وكذا”.
وفي هذا الصدد، حاورت الجزيرة نت أتباع ديانات أخرى حول نيتهم المشاركة في الانتخابات المقررة غدا الجمعة، حيث قال كبير الخلافة الكلدانية الآشورية في طهران الخوري المطران فانيا سركيز إنه يشارك في جميع دورات الانتخابات في إيران بصفته مواطنا إيرانيا، مؤكدا للجزيرة نت أنه لا يهتم للأحزاب بل يستمع للمرشحين، ويختار صاحب الخطاب والبرنامج الذي يقنعه.
وبدوره قال الزرادشتي الموبد هرمز خسروياني “نحن سعيدون بأن البرلمان أقر منع استخدام كلمة الأقلية، ونحن اليوم لا يطلق علينا هذا الوصف بل نحن مواطنون زرادشت”.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن لديهم مطالب من السلطات، ولكن في الوقت ذاته يتفهمون محددات الأمن القومي التي قد تضطر الجهات الرسمية إلى أن تقلل من منحهم حقوقهم بسببها، “وبالتالي نحن نطالب بحقوقنا في إطار الحفاظ على الأمن القومي للبلاد” حسب قوله.
كما قال الحاخام الأكبر لليهود في إيران يونس حمامي لاله زار إنهم يشاركون في الانتخابات كي يتمكنوا بعد ذلك من مطالبة السلطات بحقوقهم، مضيفا في حديثه للجزيرة نت “أننا لدينا مطالب عامة مثل كل مواطن إيراني، وتتمحور جلها في الشأن الاقتصادي، إذ إننا نعاني مثل باقي المواطنين من الأزمة الاقتصادية”.
وأوضح أن هناك مطالب خاصة بالمجتمع اليهودي في إيران في مجالات مختلفة، مثل أنهم يطالبون بعدم تنظيم الامتحانات الوطنية للمدارس في يوم السبت لأنه يوم مقدس لهم، ومدارسهم مغلقة في أيام السبت، داعيا للحصول على حريات دينية أكثر لليهود.
يصوتون لليسار
ومن جهة أخرى، قال السياسي الإيراني الإصلاحي محمد علي أبطحي إنه لا توجد هناك مساواة بين المسلمين الشيعة وبين من ينتمي إلى دين غير الإسلام أو مذهب غير الشيعة في إيران، حيث إنهم يعانون من أضرار حقيقية، ورغم أنهم يشاركون في النشاط السياسي منذ انتخابات عام 1997 فإنهم يدعمون المرشح الذي بينه وبين النظام المسافة الأكبر، أو يمكن تصنيفه باليساري، آملين أن يمنحهم حقوقهم.
ويرى أبطحي أن هناك بعض غير المسلمين الشيعة معرضون للأضرار أكثر من غيرهم، مثل اليهود في إيران، موضحا أن هذا “جعل زعماءهم يدعمون المرشح الذي يمثل النظام، أو بتعبير آخر المرشح اليميني، ويبتعدون عن الإصلاحيين مثلا، كي يثبتوا ولاءهم للنظام ويحموا أنفسهم من الأضرار، لأن هيكلهم هش للغاية”.
وتابع موضحا أن عدد هؤلاء قليل جدا، وأن من يؤثر بشكل ملحوظ في الانتخابات من غير الشيعة هم المسلمون السنة، وذكر مثالا دعم زعيم أهل السنة في بلوشستان شرقي إيران مولوي عبد الحميد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي كان أبرز المرشحين آنذاك وفوزه شبه مؤكد، وبعد ذلك كانت سنوات حكومة رئيسي من أسوأ السنين لأهل السنة، بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات وقمعهم.
وأردف أن في هذه الانتخابات المرتقبة دعم عبد الحميد المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، معتبرا أن ما حدث في زاهدان من أحداث مأساوية في احتجاجات عام 2022 جعل أهل السنة يعودون إلى دعم الإصلاحيين، وأوضح أن قضايا أهل السنة في شرق البلاد وغربها مختلفة عن بعضها البعض، لكن الاحتجاجات جعلتها واحدة، وشارك فيها أهل السنة من الجهتين.