الرئيس النيجيري يتطلع للتمديد رغم قيادته المضطربة للإيكواس
عادة ما يتم التناوب على رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بين الدول الأعضاء دون ترتيب معين.
وحسب مصادر مطلعة، فقد كان من المتوقع أن تختار إحدى الدول الناطقة بالفرنسية الرئيس القادم، ولكن وفقًا لمصادر موثوقة تحدثت لأفريكا ريبورت، فإن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو يسعى إلى الحصول على تمديد لولايته الحالية في قمة 7 يوليو/تموز الحالي في أبوجا من أجل “استقرار المنطقة”.
ومع التهديد المستمر بالخروج من منطقة الساحل، والتغيير غير الدستوري في الحكومات، وانتشار الجهات الفاعلة غير الحكومية، يحتاج الرئيس تينوبو وقتا إضافيا لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وقال مسؤول حكومي لصحيفة أفريكا ريبورت “من الصواب أن يحصل على الدعم لتحقيق ذلك”.
وقال عبد الفتاح موسى، مفوض المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للشؤون السياسية والسلام والأمن، “لا أستطيع تأكيد أو نفي ذلك. يتم انتخاب الرئيس عادة لمدة عام واحد وبشكل استثنائي يعطى سنة ثانية بناءً على رغبته وموافقة نظرائه”.
وبالعودة إلى عام 2021، تم تمديد ولاية الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو لمدة عام، حيث أوضحت الكتلة الإقليمية أن ذلك تم من أجل “تمكينه من الإشراف على تنفيذ الإصلاحات المؤسسية الجارية”. وبالمثل، أمضى الرئيس الغاني السابق جون ماهاما عامين في قيادة التكتل بين عامي 2013 و2015.
وقد أوضح تينوبو، الذي تم تعيينه رئيسا للكتلة الإقليمية في التاسع من يوليو/تموز 2023، منذ البداية أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تحت قيادته لن تكون بلا أسنان. كما حذر من أن الكتلة الإقليمية لن تتغاضى بعد الآن عن الانقلابات.
التصعيد ضد النيجر
جاء أول اختبار لتينوبو بصفته رئيسا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه عندما أطاح الجيش في النيجر، تحت قيادة قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تياني، بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد بازوم.
وسرعان ما تبع ذلك مجموعة من العقوبات، التي شملت إغلاق الحدود وفرض قيود تجارية على النيجر.
وأخذت نيجيريا خطوة أخرى من خلال قطع إمدادات الكهرباء عن النيجر، مما أدى فعليا إلى غرق البلاد في الظلام، إذ كانت نيجيريا توفر ما لا يقل عن 70% من احتياجات جارتها الشمالية وفق اتفاق طويل الأمد.
كما هددت إيكواس بقيادة تينوبو بغزو النيجر إذا فشلت في إطلاق سراح الرئيس بازوم وأفراد أسرته من الاحتجاز، بيد أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وأجبرت تلك الإجراءات النيجر على الدخول في اتفاق مع بوركينا فاسو ومالي، اللتين يقودهما مجلس عسكري في أعقاب انقلابين أطاحا بالحكومتين هناك.
وأعلنت الدول الثلاث في وقت لاحق خروجها من الكتلة الإقليمية، وطردت القوات الفرنسية والأميركية من أراضيها، منهية كل تعاون عسكري مع الدول الغربية.
رضوخ إيكواس
وفي محاولة لإنقاذ الوضع، رفعتإيكواس جميع العقوبات المفروضة على النيجر، لكن هذا لم يكن كافيا لإعادة الدول المتمردة إلى طاولة المفاوضات.
والأسوأ من ذلك أن هذه البلدان أقامت تحالفات جديدة مع روسيا والصين، وبالتالي أشعلت التنافس في المنطقة.
ورغم أن تينوبو تلقى دعمًا من الغرب لفرض عقوبات على النيجر، فإن هذه الخطوة كلفته الدعم في شمال نيجيريا التي تربطها علاقات عائلية مع النيجر.
وبعيدا عن رفض البرلمان الموافقة على نشر القوات النيجيرية في النيجر، فقد حذر زعماء الشمال علنا من ذلك حتى إن بعضهم هدد بعدم إعادة انتخاب الرئيس إذا غزا الدولة غير الساحلية. وقالوا إن المنطقة، التي تواجه حاليًا أزمة إنسانية بسبب “حرب إرهابية” طويلة الأمد، يمكن أن تشهد تدفقًا للاجئين النيجريين إذا أعلنت نيجيريا الحرب.
يقول البروفيسور بولاجي أكينيمي، وزير الخارجية النيجيري السابق، “ما لم يأخذه تينوبو في الاعتبار هو الطريقة التي نهض بها الشمال بشكل موحد لمعارضة استخدام القوة في النيجر على أساس العرق”. وأضاف “بما أنني شاركت في السياسة الخارجية، لا أستطيع أن أتذكر قضية قسمت نيجيريا بهذه الطريقة”.
وقال أكينيمي، الذي يتمتع بخبرة تزيد عن 50 عامًا في السياسة الخارجية، لصحيفة أفريكا ريبورت إن فترة ولاية تينوبو سيتم الحكم عليها من خلال تأثير الانقلاب في النيجر على وحدة نيجيريا وخروج جزء كبير من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهو ما لم يحدث من قبل.
تهديد وليس غزوًا
وأشار الأكاديمي النيجيري إلى أن تينوبو لم يخطط في الأصل لغزو النيجر، لكنه فكر في ذلك فقط من أجل إرسال رسالة إلى السلطات العسكرية في المنطقة، بما في ذلك نيجيريا، حيث تم حث الجنود على الإطاحة بإدارته بعد انتخابات مثيرة للجدل والحقد.
يقول أكينيمي “لقد تعرض لضغوط من فرنسا والولايات المتحدة اللتين قدمتا له وعودًا بالسماح للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بخوض الحرب، وكان ذكيًا بما يكفي لتجنب ذلك لأن مجلس الشيوخ رفض تلك الخطوة”.
ووصف الرئيس السابق للمعهد النيجيري للشؤون الدولية بولا أكينتيرينوا فترة ولاية تينوبو بأنها سيئة للغاية، محذرا من أنه لا يوجد ما يشير إلى أنه سيحقق أداء أفضل إذا حصل على ولاية ثانية.
ويقول أكينتيرينوا، الذي رفع دعوى قضائية ضد إيكواس العام الماضي بسبب تخطيطها لغزو النيجر، إن دول غرب أفريقيا الانفصالية لن تعود للتكتل مرة أخرى.
بعض النجاح
وقال لصحيفة أفريكا ريبورت “إن السنة الأولى لرئاسته ليس فيها شيء يستحق الكتابة عنه. إن سياسة تينوبو الخارجية مبنية على أساس خاطئ على مستوى الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. السياسات تكون معيبة إذا كان الأساس معيبًا”.
ويضيف أكينتيرينوا أن سياسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تحت قيادة الرئيس النيجيري ليست كلها سيئة، فقد تدخلت المجموعة في أزمة السنغال عندما اندلعت الاحتجاجات بعد تأجيل الرئيس ماكي سال الانتخابات. وأرسلت الكتلة الإقليمية مبعوثين إلى دكار، ولعبت دورا في تخفيف التوترات.
وفي سيراليون، تدخلت نيجيريا أيضًا بعد المحاولة المزعومة للإطاحة بالرئيس جوليوس مادا بيو. وكان الرئيس السابق إرنست باي كوروما قد اتُهم بالتخطيط للانقلاب، وكان يواجه المحاكمة حتى تدخلت نيجيريا.
وينسب الفضل إلى المجموعة إيكواس بقيادة تينوبو في التدخل وتخفيف التوتر ونقل كوروما من سيراليون إلى أبوجا، حيث يعيش الآن. ورغم أن حكومة سيراليون لم تسقط قضية الخيانة ضده، فإنه من غير المتوقع أن تستمر المحاكمة.