رفض التطبيع ودعم فلسطين والمقاومة عنوان مهرجان خطابي بالمغرب
الدار البيضاء- “من الجيد أن نشهد اهتماما سياسيا بقضية لا يجرؤ كثير من السياسيين المغاربة على إثارتها”. هكذا عبرت الشابة رشيدة عن انطباعها وهي تتابع باهتمام مداخلات فاعلين سياسيين أمام لافتة كبيرة كُتب عليها “في ذكرى طوفان الأقصى تستمر المقاومة حتى النصر” على منصة مهرجان خطابي وطني بالدار البيضاء اليوم السبت.
وحضر المهرجان الذي نظمه حزب العدالة والتنمية (إسلامي) وزراء سابقون وسياسيون بارزون، بينهم عبد الإله بن كيران الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة الأسبق، والوزيران السابقان عبد الواحد سهيل عضو الأمانة العامة لحزب التقدم والاشتراكية (يسار)، ومحمد الخليفة المحامي والحقوقي البارز، وعبد القادر العلمي منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين.
دعم المقاومة
ورفع الحاضرون بالمهرجان هتافات تدعم المقاومة، وأخرى تطالب بإنهاء العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب. كما عبروا عن دعمهم للشعب الفلسطيني ومعركة “طوفان الأقصى” التي أعلنتها فصائل المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشددين على أهمية مواصلة الحراك المغربي تضامنا مع غزة ولبنان ضد العدوان الإسرائيلي الذي راح ضحيته ما يزيد على 52 ألف شخص بين شهيد ومفقود وعشرات آلاف الجرحى.
وتوضح أمينة ماء العينين -عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية- أن الحزب ينظم المهرجان الخطابي تزامنا مع ذكرى “طوفان الأقصى” في سياق ما يعرفه المغرب من حراك مستمر بمختلف مدنه.
وعدّته “أقل ما يجب القيام به” تجاه الفلسطينيين خاصة في الوقت الذي تتخذ فيه القضية أبعادا أخرى سواء من خلال اغتيال القيادات السياسية لفصائل المقاومة أو اجتياح لبنان، أو الحصار المشدد هذه الفترة على جباليا وبيت لاهيا.
وبحسب أمينة، “ففي سياق الهجوم على الوعي العربي والإسلامي، وليس على غزة وحدها”، تأتي هذه الفعاليات محاولة لإحياء هذا الوعي بالقضية وإعادة بنائه، وتُعبر عن ألم الشعوب تجاه ما يحدث في غزة، مضيفة “نشعر حقيقة بالعار عندما نسمع في كل لحظة نداءات إخوتنا في غزة، أينكم يا أمة العرب أينكم يا أمة الإسلام”.
مسؤولية وواجب
وفي كلمته، دعا ابن كيران الأحزاب والهيئات السياسية بالمغرب “لتحمل مسؤوليتها والقيام بالواجب لإحياء القضية الأساسية التي جعلها العاهل المغربي بنفس مستوى أهمية الوحدة الترابية للمملكة”، موجها انتقادات لجهات وأفراد في البلاد “يدعمون جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة”.
وأكد أن حزب العدالة والتنمية لم يكن أبدا مع التطبيع، وأنه اعتذر بشأن التوقيع على اتفاق التطبيع في ديسمبر/كانون الأول 2020.
ودافع ابن كيران عن “طوفان الأقصى” قائلا إن هذه “المعركة كان لا بد منها، حتى وإن قُتل الفلسطينيون بالآلاف”، ويتابع “لكن حرية الشعوب لا تقدر بثمن”، مؤكدا أن قضية فلسطين لم تبدأ من تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023″، بل بدأت مع “اجتياح العصابات الصهيونية المتطرفة بيوت الشعب الفلسطيني في 1948 وتهجيره من أرضه”.
كما شدد على أن العملية التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية بذلك التاريخ جاءت ردا على الانتهاكات الإسرائيلية، وضربة استباقية لمخطط توجه إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى سيناء، وسكان الضفة الغربية إلى الأردن وجميع الشعب الفلسطيني من أراضيهم لتوسيع الاستيطان.
“7 أكتوبر/تشرين الأول سيبقى يوما خالدا وعيدا للإنسانية جمعاء”، بهذه الكلمة عبر الحقوقي المغربي محمد الخليفة عن أهمية “طوفان الأقصى”، خلال كلمته في الفعالية الاحتفالية. وقال إنه “لأول مرة منذ 1948 نستطيع أن نحتفل بمرور سنة على قيام ثورة خالدة في تاريخ الإنسانية”، مشيرا إلى أن المعارك السابقة ضد الاحتلال لم تتجاوز أياما، في حين “انقضت سنة كاملة هذه المرة ولم تتوقف المعركة”.
وأضاف الخليفة “لن تتوقف حركة 7 أكتوبر/تشرين الأول قبل أن نرى فلسطين محررة”، معبرا عن امتنانه لقائد عملية “طوفان الأقصى” الشهيد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، لافتا إلى أنه “أحيى الأمة، وأخرجها من العجز بعدما كادت أن تفقد الأمل”.
واعتبر أن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي في ظرف سنة واحدة دليل على أن التضحية مستمرة حتى تحرير فلسطين، “ولكن في الوقت ذاته يجب على المنتظم الدولي أن يخجل من نفسه أمام هذا العدد من الضحايا”.
حكمة ووحدة
من جهته، سلط عبد الواحد سهيل عضو الأمانة العامة لحزب التقدم والاشتراكية الضوء على الوحدة التي يعيشها عدد من المكونات السياسية بالمغرب عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، مبينا أن هذه الميزة “تعبر عن حكمة القوى في المغرب التي تختار الوحدة حول القضايا المصيرية التي بينها فلسطين، بينما تختلف في غيرها”.
ويقول للجزيرة نت إن هذه الوحدة “من السنن المغربية الحميدة باعتبار أن القضية الفلسطينية لا تهم فريقا سياسيا دون الآخر، بل تهمنا جميعا، ونعبر عن تضامننا معا كما دأب الشعب المغربي على ذلك مرارا وتكرارا”.
وعبر عن أمله في أن يكون مشهد التضامن المغربي “مثالا يحتذى به عربيا وفلسطينيا، لأننا بحاجة إلى جهود الجميع لمواجهة الغطرسة الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين”.
وبرأيه، فإن الحراك السياسي من أجل غزة شديد الأهمية كونه تعبيرا عن التضامن ورسالة للجميع مفادها أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، كما يُعد “انتصارا مهما للقضية الفلسطينية رغم فداحة التضحيات التي يقدمها إخواننا في غزة والضفة والقدس ولبنان”.
“التقطنا عصا السنوار”، يقول عبد القادر العلمي معبرا عن مدى عمق رمزية العصا التي ظهرت بيد رئيس حركة حماس خلال اللحظات الأخيرة قبل استشهاده جراء اشتباك مع جنود من جيش الاحتلال في رفح جنوبي قطاع غزة.
وأشار إلى أن تلك العصا التي “رمى بها وجه العدو بعدما سطر ملحمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول صارت أيقونة عالمية ضد الظلم والعدوان والخذلان والتطبيع”. ودعا المغاربة “للاجتماع حولها وإعلان رفض العلاقات بين المغرب وإسرائيل”. وأوضح -للجزيرة نت- أن مجموعة من الرموز السياسية تعبر من خلال هذا المهرجان عن شعور المغاربة ودعمهم للشعب الفلسطيني ورفضهم للتطبيع.
وقال العلمي إن “العلاقات مع تل أبيب تزعج النخب المغربية وفئة واسعة من الشعب، ولذلك فإن هذه الأصوات التي تبرز في مختلف الفعاليات الشعبية بالبلاد تنادي بضرورة إلغاء كل الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي المجرم”.
وعبر “عن أمله في الاستماع لأصوات المغاربة المتعالية في كل مكان وإلغاء التطبيع، والعودة إلى ما يتلاءم وينسجم مع إرادتهم، بدعم الشعب الفلسطيني في كفاحه العادل من أجل فلسطين حرة مستقلة وعاصمتها الأبدية القدس”.