تايمز: عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية الأمر جد معقد
حاول الكاتب والمؤلف البريطاني من أصل نيجيري، توميوا أوولادي، تفسير ماهية القيم البريطانية عن طريق التعريف بقضايا، مثل التجديف أو ازدراء المعتقدات الدينية، في مقاله بصحيفة تايمز.
وانطلق في تقديم أفكاره من إحدى حلقات برنامج “ليلة الجمعة، صباح السبت” الحواري بالتلفزيون البريطاني في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، الذي تناول قضية التجديف في إطار نقد فيلم “حياة براين” الكوميدي.
اقرأ أيضا
list of 2 items
لوفيغارو: حكومة طالبان تعتمد على السياحة للتخفيف من عزلتها
غارديان: أطفال غزة عاجزون عن النوم والكلام جراء صدمات الحرب
end of list
ويحكي ذلك الفيلم قصة الشاب براين كوهين اليهودي الروماني، الذي صادفت ولادته يوم ميلاد المسيح عليه السلام، حسب المعتقد المسيحي. وقد أثار الفيلم وقت عرضه موجة من الجدل، إذ اتهم البعض القائمين عليه بازدراء الأديان.
قيم
واستضاف البرنامج الحواري 4 شخصيات، اثنين منهم دافعوا عن الفيلم، وهما الممثل وكاتب السيناريو الإنجليزي جون كليز والممثل الهزلي مايكل بالين، أما الآخران اللذان وقفا على الجانب المقابل، فهما أسقف منطقة ساوثوارك التاريخية في لندن، ميرفين ستوكوود، والصحفي مالكولم موغيريدج.
وجادل ستوكوود بأن الفيلم يسخر من المسيح، معتبرا أن فكرة تجسد روح الله وكلمته في يسوع المسيح تشكل أساس الحضارة الغربية، وأن الاستهزاء بها تحط من قدر المسيحيين.
ويقول أوولادي إنه حدث أن استمع إلى مقطع من بودكاست الأسبوع الماضي بعنوان “السيد البغيض”، حاول فيه مقدمه المذيع كونستانتين كيسين التعريف بالقيم البريطانية.
ويضيف كاتب المقال أن مجرد الاستقرار في بريطانيا لا يكفي في حد ذاته، في نظر كيسين وهو نفسه مهاجر من روسيا.
التجديف
واعتبر كيسين أن من يريد سن قوانين تحظر التجديف (ازدراء الأديان) ليس بريطانيًا. واستنادا إلى هذا التعريف، فإن الأسقف ستوكوود وموغيريدج كانا يعبّران في تلك الحلقة الحوارية عن آراء غير بريطانية.
وفي رده على أفكار كيسين، يقول أوولادي إن إساءة شخص من الأقليات بلا مبرر قد يُعرِّض المرء لإدانة جنائية، وتساءل: ما هذا إن لم يكن تطويعا لقوانين حظر التجديف لتتلاءم مع الحرمات اليوم؟
وفي المقابلة التي أجراها كيسين، أشار ضيف البرنامج -الذي لم يذكر كاتب المقال اسمه- إلى أن قطاعا كبيرا من البريطانيين يؤيدون سن قوانين تحظر خطاب الكراهية.
وفي تلك المقابلة، زعم كيسين أنه لا يعتقد أن قوانين تجريم خطاب الكراهية “غير بريطانية”، بل إن فكرة أنه لا يمكن للمرء إهانة دين من الأديان هي “فكرة غير بريطانية”.
قيم تقدمية
ويفترض مثل هذا التصريح أن أعراف بريطانيا المعاصرة هي وحدها البريطانية حقا، وأن البريطانيين في الماضي الذين دانوا احتقار الدين لم يكونوا بريطانيين، وفق مقال تايمز.
لكن الأمر لا يقتصر على مسألة التجديف وحدها، برأي كيسين الذي أضاف إليها قضية المثلية الجنسية. وعن ذلك يقول “إذا أردت تجريم المثلية الجنسية، كما يفعل كثير من الناس في بعض المجتمعات، فإن ذلك لا يعد قيمة بريطانية”.
ويعارض كاتب المقال -كما يقول- قوانين حظر التجديف في بريطانيا وفي جميع البلدان، لأنه يؤمن بأن حرية التعبير ومعارضة التمييز هي قيم عالمية يجب الدفاع عنها.
ورغم أنه يعتبر القيم التقدمية جزءا من تراث بريطانيا، وأن الليبرالية إرث من تقاليد المعارضة التي تمتثل لتعاليم كنيسة إنجلترا، فإنه يرى أن هناك جوانب أخرى من ماضي بريطانيا يمكن استخدامها لتبرير الإجراءات الرجعية، على حد وصفه.
ومضى الكاتب قائلا إنه “عوضا عن التركيز على القيم الأساسية لكوننا بريطانيين كوسيلة لدمج المهاجرين، يجب علينا التأكيد على ما هو خاص ببلدنا بشكل لا يمكن اختزاله، والذي يتجلى في أدبنا ومؤسساتنا وبيئتنا وتاريخنا وأعرافنا وروحنا المرحة”.