الاخبار العاجلةسياسة

9 أسئلة وجهتها الجزيرة نت لخبراء حول الهدنة الإنسانية بغزة

واشنطن- بعد مرور شهر على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى”، تزداد الجهود الأميركية الساعية للتوصل لهدنة إنسانية وسط رفض إسرائيلي للفكرة إلا إذا ارتبط تنفيذها بإطلاق رهائنها المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين يقارب عددهم 240 شخصا.

وذكر بيان للبيت الأبيض، أمس الاثنين، أن الرئيس جو بايدن بحث في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “إمكانية الهدنة التكتيكية لتزويد المدنيين بفرص المغادرة بأمان من مناطق القتال المستمر، وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المحتاجين، وتمكين إطلاق سراح الرهائن المحتملين”.

وتزداد الضغوط، من داخل الولايات المتحدة وخارجها، للتوصل لهدنة إنسانية للتعامل مع الآثار الكارثية للعدوان الإسرائيلي على غزة الذي خلف أكثر من 10 آلاف شهيد وقرابة 30 ألف جريح وسط انهيار تام للخدمات وعلى رأسها المرافق الطبية والمستشفيات.

الجزيرة نت تتناول في سؤال وجواب كل ما يتعلق بفكرة الهدنة الإنسانية:

ما المقصود بهدنة إنسانية، وكيف تختلف عن وقف إطلاق النار؟

في حديث مع الجزيرة نت، وصف مصدر دبلوماسي عربي (فضل عدم الكشف عن اسمه) المقصود بالهدنة الإنسانية، التي يدور حولها النقاش حاليا، بأنها وقف مؤقت لإطلاق النار بما يسمح بنقل المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى في قوافل تتبع خط سير وطرقا محددة دون الخوف من تعرضها لأي هجمات.

ويتم الاتفاق عليها بفترات معينة -عدة ساعات كل يوم- أو لعدة أيام متصلة أو متقطعة.

ولا يعني ذلك انتهاء الأعمال القتالية، بل هو توقفها فقط دون أن يتبع ذلك بدء مسار تفاوض سلمي للبحث عن حلول سياسية للصراع، على العكس من حالات وقف إطلاق النار التقليدية، التي تمهد لبدء محادثات سياسية بين الأطراف المتقاتلة.

هل هناك دعم أميركي رسمي للتوصل للهدنة إنسانية؟

نعم هناك رغبة أميركية لكنها تصطدم برفض إسرائيلي حتى الآن، ولا يبدو أن البيت الأبيض يحاول استخدام أدوات الضغط لديه لدفع الحكومة الإسرائيلية لقبول الهدنة الإنسانية المؤقتة.

ومنذ بدء العدوان على غزة، تتبنى إدارة الرئيس بايدن الرواية الإسرائيلية لتطور الأحداث، ولا تدخر واشنطن جهدا في المجالات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، لإظهار دعمها الكامل لإسرائيل.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده تدعم “هدنات إنسانية” في النزاع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس، لكنه عبر عن رفضه الدعوات إلى “وقف إطلاق النار” التي تطالب بها دول عربية حليفة لواشنطن.

وتكرر إدارة بايدن أن وقف إطلاق النار لن يؤدي إلا إلى “إبقاء حماس في مكانها”، بل يعتبر البعض أن هذا الوقف ما هو إلا “انتصار للحركة”.

ولا يختلف الموقف في الكونغرس الذي يدعم إسرائيل بشدة. لكن الأيام الأخيرة شهدت ارتفاع عدد المشرعين في مجلسي الكونغرس الذين يؤيدون هدنة إنسانية للعدوان المستمر على غزة، رغم أن الدعوات لا تزال تقتصر إلى حد كبير على الأعضاء التقدميين.

ووقّع 58 مشرعا رسالة تفيد بأنهم “قلقون للغاية من العملية العسكرية الإسرائيلية والسلوك الذي يفشل في الحد من الضرر الذي يلحق بغير المقاتلين والسكان الضعفاء”، فضلا عن إثارة المخاوف بشأن عنف المستوطنين في الضفة الغربية ودعوة الدبلوماسية إلى تحقيق حل الدولتين.

ماذا يقول القانون الدولي عن فكرة الهدن الإنسانية؟

قال الخبير القانوني والحقوقي الأستاذ ببرنامج الصحة العامة وحقوق الإنسان في جامعة جونز هوبكنز، لين روبنشتاين، إن القواعد، المعروفة باسم القانون الدولي الإنساني، تعني الحد من الضرر الذي يلحق بغير المقاتلين في الحرب، وتهدف إلى حماية المدنيين والجنود الجرحى والمرضى والعاملين في مجال الصحة والمساعدات الإنسانية وأسرى الحرب.

وأشار روبنشتاين إلى أنه “لا يجوز مهاجمة المدنيين أو أخذهم كرهائن. وعلى المقاتلين، في استهدافهم، التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب إصابة المستشفيات وغيرها من المنشآت المدنية.

وحتى عندما يكون الهدف عسكريا، يجب على المقاتلين اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب، أو على الأقل، للحد من الضرر اللاحق بالمدنيين. كما تحظر القواعد الهجمات على مراكز الخدمات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. والصراعات في المناطق المكتظة بالسكان، لا تلغي هذه الواجبات.

وتنطبق القواعد على كل من القوات العسكرية الحكومية والجماعات المسلحة غير الحكومية، مثل حماس.

وتعد الهجمات المتعمدة على المدنيين والعقاب الجماعي للسكان والانتهاكات الجسيمة للقواعد، مثل استهداف المدنيين، أو البنية التحتية المدنية، أو أخذ الرهائن، أو تجويع السكان، جرائم حرب.

هل هناك أي شروط ترتبط بفكرة الهدن الإنسانية؟

وعن القواعد المحددة التي تنطبق على الاحتياجات الصحية والإنسانية، قال روبنشتاين إن “الشرط الأساسي لهذه القواعد هو احترام وحماية الجرحى والمرضى، ومقدمي الخدمات الصحية، والمستشفيات والمرافق الصحية الأخرى، وسيارات الإسعاف وغيرها من وسائل النقل الطبي. وأن الهجمات المتعمدة عليهم هي “جرائم حرب”.

اقرأ ايضاً
رئيس الوزراء الروسي يتحدث عن "النفط الجديد" في القرن الحالي..فما هو

وأضاف أنه طبقا للقانون الدولي، يجب عدم التدخل في الرعاية الصحية أو عرقلتها، مثل منع مرور سيارات الإسعاف التي تسعى إلى إجلاء الجرحى والمرضى.

في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر نظام للاتصال بالسلطات العسكرية الإسرائيلية وخدمات الإسعاف الفلسطينية لضمان الحركة الآمنة لسيارات الإسعاف ومنع إساءة استخدامها.

وطالب روبنشتاين سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالالتزام بضمان حصول سكان قطاع غزة على الخدمات الصحية وتدابير الصحة العامة بشكل كاف.

وتعتبر الجهات الدولية ووزارة الخارجية الأميركية غزة مناطق محتلة بسبب سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والمياه الإقليمية ودخول، وخروج الناس، والمياه، والكهرباء.

وأكد أن استمرار الغارات الجوية على مناطق مكتظة بالسكان، وارتفاع عدد الشهداء، يلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت إسرائيل قد امتثلت لالتزاماتها.

33ZY47N highres 1699149424
بايدن وإدارته لا يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة لكنهم دعوا إلى هدنة مؤقتة (الفرنسية)

لماذا نحتاج إلى هدنة إنسانية؟

تمنع إسرائيل سكان قطاع غزة البالغ عددهم قرابة 2.3 مليون نسمة من الحصول على الكهرباء والغذاء والماء. وقد أثارت هذه الخطوة إدانات واسعة، إلا أن إسرائيل لم تكترث بهذه الإدانات.

وقال السيناتور اليهودي بيرني ساندرز، إن “حرمان إسرائيل الشامل لدخول الغذاء والماء والضروريات الأخرى لغزة هو انتهاك خطير للقانون الدولي ولن يفعل شيئا سوى إيذاء المدنيين الأبرياء”.

ومنذ منتصف الشهر الماضي، سمحت إسرائيل بدخول شاحنات للمساعدات الإنسانية، بعد اتفاق مع الولايات المتحدة ومصر، من معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، إلا أن كل ما دخل القطاع حتى الآن يقترب من 480 شاحنة، وهو ما لا يتعدى ما كان يدخل خلال يوم واحد قبل الإغلاق الإسرائيلي للقطاع.

ما موقف إدارة بايدن من وقف إطلاق النار؟

لم تصل إدارة بايدن بعد إلى حد دعم وقف إطلاق النار في غزة، رغم دعوات بعض المشرعين الديمقراطيين وبعض الجماعات الحقوقية، إضافة للدول الحليفة لواشنطن في الشرق الأوسط.

ويقول البيت الأبيض إن وقف إطلاق النار سيفيد حماس في نهاية المطاف ويتيح لها الوقت لإعادة تجميع صفوفها وتجديد إستراتيجياتها.

ما دور مصر فيما يتعلق بالتطورات الإنسانية في غزة؟

تلعب مصر دورا محوريا في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة حيث تسيطر القاهرة على معبر رفح الحدودي، مما يجعله المدخل الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل.

ومع استمرار الحرب في القطاع وتفاقم الوضع الإنساني هناك، لا ترحب الحكومة المصرية بفكرة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى شمال شبه جزيرة سيناء، وهي المنطقة التي شهدت عقدا من التمرد بين الجيش المصري ومختلف الجماعات “الإرهابية”، بما فيها إحدى الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (ولاية سيناء) طبقا لدراسة لخدمة أبحاث الكونغرس.

وتخشى القاهرة من إمكانية أن تمتد إعادة التوطين المؤقت للفلسطينيين في مصر إلى المدى الطويل أو أن تصبح دائمة، على غرار وضع بعض الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في أماكن أخرى في دول المنطقة.

قد تلعب مصر دورا مركزيا في إيصال المساعدات الإنسانية. وتتجمع الكثير من المساعدات الدولية المتجهة لقطاع غزة في مطار العريش بشمال سيناء والذي يبعد أقل من 60 كيلو مترا من الحدود مع غزة.

ويقول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن بلاده وإسرائيل ومصر اتفقوا على “وضع خطة” لإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة.

ما رؤية واشنطن لفكرة الهدنة الإنسانية؟

ترى واشنطن أن هدنة إنسانية ستوفر بعض الراحة للمدنيين في غزة وتسمح لإسرائيل كذلك بإحراز تقدم في جزء رئيسي آخر من أهدافها، وهو إطلاق سراح الرهائن.

وقد أطلقت حماس 4 رهائن من النساء خلال فترة توقف قصيرة سابقة للقصف، وقد تتيح وقفة أخرى، أو سلسلة منها، فرصة لعودة المزيد من الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس إلى عائلاتهم.

ومن شأن هدنة إنسانية أن تتيح أيضا للمزيد من المدنيين الذين بقوا في غزة، فرصة الانتقال إلى الأمان النسبي حتى تنتهي الأعمال العدائية. وتم فتح معبر رفح الحدودي في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما سمح لمئات الأجانب، ومنهم قرابة 400 أميركي، بمغادرة غزة ودخول مصر.

ما شروط نجاح الهدنة الإنسانية؟

لكي يكون أي إجراء من هذا القبيل فعالا، يجب على طرفي هذا الصراع الالتزام به. وسيتعين على الحكومة الإسرائيلية وقف كل هجماتها الجوية والبرية، كما على حركة حماس أن توافق على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال هذه الهدنة المؤقتة.

وليس هناك ما يضمن أن هدنة إنسانية، لا سيما في الحالة الراهنة، ستعني العودة الآمنة للرهائن أو انتهاء محنة المدنيين في قطاع غزة. إلا أن التقاعس عن التوصل لهدنة إنسانية من شأنه زيادة معاناة المدنيين الأبرياء داخل القطاع، واغلاق أفق الإفراج عن المزيد من الرهائن، حسب ما ترى واشنطن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى