الكويت مقبل على كارثة غير مسبوقة و”حل وحيد” أمام الأمير “قبل فوات الأوان”
خاطب العديد من النشطاء الكويتيين الحكومة وأمير الكويت، بشأن الاستجابة لمبادرة وطنية مكونة من 29
أكاديمياً تحذر من أزمة اقتصادية وكارثة محدقة في ظل تراجع أسعار النفط وتبعات جائحة كورونا.
وبحسب صحيفة “القبس” فقد جاء في ورقة بحثية بعنوان “قبل فوات الأوان” تمثل رؤية لتصحيح المسار
الاقتصادي، أعدها 29 أكاديميا متخصصا في المجالات الاقتصادية والإدارية في كلية العلوم الإدارية
بجامعة الكويت.
وتركز الورقة على “جذور الخلل الاقتصادي وسبل معالجته، وتقوم على ركائز أساسية تتمثل في تنويع
الاقتصاد واستدامته ومكافحة الفساد حتى يستعيد المواطنون ثقتهم بمؤسسات الدولة”.
وأكدت “أن أية مبادرة للإصلاح يجب ألا تكون رهن حركة سعر النفط والأزمات المؤقتة والمزاجين
السياسي والشعبوي”.
مشيرة إلى أن تكرار مطالب الإصلاح هو دليل عـلى فشـل النهج القائـم عـلى تأجـيل الإصلاح وتغليب النزعـتين السياسـية والشعبوية فـي سن التشـريعات ورسم السياسات عـلى حساب الدليل العلمي.
هذا ورأى الباحثون أن “الاسـتمرار في الاعـتماد عـلى النفط سيثقل كـاهـل الـمالـية الـعامـة ويـدفـعنا نـحو خـيارات مـؤلـمة لسـد الـعجوزات مـن خـلال إهـدار الاحتياطيات العامة أو المساومة على سيادة الدولة وملاءتها المالية”.
وأعتبروا “أن التحديات المحدقة بوطننا تحتم علينا مصارحة أنفسنا بأن عهد توزيع الثروة كما عهدناه قد ولّى”.
وأشارت الورقة إلى أن هناك 5 أسباب للخلل الاقتصادي، أهمها: الاعتماد على النفط، إذ يـمثل الـنفط 91% مـن صـادرات كويـت، وكذلك الاختلال في سوق العمل، إذا يمثل الكويتيون 15% فقط من تركيبة السوق.
وفي النهاية أوصت بخمسة محاور للإصلاح الاقتصادي: اقتصاد متنوع ومستدام، وإصلاح المصروفات العامة، وإصلاح الاختلال في سوق العمل، ووالاستثمار في رأس المال البشري، وإصلاح اختلال التركيبة السكانية.
أسباب دخول اقتصاد الكويت غرفة الإنعاش
العديد من الأسباب أدخلت الاقتصاد الكويتي إلى غرفة الإنعاش رغم أصوله المليارية الكبيرة كونه أحد أكبر الاقتصادات في المنطقة على رأسها أزمة النفطوتهاوي الأسعار التي تسببت في تراجع إيرادات الدول النفطية.
واضطرت البلاد لتقليص إنتاجها اليومي من 3.12 مليون برميل إلى 2.2 مليون في نطاق الإجراءات الجماعية لمجموعة أوبك بلاس الهادفة إلى الحدّ من تدهور الأسعار وهو ما كان له أبلغ الأثر على معدلات النمو الاقتصادي خلال العام الحالي.
وبحسب تقارير وزارة المالية فقد سجلت الكويت خلال السنة المالية الماضية عجزا بمقدار 18.4 مليار دولار
بزيادة 69% عن العام السابق، فيما كشف الشيتان أن العجز الذي سجلته بلاده منذ أبريل الماضي وحتى نهاية
يوليو الماضي بلغ 12.1 مليار دولار وهو مؤشر خطير ربما يهدد السيولة النقدية حال عدم إجراء إصلاحات
مالية.
وقد كشفت وثيقة أنه في حال استمر هذا الوضع فإن عجز الموازنة من المتوقع أن يتفاقم إلى 47 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، إضافة إلى نفاد الاحتياطي العام وشح السيولة، مرجحة هذا المأزق إلى تراجع الإيرادات النفطية، وزيادة الإنفاق في شتى القطاعات لمواجهة أزمة كورونا.
وهذا بخلاف انخفاض حجم صندوق الاحتياطي العام من 16.5 مليار دولار في بداية السنة المالية الحالية إلى 13 مليار دولار في خلال 3 أشهر فقط.
نظرة سلبية
وكانت وكالة ستاندرز آند بورز للتصنيف الائتماني السيادي قد غيرت النظرة المستقبلية لتصنيف الكويت من مستقرة إلى سلبية عند مستوى أي أي سالب في ضوء التحديات المالية التي تواجه تمويل الموازنة العامة التي أوضحتها البيانات الصادرة عن الحكومة الكويتية.
وتعتمد الكويت عضو أوبك على النفط كأكبر مورد اقتصادي لديها، حيث تمثل الصناعة النفطية فيها أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي و95% من الصادرات و80% من الإيرادات الحكومية، وهو ما يعظم من تأثير التهاوي الكبير الذي شهده سوق النفط خلال العامين الماضيين.
وبعيدًا عن الدوافع الاقتصادية والسياسية يرى خبراء أن النتيجة التي وصلت إليها البلاد حاليا تعود إلى أخطاء تراكمة على مر السنين، تسببت في إهدار موارد الدولة وسوء إدارتها بالشكل الملائم ما تسبب في حرمان الشعب من المليارات.
قانون الدين العام
وفي محاولة للخروج من هذا المأزق أحالت الحكومة للبرلمان مشروع قانون الدين العام وهذا المشروع الذي يسمح لها باقتراض نحو 65 مليار دولار على مدى 30 عاما، وهو ما كانت تعول عليه البلاد لعبور المرحلة الحرجة التي تواجهها.
الشعب سيدفع الثمن غالي
وأمام غياب التوافق بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة بشأن إقرار قانون الدين العام بجانب استمرار تداعيات مواجهة كورونا، سواء زيادة الإنفاق أم تراجع معدلات النمو، فإن الوضع يزداد سوءًا يومًا تلو الآخر، هذا لو وضعنا في الاعتبار احتمالية أن يتعرض سوق النفط لأي هزة مستقبلية وهو أمر غير مستبعد.
فريق آخر يرى ضرورة التوصل إلى صيغة توافقية بين الحكومة والبرلمان لإقرار القانون في أقرب وقت بالشكل الذي يحقق القبول لدي الطرفين، أن يقدم مجلس الوزراء تطمينات وتفصيلات تحفظ المال العام، وأن يبدي مجلس الأمة المرونة اللازمة لتمرير التشريع.
ويعتبر هذا الفريق أن القانون الآن – طالما لم يوجد حلول أخرى – بمثابة جهاز التنفس الصناعي للاقتصاد الكويتي لتخطي المرحلة الحرجة على أن يعيد حساباته وهيكلة أركانه بالكلية عقب خروجه من فترة النقاهة، أما ما دون ذلك فإن إصرار كل طرف على موقفه سيدفع ثمنه غاليًا، الكويتيون والدولة معا.