بن سلمان وإسرائيل.. بدل التطبيع معها أقام لها “إمارة” على أرضه
إذا كنت طفلا أو لم تولد بعد وقت قيام إسرائيل، أو فاتتك أحداث النكبة والاستبداد الصهيوني الأول، فإن
نيوم السعودية تقدم لك فرصة لإعادة المشهد كاملا، لترى كيف تقام مدينة مغتصبة على أرض أصحابها
المنكوبين والمطرودين بقوة الرصاص، وكيف يُخلع شعب عن أرضه لتحقيق وهم مغتصب مزعوم.
كان لافتا كيف أن ابن سلمان تأخر كثيرا في إعلان التطبيع مع إسرائيل، لكن بدا واضحا أيضا أن السعودية هي
البلد العربي الوحيد غير المضطر للتطبيع مع إسرائيل، إذ إنه وببساطة يمتلك نسخة استثنائية منها على أرضه، اشتركت مع دولة الاحتلال في كونها أقيمت على أراض منهوبة من أصحابها، في مشروع تهجير منظم،
بحماية الرصاص الذي أودى بحياة كل من تمسك بأرضه.
شراكة مع إسرائيل
وتبرز حقائق عن مشروع مدينة نيوم بأنها أراض سعودية بشراكة إسرائيلية وإدارة أجنبية، ولا تغيب السقطة
الشهيرة التي وقعت فيها السفارة السعودية في واشنطن، عن الأذهان، حينما نشر حساب السفارة تغريدة تكشف
واقع مدينة “نيوم”، حين كتب أن مجلس وزراء السعودية قد وافق على تكليف شركة للأمن السيبراني للمشاركة
في إدارة مشروع نيوم.
وعلى الرغم من تكذيب السفارة لهذه الأخبار، كشفت وسائل إعلام عالمية عن مفاجأة، أن الشركة التي تم الاتفاق
معها هي شركة إسرائيلية وكشفت تقارير إعلامية أن سفير السعودية التقى رجل الأعمال اليهودي “إيريل
مارغليت” الذي قدم له اقتراحات اقتصادية حول استثمار الشركات الإسرائيلية في نيوم.
استثمارات واسعة
وأفادت التقارير بأن مارغليت في مصر عن جهوزيته هو ومجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين المقيمين
في مصر للاستثمار في مشروعات نيوم وأخبره أنه في حال تمت الموافقة على تنفيذ المشروعات الاقتصادية
التي اقترحها والتي تضم مجموعة من الفنادق والمزارع والمعامل المتطورة، وشركات تكنولوجيا النانو “فإن
ذلك يستلزم نقل الأراضي التي ستحتاجها الشركات إلى ملكية شركته الأم”.
ويأمل ابن سلمان أن تصبح مدينته التي تبلغ مساحتها حوالي 26.500 والممتدة بطول 460 كيلومتراً على
ساحل البحر الأحمر أن تصبح المملكة بديلا للعالم عن وادي السيليكون في مجال التكنولوجيا، وهوليوود في
مجال الترفيه، والريفيرا الفرنسية في مجال السياحة وقضاء الإجازات.
أحلام كاذبة
لكن هذه الأحلام استبعدها اقتصاديون لاسيما وأن المدينة تقوم على أرض يسعى ابن سلمان لتهجير أبنائها قسرا
ليحل محلهم سكان أجانب، وخلق ذلك أزمة ضخمة داخل السعودية مع أبناء الحويطات خاصة بعد قتل واحد منهم واعتقال العشرات لإجبارهم على التخلي عن أرضهم وديارهم فضلا عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المملكة خلال تلك الفترة بسبب الحرب على اليمن وأزمات تفاقم فيروس كورونا، وانقطاع رحلات الحج والعمرة عن المملكة.
وسلطت تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على مشروع نيوم، باعتباره المشروع الأضخم في رؤية 2030 وذكرت أن هناك العديد من العوامل التي ستحول دون إتمام المشروع، أهمها الصعوبات الكبرى التي تتعلق بعملية تهجير أكثر من 20 ألف مواطن سعودي بشكل قسري بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي اعتبرته كثاني أهم العوامل في تأخر إتمام المشروع.
وقالت الصحيفة إن بناء نيوم يكلف المملكة أموالا لم تعد تملكها، بسبب ما تعانيه اقتصاديا وهو ما ترتب عليه عجزا في الميزانية.
قروض استثنائية
وكشف تقرير اقتصادي النقاب عن أن المرحلة الأولى من نيوم تستند على القروض المالية وأشارت إلى أن المشروع برمته قائم على مستشارين أجانب، فالسعودية تفتقر إلى القدرات العالمية كما تفتقر لأهل الخبرة في المجالات والقطاعات الاقتصادية التي يستهدف ولي العهد السعودي العمل فيها في مدينته.
ورأت أن ذلك يضاعف الميزانية المطلوبة، ويفتقد إلى عامل الأمان عند التسلم، لعدم وجود الخبرة التخطيطية والهندسية الكافية.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنها قد أطلعت على الفكرة من بدايتها، من قبل أن يعهد بها ابن سلمان إلى الشركات الاستشارية الأجنبية وهو ما جعلها تكتب عن المدينة أنها خيالية لا حقيقة لها، خاصة وأن الأرض التي ستقام عليها ليست سوى رمال وشمس.
ولفتت إلى أن مشروع نقل السكان الحاليين والمرحلة الأولى من المقرر أن تتم بحلول عام 2025، ليضاف هذا التاريخ إلى سلسلة الخيالات التي تقوم عليها المشروع.
إسرائيل أخرى
من ناحية أخرى طالب مستشارون أجانب ابن سلمان بالالتزام بالمعايير الدولية التعامل مع المواطنين، لأن ما يفكر به سوف يحدث شرخا في المجتمع السعودي.
وشدد المستشارون على ضرورة التفكير بنظرة أعمق من خلال الاستعانة بهؤلاء السكان في المشروع، كعمالة وغيره من الاحتياجات التوظيفية، بعد إعادة التدريب والتأهيل.
ويعتبر مشروع نيوم العنصر الأبرز في رؤية 2030 التي روج لها ابن سلمان طويلا، لكن من يبحث في التاريخ اليهودي سيجد أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عام 1995 حين أصدر كتابه الشرق الأوسط الجديد، روج لنفس الفكرة وتحدث رابين باستفاضة عن رؤيته حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وخطته لربط “إسرائيل” بفلسطين والأردن وكذلك إقامة سوق اقتصادية مشتركة على غرار السوق الأوروبية، وخلق تعاون عسكري في شكل تحالف مع بعض الدول العربية وذلك بعد الاعتراف وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وتلك الدول.