الاخبار العاجلةسياسة

ماليزيا.. ما تأثير إدانة نجيب عبد الرزاق وزوجته بالفساد على حزبهما؟ وكيف سيتعامل معها؟

كوالالمبور- “كانا يمارسان الحكم معا ويتصرفان بحصانة، ومطمئنين بأنهما سيحكمان إلى الأبد” بهذه الكلمات علق نائب وزير الدفاع الماليزي السابق ليو تشينغ تونغ على الأحكام الصادرة بحق كل من رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق وزوجته، واعتبرها بداية جديدة لماليزيا.

بينما ربط مراقبون في حديثهم للجزيرة نت محاكمات الفساد بالصراع الدائر داخل حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) الذي أوصل نجيب عبد الرزاق إلى السلطة عام 2009، ويرون أن أعداءه لم يتمكنوا على مدى 22 شهرا من حكمهم من الإدانة أو إقصائهم عن المسرح السياسي، في إشارة إلى تحالف رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد وأنور إبراهيم وقيادة حزب العمل الديمقراطي ذي الجذور الصينية، الذي تسلم السلطة عام 2018 عقب خسارة نجيب عبد الرزاق وحزبه الانتخابات العامة.

أحكام السجن والغرامة

أدانت المحكمة العليا في كوالالمبور روسما منصور (70 عاما) بـ3 تهم فساد، وحكمت عليها بالسجن 10 سنوات ودفع غرامة 970 مليون رينغيت (أكثر من 216 مليون دولار)، وذلك بعد 9 أيام من تثبيت المحكمة الفدرالية الأحكام الصادرة بحق زوجها نجيب عبد الرزاق وإيداعه السجن لمدة 12 عاما وتغريمه نحو 45 مليون دولار.

وتضم التهم التي حوكمت بموجبها السيدة روسما تلقيها رشى على 3 دفعات، يصل مجموعها حوالي 40 مليون دولار، مقابل التوسط لدى الحكومة للموافقة على تمرير عقد تبلغ قيمته 300 مليون دولار لتزويد مدارس ولاية ساراواك الحكومية بالطاقة الشمسية عام 2016.

أما رئيس الوزراء السابق فقد أكدت المحكمة الفدرالية الحكم عليه بالسجن 12 عاما ودفع غرامة تقدر بنحو 45 مليون دولار، هي 5 أضعاف المبلغ الذي أدين باختلاسه من شركة إس آر سي إنترناشيونال التابعة للصندوق السيادي الماليزي “وان إم دي بي” (1MDB).

ويبقى أمام سيدة ماليزيا الأولى سابقا فرصة الطعن في الحكم أمام محكمة الاستئناف ثم المحكمة الفدرالية كما فعل زوجها من قبل، وإذا ما أخفقت في التشكيك بالأدلة ضدها فقد لا تتمكن من حمل حقائب هيرميس بريكين المرصعة بالجواهر التي اشتهرت بها.

نقطة مفصلية

يرى مراقبون أن خسارة تحالف الجبهة الوطنية، الذي حكم ماليزيا لأكثر من 6 عقود، للانتخابات عام 2018 يؤسس لمرحلة جديدة، عنوانها نهاية حكم الحزب الواحد، ويقول ليو تشينغ تونغ نائب الأمين العام لحزب العمل الديمقراطي إن التغيير لم يقتصر على الحكومة بل تعداه لإنهاء حقبة الحكم دون مساءلة للساسة وكبار المسؤولين.

ويضيف تونغ للجزيرة نت أن محاكمات الفساد وإدانة نجيب بعثت رسالة مفادها “أن المسؤولين لم ولن يعودوا محصنين، وأنهم سيخضعون للنظام والقانون، وللمحاسبة والتدقيق القانوني أثناء تحملهم مسؤولياته”.

ويتفق معه المحلل السياسي عبد الرزاق السقاف بالقول إن محاكمات الفساد فرصة للإصلاح الداخلي بالنسبة للأحزاب التي مارست السلطة لا سيما “أمنو”، والتخلص ممن وصفهم بالديناصورات الفاسدة المهيمنة عليه، وقد تشكل رافعة انتخابية للحزب، من خلال ادعاء شفافية الحزب من حيث إنه لم يتدخل في سير القضاء، وأنه يجري مراجعات داخلية تهدف إلى تنظيف الحزب من الفاسدين.

اقرأ ايضاً
وزير الخارجية السعودي يتلقى مكالمات هاتفية من نظرائه الفلسطينيين والباكستانيين

أمنو والمحاكمات

يبدو للوهلة الأولى أن الحكم على نجيب عبد الرزاق وزوجته يعزز الانقسام المتفاقم في أوساط حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، وهو ما كشف عنه أول اجتماع لقيادة الحزب ورؤساء فروعه يوم 27 أغسطس/ آب، بعد 5 أيام من دخول رئيسه السابق السجن.

وقد ظهر تياران رئيسيان في التعامل مع تداعيات الحكم، يرى الأول تجاوز عقدة الإدانة والتطلع إلى الأمام بإفراز قيادة جديدة يمكنها خوض الانتخابات المرتقبة، والتي يرونها مفصلية بالنسبة لمستقبل الحزب، بل إنهم يطالبون نجيب بالاعتذار للشعب الماليزي بما يشكل دفعة شعبية أمام استحقاق انتخابي.

ويتمسك التيار الثاني بالوقوف إلى جانب القيادة، التي يرى أن المحاكمات مسيسة والملاحقة القضائية انتقائية، وسوف تطال جميع قادة الحزب وكوادره، إلى أن تصل إلى إنهائه سياسيا، لا سيما أن رئيس الحزب زاهد حميدي ينتظر دوره في الإدانة بشعرات التهم الموجهة إليه.

ويضيف السقاف في حديث للجزيرة أن المستفيد من إدانة عائلة نجيب هو رئيس الوزراء الحالي إسماعيل صبري، الذي يسعى إلى الترشح لولاية ثانية، ويحرص على إبعاد قيادات الصف الأول من أمامه، والمعارضة التي تعتبر الإدانة دليلا قاطعا على فساد الحزب الذي حكم البلاد أكثر من 6 عقود، وتقول إن فيروس الفساد يدخل في تركيبته الجينية.

Malaysia ex-PM Najib begins final bid to set aside 1MDB conviction
نجيب عبد الرزاق حكمت عليه المحكمة الفدرالية بالسجن 12 عاما ودفع غرامة تقدر بنحو 45 مليون دولار (رويترز)

العفو ومستقبل العائلة

ما إن أودع رئيس الوزراء السابق السجن حتى ثارت تكهنات باللجوء إلى الملك لاستصدار عفو، خاصة أن نجيب كان مقربا من القصر فترة طويلة وقد حظي بمقعد إلى جانب الملك في برنامج أقيم في القصر، وتقدم على كثير من القيادات السياسية بمن فهيم رئيس الوزراء، وأخذا بالاعتبار دور والده رئيس الوزراء الأسبق الذي وضع أسس النهضة في حقبة السبعينيات.

لكن مراقبين وحقوقيين يستبعدون العفو في المرحلة الأولى من تنفيذ الحكم، حفاظا على سمعة القضاء ومكانته، ونظرا لأن نجيب عبد الرزاق يواجه تهما أخرى بالفساد، قد تكون قضية إس آر سي إنترناشيونال أصغرها لكنها الأسهل والأكثر وضوحا، بسبب سهولة تعقب الأموال المحولة لحسابه الشخصي من الشركة المملوكة للدولة، ولا معنى للعفو إذا ما أدين في قضايا أخرى.

يتوقع أن يفقد نجيب عبد الرزاق مقعده البرلماني خلال أسبوع من الحكم الأخير بالإدانة، بحسب ما تنص عليه لوائح البرلمان، وقد استبقت العائلة الأحكام القضائية بالإعلان عن عزم نجله محمد نزار من زوجته الأولى الأميرة زينة إسكندر الترشح في الدائرة الانتخابية لوالده، وهذا يعني استمرار الدور السياسي للعائلة الذي بدأ منذ عهد ما قبل الاستقلال.

وكان أول انتخاب لنجيب عبد الرزاق في الـ23 من عمره في دائرة بيكان بولاية بهانغ بعد رحيل والده عام 1976، ولا يستبعد أن يحافظ الولد على المقعد البرلماني مستندا إلى شعبية والده وجده الكاسحة في الدائرة الانتخابية التقليدية لحزب أمنو.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى