“الإنتربول”.. ترشيح مسؤول إماراتي يدق ناقوس الخطر بشأن حقوق الإنسان
قالت “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” اليوم إن ترشيح مسؤول بوزارة الداخلية الإماراتية
لمنصب رئيس “الإنتربول” قد يهدد الالتزامات الحقوقية لمنظمة الشرطة العالمية.
يشغل اللواء أحمد ناصر الريسي منصبا رفيعا في وزارة الداخلية الإماراتية، هو المفتش العام، منذ أبريل/نيسان
2015، ما يجعله مسؤولا، من بين أمور أخرى، عن التحقيق في الشكاوى ضد الشرطة وقوات الأمن. لدى أجهزة
أمن الدولة الإماراتية سجل طويل من الانتهاكات المتعددة.
قال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان: “اختيار اللواء الريسي رئيسا للإنتربول من شأنه أن
يظهر أن الدول الأعضاء في المنظمة ليس لديها أي قلق على الإطلاق بشأن سجل الإمارات في اضطهاد المنتقدين
السلميين. ترشيحه هو محاولة أخرى من الإمارات لشراء الاحترام الدولي وتلميع سجلها الحقوقي المزري”.
من المقرر إجراء انتخابات رئيس الإنتربول واللجنة التنفيذية، التي حُددت في الأصل في ديسمبر/كانون الأول 2020
خلال الجمعية العامة للإنتربول وأُجِّلت بسبب القيود المتعلقة بـ “فيروس كورونا”، في وقت غير محدد من هذا العام.
تتميّز العملية الانتخابية بغياب الرقابة والشفافية. لا يوفر الإنتربول أي معلومات علنية عن المرشحين لمنصب
الرئيس، ولا توجد إجراءات للتدقيق في المرشحين من قبل الدول الأعضاء في المنظمة.
ترشح الريسي ومطالبات منظمات حقوقية للإنتربول
في مقابلة أجرتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 “مجلة 999″، التي تصدر عن وزارة الداخلية الإماراتية، أكد
الريسي ترشيحه، قائلا: “فوزي برئاسة الإنتربول سيعتبر إنجازا للعرب”.
في أكتوبر/تشرين الأول 2020، انضمت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان إلى أكثر من 12
منظمة دولية أخرى لحقوق الإنسان والمجتمع المدني في تسليم رسالة إلى الأمين العام للإنتربول يورغن ستوك
للتعبير عن قلقها بشأن انتخاب الريسي المحتمل لرئاسة الإنتربول.
بصفته المفتش العام لوزارة الداخلية، فإن الريسي مسؤول عن إدارة قوات الأمن والشرطة الإماراتية والتحقيق في
الشكاوى المقدمة ضدها. وهو مسؤول مباشرةً أمام نائب رئيس الوزراء منصور بن زايد آل نهيان ووزير الداخلية
سيف بن زايد آل نهيان.
الريسي هو عضو في اللجنة التنفيذية للإنتربول، وهي الهيئة الإدارية التي تشرف على تنفيذ قرارات الجمعية العامة
وعمل الأمانة العامة.
منذ 2011، عندما بدأت السلطات الإماراتية هجومها المستمر طوال عقد على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وثّقت
هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان مزاعم عديدة عن وقوع انتهاكات خطيرة على أيدي قوات أمن
الدولة، لا سيما ضد المنتقدين السلميين لسياسات الحكومة. تشمل الانتهاكات الإخفاء القسري والتعذيب.
في مارس/آذار 2020، قال خبراء حقوقيون مستقلون تابعون لـ “الأمم المتحدة” إن على الإمارات التحقيق في
“ظروف الاحتجاز المهينة” وإصلاحها. في يناير/كانون الثاني 2021، عرضت هيومن رايتس ووتش ومركز
الخليج لحقوق الإنسان بالتفصيل اضطهاد الحكومة للمدافع الإماراتي البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور
بما في ذلك الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى وظروف الاحتجاز المشينة منذ اعتقاله في مارس/آذار 2017.
ليس هناك ما يشير إلى أن السلطات الإماراتية قد حققت في مزاعم موثوقة بشأن التعذيب وسوء المعاملة على أيدي
قوات الأمن الإماراتية في أي من الحالات العديدة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان
على مر السنين. وفقا لموقع وزارة الداخلية الإماراتية، الذي تم تحديثه في ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن إدارة
التحقيق في مكتب المفتش العام هي المسؤولة عن تلقي “الشكاوى ضد الشرطة والأجهزة الأمنية ومنتسبيها” والتحقيق
فيها.
تأثير الإمارات على الإنتربول
يووثق تقرير كتبه المدير السابق للنيابات العامة في المملكة المتحدة السير ديفيد كالفرت سميث المساهمات المالية
الكبيرة للإمارات في الإنتربول منذ 2017. ملخص ما كتبه: “لقد وجد هذا التقرير أدلة متسقة على أن الإمارات
تسعى على نحو غير جائز إلى التأثير على الإنتربول من خلال التمويل والآليات الأخرى، ويخلص إلى أن الإمارات
تسعى إلى ترسيخ نفوذها من خلال السعي إلى تأمين انتخاب اللواء الريسي رئيسا”.
وخلص كالفرت سميث إلى أن انتخاب الريسي “سيوجه رسالة إلى العالم مفادها أن الإنتربول ليس لديه سوى القليل
من الاحترام لحقوق الإنسان أو لا يحترمها على الإطلاق وسيغض الطرف عن التعذيب والقمع”.
بموجب دستور الإنتربول، تنتخب الجمعية العامة رئيس الإنتربول من بين تسعة مندوبين من البلدان الذين يشكلون،
إلى جانب الرئيس وثلاثة نواب للرئيس، اللجنة التنفيذية للإنتربول. وبحسب فهم هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج
لحقوق الإنسان، فإن رئيس الإنتربول يشرف على عمل الأمين العام، الذي يشرف بدوره على الشؤون اليومية،
ويرأس اللجنة التنفيذية، وهي هيئة صنع القرار في المنظمة.
انتقدت منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان، تقاعس
الإنتربول عن معالجة الانتهاكات التي ارتكبتها بعض الحكومات لنظام “النشرة الحمراء” – وهي قائمة دولية
لـ “المطلوبين”. كتب كالفرت سميث أنه “وجد أدلة قوية على أن الإمارات قد أساءت استخدام نظام النشرة الحمراء
في الجرائم البسيطة، والأهم من ذلك لتحقيق مكاسب سياسية ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم يهددون النظام”.