عندما أطلق الاتحاد الأوروبي اليورو قبل عقدين من الزمن، تساءل الاقتصاديون عما إذا كانت العملة الجديدة قد تحقق
إنجازا لم ينجح فيه أي بلد آخر في فترة ما بعد الحرب: تحدي الدولار الأميركي العظيم. ومع ذلك، فإن مديري
الاحتياطيات في البنوك المركزية في العالم، وكذلك الشركات في جميع أنحاء العالم، عالقون إلى حد كبير مع الدولار. والآن، تسعى أوروبا مرة أخرى إلى ترسيخ النوايا الحسنة لليورو خارج حدودها.
فقد قالت مجلة “إيكونومست” (Economist) البريطانية إنه تم اتخاذ خطوة مهمة في 15 يونيو/حزيران، بإصدار
سندات بقيمة 20 مليار يورو كجزء من مخطط الجيل القادم للاتحاد الأوروبي لتعزيز الاقتصادات الأوروبية، ويمكن
لهذه السندات أن تنافس سندات الخزانة الأميركية كأصل آمن.
إن وظيفة العملات الأساسية هي تسهيل معاملات الأشخاص والشركات داخل حدود المناطق التي تصدرها، لكن
التعامل بها على الصعيد الدولي مفيد من نواح كثيرة.
بالنسبة للشركات، فإن إجراء الواردات والصادرات بعملتها المحلية بدلا من الدولار، يعني قدرا أقل من الاضطراب
عندما تتأرجح أسعار الصرف، كما أن إصدار عملة يرغب الأجانب في الاحتفاظ بها يمكن أن يسهل على الحكومات
جمع الأموال منها بأسعار رخيصة، وهذا بدوره يؤدي إلى خفض تكلفة الاقتراض للشركات والبنوك.
وذكرت المجلة أن اليورو متاح على نطاق واسع خارج 19 دولة تستخدمه رسميا، وتربط حوالي 20 دولة عملاتها
باليورو بطريقة ما، وإن كانت هذه البلدان في الأساس مستعمرات أوروبية سابقة وجيرانا مقربين. ووفقا للبنك المركزي الأوروبي، فإن ما بين ثلث ونصف إجمالي الأوراق النقدية باليورو يُحتفظ بها خارج منطقة اليورو، ومع
ذلك، من خلال المقاييس العادية المستخدمة لقياس الاستخدام الدولي، يأتي اليورو في المرتبة الثانية بعد الدولار.
حوالي خمس احتياطيات النقد الأجنبي المملوكة للبنوك المركزية، ونسبة مماثلة من القروض والسندات عبر الحدود، مقومة باليورو. بالإضافة إلى ذلك، فإن حصة اليورو في مدفوعات المعاملات أقرب كثيرا إلى حصة الدولار، نظرا
لأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر جهة تبادل في العالم للسلع والخدمات. مع ذلك، فإن معظم السلع -مثل النفط والقطن- يتم تسعيرها بالدولار.
منافسة الدولار
وأشارت المجلة إلى أن أوروبا تريد الآن تكرار المحاولة وتجاوز الدولار أو على الأقل الحد من هيمنته، وهناك
تغييران في الظروف قد يشيران إلى إمكانية حصول اليورو على فرصة لمنافسة الدولار.
أولا، تغير موقف الولايات المتحدة من صنع السياسات الاقتصادية الدولية، على الأقل في ظل رئاسة دونالد ترامب،
إذ تتعارض الحمائية الخاصة به مع الالتزامات المفروضة على مُصدر العملة الاحتياطية العالمية. وحتى في ظل
إدارة جو بايدن الأكثر تصالحية، تشعر أوروبا بالقلق من أن مصالحها لن تتماشى دائما مع مصالح الولايات المتحدة.
في مارس/آذار، قال زعماء منطقة اليورو إن تعزيز الاستخدام الدولي للعملة سيساعدهم على تحقيق “الاستقلال الاستراتيجي”. وكان الاتحاد الأوروبي منزعجا بشكل خاص من اكتشاف أن الشركات في المنطقة كانت في الواقع
مجبرة على الالتزام بالعقوبات الأميركية التي عارضتها أوروبا. لقد استخدمت الولايات المتحدة حاجة البنوك الكبرى للوصول إلى الدولار لمراقبة سلوكها، وأولئك الذين خالفوا المراسيم الأميركية تكبدوا غرامات كبيرة.
ويرى النقاد هذا الامتياز خارج الحدود الإقليمية على أنه تسليح غير مبرر للدولار، وقد شجع ذلك على تغيير رأي
أولئك الذين كانوا تقليديا يقاومون تعزيز الدور الدولي لليورو. وفي أوقات الأزمات، تميل العملات الاحتياطية العالمية إلى الارتفاع بسبب بحث المستثمرين عن أصل آمن.
المصدر:مواقع اخبارية