يجبر الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا الحديثة في التعاملات المختلفة، دول الخليج على اتخاذ احترازات مُحدثة باستمرار؛ في سبيل مواجهة الجرائم وعمليات الاحتيال الإلكتروني الخليج التي تتخذ أشكالاً متعددة بالخليج وتستمر في إيقاع ضحايا.
وتجمع دول الخليج على أنه منذ انتشار فيروس كورونا المستجد أخذت الاحتيال الإلكتروني الخليج في الازدياد؛ نتيجة اعتماد واسع وأكبر، من سكان الخليج على الإنترنت لمزاولة أعمالهم أو البحث عن عمل والاستثمار والتربح.
تحليل البيانات الشرطية الذي جرى بالتعاون بين دول الخليج العربي لمكافحة الجريمة، في صيف 2020، كشف عن تسجيل انخفاض ملحوظ للجرائم التقليدية مثل ارتكاب القتل والسرقات، لكن في المقابل ارتفعت نسبة الجريمة الإلكترونية وطرق الاحتيال عبر التطبيقات عن بعد.
ولفتت البيانات إلى أن هناك 4 طرق للاحتيال هي: التصيد، والبرمجيات الخبيثة، وبرامج التجسس، والفدية.
غواية الأرباح السهلة
آخر ما كشفته الكويت فيما يتعلق بعمليات النصب الإلكترونية الغريبة، ما نقلته صحيفة “القبس” المحلية، من ازدياد ظاهرة “النصب الإلكتروني” في الفترة الأخيرة، والسطو على أموال مواطنين بطرق احتيالية من قِبل عصابات منظمة في الخارج تستخدم “أساليب نصب” متعددة، قادرة على إقناع الضحايا بمشاريع ربحية، فيجري تحويل الأموال عبر التراسل الإلكتروني.
ووفق ما أوردته الصحيفة (25 سبتمبر 2021)، قال مصدر مطلع -لم تسمه- إن هناك مئات الشكاوى وردت إلى النيابة العامة من قِبل مواطنين تعرضوا لعمليات نصب إلكتروني، حيث يُصدَمون بأن أموالهم أصبحت في عالم آخر، ولا يمكن استردادها، كما لا يمكن التعامل مع هذه الشكاوى أصلاً.
وأشار المصدر إلى أن هذه الظاهرة تجد استجابة وقبولاً، وهناك “نصابون” يجيدون استخدام هذا الأسلوب من خلال ضمان إعطاء أرباح، فيجدون من يدفع لهم من خلال تواقيع إلكترونية، لكنها في الحقيقة مشاريع وهمية وليس لها أي سند من الأصل.
وبحسب المصدر، فإن أقل المتضررين من هذه العمليات دفع 5 آلاف دينار كويتي (16.6 ألف دولار) من حسابه، ومعظمهم دفع مبالغ تتعدى 20 ألف دينار (66.4 ألف دولار)، لافتاً إلى أن “آخر ضحية كانت امرأة دفعت 85 ألف دينار (282.5 ألف دولار)، ولكن للأسف هذه الشكاوى لن يتم التعامل معها أبداً، والأرقام المشكو بحقها مجهولة، فكيف يتم ضبط المتهمين بالخارج؟”.
وختم المصدر بأن “الحل هو زيادة وعي المواطنين بأنهم مستهدفون من عصابات خارجية منظمة وعليهم الحذر”.
تسول إلكتروني
المملكة العربية السعودية تشهد عمليات نصب إلكتروني مختلفة، لكنَّ آخر ما تصدَّر المشهد في هذا الخصوص، وفق ما ذكرته صحيفة “عكاظ”، (26 سبتمبر 2021)، هو “الاستجداء عبر منصات التواصل”، مؤكدةً أن القوانين في المملكة التي تجيز ترحيل من يمتهن التسول من الأجانب المقيمين باستثناء زوج المواطنة أو زوجة المواطن، تشمل ضمنها الاستجداء عبر منصات التواصل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بصدور نظام التسول الجديد، فقد بات استجداء الأموال عبر منصات التواصل الاجتماعي محظوراً مهما كانت الأسباب.
ولفتت إلى أن عقوبة المتسول للمواطن أو المقيم قد تصل إلى السجن 6 أشهر وغرامة 50 ألف ريال (أكثر من 13 ألف دولار أمريكي) مع إبعاد غير السعودي، فيما تُشدَّد العقوبة على الجماعات المنظمة في حالة التكرار، لتصبح العقوبة الحبس عاماً أو الغرامة 100 ألف ريال (نحو 27 ألف دولار) أو بكلتا العقوبتين.
واعتبر النظام استجداء المال عبر منصات التواصل الاجتماعي تسولاً، في حين وصف النظام مُمتهن التسول بأنه كل من قُبض عليه للمرة الثانية أو أكثر.
احتيال متطور
من صور الاحتيال وخُدع اصطياد الضحايا في الإمارات بحسب تقرير لصحيفة “الخليج” المحلية، تلقي الفرد اتصالاً هاتفياً من مجهول يبلغه فيه أنه ربح مثلاً مبلغ 100 ألف درهم (أكثر من 27 ألف دولار)، في جائزة عشوائية.
وقد ينتحل صورة أو اسم محل تجاري ضخم، أو جهة حكومية، ويخبره بأنه لكي يحصل على الجائزة، عليه دفع مبلغ كذا كرسوم معينة؛ لتحويلها من خلال الصرافة.
وربما تصل إلى الفرد رسالة عبر موقع “واتساب” للاتصال بالرقم الفلاني؛ للحصول على الجائزة التي فاز بها، فضلاً عن إمكانية ورود اتصال أو رسالة من مجهول، فحواها “حوّلت لك بالغلط مبلغ كذا، وعليك إرجاعه”.
والعام الماضي، حذَّرت النيابة العامة في دبي من أساليب متطورة للاحتيال الإلكتروني، وانتحال صفات المشاهير والسياسيين من خلال استخدام تقنيات حديثة لمحاكاة الفيديو والصوت وخط اليد، لدرجة يصعب تمييزها عن النسخة الأصلية للإيقاع بالضحايا.
وأكد رئيس نيابة أول في دبي، الخبير بالجرائم الإلكترونية المستشار خالد علي الجنيبي، أن النيابة رصدت أساليب
الاحتيال المتطورة بدول عدة، وهي تنتقل بسهولة من بلد إلى آخر، في ظل وسائل الاتصال الحديثة.
وقال الجنيبي، على هامش ندوة افتراضية: “رغم الجهود المبذولة في التوعية بمخاطر الجرائم الإلكترونية، فإن مؤشر
الوعي لا يزال ضعيفاً لدى شريحة كبيرة من المجتمع”.
وبيَّن أنه “تم رصد برامج تحاكي الصورة والصوت، يمكنها- من خلال الحصول على 20 دقيقة مسجلة لصاحب
الصوت الأصلي- أن تصطنع تسجيلاً له وتستخدمه في الاحتيال على الآخرين”.
وأشار إلى أنه يتم انتحال صفات مشاهير، مثل الفنانين والسياسيين، للتواصل مع الأشخاص العاديين وخداعهم،
موضحاً أن مؤشرالاحتيال الإلكتروني الخليج خصوصاً الاحتيال بهذه الأساليب، لا يزال منخفضاً في الإمارات، مقارنة بدول أخرى.
ولفت إلى أن “هناك برامج يمكنها محاكاة الخط والتوقيع اليدوي بطريقة بالغة الاحترافية باستخدام الذكاء الاصطناعي، لدرجة يصعب تمييزها من قِبل خبراء الأدلة الجنائية”، داعياً أفراد المجتمع إلى التثبُّت بأكثر من وسيلة
من المستندات التي تُمنح لهم.
احتيال الخطّابة
في قطر تقول صحيفة “الشرق” المحلية، في تقرير سابق في أغسطس 2021، إن “الخطّابة” حسابات انتشرت على
مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، ودخلت الخليج العربي، ومن بينه دولة قطر، تحت شعارات الموضة الجديدة في
الزواج والارتباط، بفرض أن مهنة “الخطّابة” تطورت وأصبحت إلكترونية، وفي محاولة جديدة لخديعة الناس في
قطر من خلال الحصول على معلومات الضحايا ومن ثم ابتزازهم وخداعهم والاحتيال عليهم..
ورغم أن هذه المهنة متعارف عليها وموجودة منذ زمن، فإنها انتشرت بشكل جديد مؤخراً وأصبحت تقدم عروضها
على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها “واتساب”.
ويحذّر بعض من وقعوا ضحايا لبعض هذه الحسابات المخادعة من التعامل مع هذا النوع من العروض، مشيرين إلى
أن معظمها يقوم على الاحتيال الإلكتروني الخليج والابتزاز المالي، خاصةً أن الضحية يشارك صوره ومقاطع فيديو خاصة به، إضافة
إلى كل المعلومات والبيانات عنه، ما يسهل مهمة المحتال.
جرائم موثقة
المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عُمان وثق 2292 جريمة إلكترونية بالسلطنة خلال عام 2020.
وأكد المركز، بتقريره المنشور في أغسطس الماضي، أن 47% من إجمالي الجرائم تمثلت في جريمة التعدي على الغير بالسب والقذف.
وقال المركز: “16% من الجرائم تمثلت في جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية، و7% من
الجرائم تمثلت في تهديد شخص أو ابتزازه عبر الشبكة المعلوماتية أو وسائل التقنية، فيما بلغت نسبة جرائم التقنية الأخرى 30%”.
كان السلطان هيثم بن طارق أصدر مرسوماً، في 10 يونيو 2020، يقضي بإنشاء مركز الدفاع الإلكتروني، الذي
يستهدف المعاملات الإلكترونية ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، ويتبع مباشرةً جهاز الأمن الداخلي.
أما في البحرين، وبحسب ما أوردته صحيفة “الأيام” العام الماضي، فقد بلغت نسبة جرائم النصب والاحتيال
الإلكتروني التجاري 99% من إجمالي البلاغات التي تلقتها إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية.
ومثَّلت نسبة جرائم “الهاكرز” 1% فقط من البلاغات، وفق ما ذكره مختص أمن المعلومات بإدارة مكافحة الفساد
والأمن الاقتصادي الإلكتروني بوزارة الداخلية أسامة الصلاح.
الوقاية من الاحتيال
يقول نيل فيرنانديز، مدير إدارة المخاطر في “Visa” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “أظهرت نتائج الدراسة اعتماد
المستهلكين بالكامل على أنظمة المدفوعات الرقمية خلال جائحة كوفيد-19، لكن هذا التحول لا يخلو من مخاطر”.
وأضاف: “فقد سارع المحتالون إلى اغتنام انتقال المستهلكين إلى بيئة التسوق عبر الإنترنت؛ للبحث عن فرصٍ تتيح
لهم استغلال هذه التغيرات في طرق الدفع مقابل السلع والخدمات”.
ومن هنا يرى فيرنانديز -حسبما جاء في تقرير لصحيفة “الخليج” الإماراتية- أهمية مواصلة توعية المستهلكين بسلوكيات الدفع الآمنة.
ويرى أن من المهم التواصل مع جهات إنفاذ القانون، في حال التعرض للاحتيال، كما يرى أن على القطاع المعنيّ
بالمدفوعات مواصلة اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
ويؤكد مختصون أهمية اختيار كلمة مرور قوية وصعبة التخمين للأجهزة الإلكترونية الشخصية مع تبديلها على
فترات؛ لضمان عدم قدرة المحتال على تخمينها.
كما أكدوا الحذر من الرسائل الاحتيالية بهدف الاختراق، وتفعيل خاصية التحقق الثنائي عن طريق الرسائل النصية،
وتأكيد معلومات البريد الإلكتروني والأرقام المربوطة ببرامج التواصل.
ويحذِّر المختصون المستخدمين من اللجوء إلى أشخاص مجهولين لمساعدتهم على استعادة حساباتهم، ما قد يعرضهم للنصب والاحتيال مرة أخرى. ويطالبون الشركات بضرورة توعية موظفيها باستمرار، من الطرق الاحتيالية وكيفية الحماية منها.