الاخبار العاجلةسياسة

لماذا يضخم البيت الأبيض دور بايدن في الهدنة المؤقتة بغزة؟

واشنطن- لا يترك البيت الأبيض فرصة إلا ويحاول العمل من خلالها على إبراز الدور القيادي الحاسم للرئيس جو بايدن، وللتأكيد على أن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية -والذي أصبح أكبر الرؤساء سنا على مدار التاريخ الأميركي- يقوم بجهود ضخمة في أهم الأزمات التي تواجهها إدارته.

ومثلت أزمة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة فرصة لكبار مساعدي بايدن لإبراز دور الرئيس المحوري، وظهر ذلك بوضوح خلال التعامل الأميركي الرسمي تجاه ما يتعلق بالهدنة الإنسانية المؤقتة وتبادل الرهائن.

وفي الوقت الذي تشير فيه كل التقارير الأميركية في مختلف وسائل الإعلام إلى أن دولة قطر قامت بالعمل التفاوضي الشاق مع كل الأطراف المعنية يركز البيت الأبيض في بياناته وإفاداته الصحفية على إظهار بايدن لاعبا محوريا في التوصل إلى الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي دخلت يومها الرابع.

تركيز على الصفقة

ركزت كلمة بايدن إلى الشعب الأميركي على التأطير للصفقة بالكامل على أنها استعادة الرهائن والأسرى لدى حركة حماس، ولم يوجه أي جملة من كلمته بشأن الدور الدبلوماسي لما بعد ذلك.

وتناقض حديث بايدن في قوله إنه سيعمل على إطلاق سراح جميع الرهائن، وفي ذات الوقت يقول أيضا إن محاولة إسرائيل “القضاء على حماس” هي “هدف مشروع”، ودعا ذلك إلى تشكيك الكثير من المراقبين في وجود أي رغبة لدى الرئيس بايدن وفريقه للعمل على حل سياسي لأزمة غزة، مع استمرار إيمان البيت الأبيض بأن حل هذه الأزمة سيتم بالقوة وحدها، وهذا معناه ارتباط بايدن وفريقه بمسار وتطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد انقضاء أيام الهدنة.

وبعد تأكد الإفراج عن الطفلة الأميركية أبيجيل إيدان البالغة من العمر 4 سنوات -وهي أول مواطنة أميركية تخرج بمقتضى الاتفاق المؤقت أمس الأحد- تحدث بايدن من جديد إلى الشعب الأميركي من غرفة مؤتمرات فندق وايت إليفانت في مدينة نانتوكيت بولاية ماساشوستس، وقال “إن أبيجيل حرة، وهي في إسرائيل الآن”، وأشار إلى أنها مرت بـ”صدمة رهيبة”.

وقال بايدن عن الطفلة “ما تحملته لا يمكن تصوره”، مشيرا إلى أنها من بين 13 رهينة أطلق سراحهم أمس الأحد من غزة”، وكرر الإشارة إلى ما قام به مؤخرا مع قادة في الشرق الأوسط، وشكر أمير قطر، وأعرب عن أمله في تمديد فترة الهدنة، وقال “هدفي هو أن تتواصل الهدنة لما بعد يوم غد”.

دور الرئيس

وعقب حلحلة أزمة تعليق حركة حماس عصر أول أمس السبت تسليم الرهائن لساعات عدة ذكرت إدريان واتسون نائبة المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن الرئيس بايدن تحدث “مع أمير قطر ورئيس الوزراء القطري يوم السبت كجزء من جهود الإدارة لمحاولة حل التأخير في اليوم الثاني من إطلاق سراح الرهائن، وتم حل المشكلة”.

وتطرقت واتسون إلى تطور الأحداث ودور الرئيس بايدن فيها على النحو التالي:

  • اطلع بايدن في الصباح على تطورات أزمة الرهائن وجهود الإفراج عنهم في ثاني أيام الهدنة المؤقتة.
  • في العاشرة تماما بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة تحدث بايدن إلى أمير دولة قطر وإلى رئيس وزرائها بشأن تعطيل تبادل الرهائن، وطلب منهما التدخل وحل المشكلة.
  • بعد مكالمة بايدن تواصل كبار مسؤولي إدارته مع الجانب القطري والإسرائيلي والمصري، للعمل على التغلب على الاختلافات والنقاط المعلقة، وتم إطلاع الرئيس بايدن على ذلك.
  • في الواحدة والنصف ظهرا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة علم مسؤولو البيت البيض من الجانب القطري أن الصفقة سارية، وأن ممثلي هيئة الصليب الأحمر الدولي في طريقهم لاستلام الرهائن، وتم إطلاع الرئيس على هذه التطورات.
اقرأ ايضاً
لأول مرة منذ 7 سنوات.. الحجاج اليمنيون يغادرون من مطار صنعاء إلى الأراضي المقدسة

“جنون دبلوماسي”

وفي الشأن نفسه، أشار تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إلى أن بايدن “أشرك نفسه في واحدة من أكثر مفاوضات الرهائن تعقيدا في التاريخ الحديث، وهي عبارة عن جنون دبلوماسي شارك فيه رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) والموساد الإسرائيلي وضباط المخابرات المصرية وزعيم حماس داخل قطاع غزة يحيى السنوار”.

وأدى الفشل الإسرائيلي في تحرير أي من الرهائن والأسرى بالقوة المسلحة إلى إقناع دوائر صنع القرار في واشنطن بضرورة اللجوء إلى المفاوضات كسبيل وحيد لعودة المحتجزين.

وأشار التقرير إلى أنه بحلول مساء الخميس الماضي قال المفاوضون القطريون إن الاتفاق تم لإطلاق سراح 50 محتجزا إسرائيليا يحتجزهم مسلحون فلسطينيون في غزة مقابل إطلاق سراح 150 أسيرا فلسطينيا من قبل إسرائيل ابتداء من يوم الجمعة.

وقال مسؤولون أميركيون إن الاتفاق يتطلب أيضا توقفا يوميا للمراقبة الإسرائيلية بطائرات مسيرة لغزة، وهو تنازل رئيسي انتزعه بايدن من نتنياهو.

وبقي الرئيس بايدن على اتصالاته المكثفة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن بدأ تفعيل بنود صفقة الهدنة المؤقتة والإفراج عن الرهائن.

موقف بايدن

وفي حديثه إلى الشعب الأميركي أوضح بايدن أنه سيدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة عندما تنتهي فترة الهدنة رسميا في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، وقال “إن هدف إسرائيل المعلن المتمثل في محاولة القضاء على حماس هو الهدف المشروع، ولا أعرف كم من الوقت سيستغرق”.

وغرد تاريتا بارسي نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن معلقا على تقرير لـ”واشنطن بوست” بشأن ضغوط بايدن على نتنياهو جاء فيه “لقد هاجم بايدن نتنياهو بشدة على عنف المستوطنين والضحايا المدنيين على انفراد”.

واعتبر بارسي أن “محاولة بايدن ليست كافية، لسبب بسيط وهو أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى وليس إسرائيل، الولايات المتحدة هي من تقدم لإسرائيل المساعدات والأسلحة وليس العكس، بايدن لديه النفوذ لوقف هذا، وهو لم يفعل”.

وباستمرار تأييده المرحلة التالية من العمليات العسكرية الإسرائيلية يدرك البيت الأبيض أن الهدوء القصير والمؤقت يشكل تحديا جديدا، خاصة مع تزايد القلق من زيادة الغضب الشعبي الأميركي كنتيجة غير مقصودة للهدنة، حيث إنها ستسمح للصحفيين ووسائل الإعلام بوصول أوسع إلى قطاع غزة، مما يمثل فرصة لإلقاء مزيد من الضوء على الدمار هناك وزيادة الغضب الشعبي الأميركي على موقف بايدن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى