عرفت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من النزاعات المالية في الخليج التي انتهت بدفع مبالغ ضخمة، وقد امتد بعضها لسنوات طويلة، في حين اقتضى بعضها تدخل قيادات سياسية لإنهائها.
في التقرير التالي سوف نستعرض أبزر النزاعات المالية في الخليج التي شهدتها دول الخليج خلال الفترة الأخيرة، والتي تتعلق بعشرات مليارات الدولارات.
أحدث النزاعات كان بخصوص تركة الملياردير الإماراتي الراحل ماجد الفطيم، الذي توفي في ديسمبر عن 87 عاماً، تاركاً ثروة تقدر بـ6 مليارات دولار، بحسب وكالة “بلومبيرغ”. وقد عيّن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد لجنة قضائية لتولي النزاعات المالية الخاصة بالشركة.
وهذا الشهر، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن حاكم دبي تدخل للإشراف على عملية نقل ملكية إمبراطورية الملياردير الراحل، بعد أنباء عن نشوب نزاع بين ورثة المؤسس العشرة.
ولم يُشر تقرير الصحيفة البريطانية إلى هوية الورثة الآخرين المتنازعين على التركة وطبيعة صلتهم بالراحل.
ويجري إنشاء اللجان القضائية من قبل حاكم الإمارة عادة عندما تشكل النزاعات الداخلية تهديداً بتصدع إحدى الشركات العائلية، والتي تستأثر بنحو 40% من الناتج المحلي لدولة الإمارات.
تسوية الأميرة هيا
هذا النزاعات المالية في الخليج ليس الأول في دبي، ففي ديسمبر 2021، ألزمت محكمة بريطانية حاكم دبي بدفع تسوية مالية لطليقته الأمير الأردنية هيا بنت الحسين تقترب من 554 مليون جنيه إسترليني (نحو 733 مليون دولار).
وكانت التسوية هي الكبرى في تاريخ محاكم الأسرة البريطانية على الإطلاق، وفق وكالة “رويترز”، رغم أنها تعادل نصف المبلغ الذي طالبت به الأميرة وهو 1.4 مليار جنيه إسترليني (1.750 مليار دولار).
وفي مايو 2020، خضعت شركة “فينيكس كوموديتيز بي.في.تي” للتصفية بعد حصولها على تسهيلات مالية من بنوك في الإمارات وخارجها بـ1.6 مليار دولار.
وفينيكس “غلوبال دي.إم.سي.سي” هي ذراع الشركة التي مقرها دبي، والتي تقوم بتداول السلع الأولية عبر مركز دبي للسلع المتعددة. وتعمل المجموعة في أنحاء العالم مع نحو 100 شركة في أوروبا وأفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية، وتوظف ما يزيد على 2500 موظف.
وجاءت تصفية “فينيكس” بعد أسابيع قليلة من انهيار شركة “إن إم سي” للرعاية الصحية، المملوكة للملياردير الهندي بي آر شيتي، الذي غادر أبوظبي مديوناً بـ6.6 مليارات دولار، ما دفع الحكومة لتعيين حارس قضائي على كافة ممتلكات الشركة.
تسوية تاريخية في السعودية
في سبتمبر 2021، وافق دائنو “مجموعة القصيبي” على اقتراح تسوية الديون، الذي تدفع بموجبه المجموعة السعودية 1.9 مليار دولار لدائنيها، لينهي نزاعاً دام 12 عاماً، في تسوية هي الكبرى بتاريخ المملكة.
وجاء تصويت الدائنين بعد شهرين من موافقة المحكمة التجارية في الدمام بالسعودية على اقتراح إعادة التنظيم المالي الذي تقدمت به مجموعة القصيبي.
وبموجب المقترح الذي ينهي نزاع ديون دام 12 عاماً، يحصل الدائنون على 7.25 مليارات ريال سعودي (1.93
مليار دولار)، وهو ما يمثل نحو 26% من مطالبات الديون التي أقرت، والبالغة 27.5 مليار ريال (7.33 مليارات دولار)، بحسب ما ذكرته مجلة “فوربس الشرق الأوسط”.
وكانت التسوية تقوم على توزيع ثلثي مبلغ التسوية (السيولة)، أواخر العام الماضي، في حين يستغرق الجزء المتبقي
المتعلق بالأصول بعض الوقت.
وقضت التسوية بأن يدفع المالكون ملياري ريال (533 مليون دولار) للدائنين الذين تمثل البنوك السعودية 25%
منهم، بينما تنقسم النسبة المتبقية بالتساوي بين البنوك العالمية والخليجية، مع مواصلة الشركة عملها في السوق.
في ديسمبر 2021، رفضت محكمة أمريكية دعوى رفعها ورثة المواطن السعودي خالد القرقني ضد شركة
“أرامكو”، وطالبوا فيها بمبلغ 67.3 مليار ريال (نحو 18 مليار دولار) على سبيل التعويض مقابل استخدام الشركة قطعة أرض في منطقة رأس تنّورة.
قطر تقاضي “إيرباص”
في 6 يناير 2022، أظهرت وثيقة قضائية مطالبة “الخطوط الجوية القطرية” بتعويض قدره 618 مليون دولار من
شركة “إيرباص” (Airbus) لصناعة الطائرات، في إطار خلاف على تآكل سطح طائرات “إيه 350” (A350).
وتطالب الشركة كذلك بتعويض إضافي قدره 4 ملايين دولار عن كل يوم توقفت فيه عن تشغيل طائراتها من هذا
الطراز، وعددها 21 طائرة، بأمر من الجهات التنظيمية القطرية بسبب هذا العيب الذي يشمل تآكلاً وثقوباً في السطح الواقي من الصواعق.
الكويت تدفع مئات الملايين للعراق
في العام 2020، خسرت شركة “أجيليتي” الكويتية دعوى قضائية كانت تطالب فيها الحكومة العراقية بدفع تعويض
قدره 800 مليون دولار كتعويض عن مصادرة استثماراتها في شركة “كورك تيليكوم” للاتصالات.
واستحوذت “أجيليتي” على 24% من أسهم “كورك تيليكوم”، في عام 2011، وهي أكبر مشغل للاتصالات في إقليم
كردستان شمالي العراق ومناطق أخرى في البلاد.
وصادر العراق، في 2017، استثمارات “أجيليتي”، وهي بقيمة 380 مليون دولار، بعد طعن تقدمت به “كورك
تيليكوم” ضد قانونية عقد الشراكة بين الطرفين.
ورفض المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي (مقره واشنطن)، الدعوى التي رفعتها الشركة
الكويتية، وأسقطها بعد 4 سنوات من التقاضي، وأمر بتحميل “أجيليتي” أكثر من 5 ملايين دولار لصالح العراق.
وفي أغسطس 2021، توصلت الحكومة الموريتانية إلى تسوية تاريخية لسداد دين قيمته 950 مليون دولار لصالح الكويت، على 20 عاماً.
وكان أصل القرض الذي يعود لـ40 عاماً مضت 150 مليون دولار، فيما بلغت قيمة فوائد التأخير 800 مليون
دولار؛ بسبب توقف نواكشوط عن الدفع بشكل كامل.
وقبلت الحكومة الكويتية بإلغاء 95% من فوائد التأخير المستحقة والحصول على أصل الدين على مدار 20 عاماً.
البحرين
في نوفمبر 2021، رفضت المحكمة الدولية في لاهاي دعوى تقدمت بها شركة “النيل دوما” البحرينية، طالبت فيها
الحكومة المصرية بدفع 29 مليون دولار وفوائدها، بعد رفض القاهرة منح الشركة ترخيصاً لإنشاء فندق 5 نجوم بارتفاع 200 متر بدلاً من 72 متراً المقررة في كراسة شروط المشروع.
كما رفضت القاهرة تسجيل الأرض الخاصة بالمشروع باسم الشركة البحرينية، وهو ما دفعها لرفع دعوى التعويض
التي لم تتمكن من حسمها.
في 2020، حصلت البحرين على حكم من هيئة تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس، يلزم شركة “CNIN”
الفرنسية بدفع 180 مليون يورو (204 ملايين دولار)، إضافة إلى تعويض إضافي بأكثر من 5 ملايين دولار.
وكانت الشركة الفرنسية قد تخلفت عن إنجاز مشروع لإنتاج الطاقة من النفايات في المواعيد المتفق عليها مع حكومة المنامة.
سلطنة عُمان
في يناير 2021، تمت تسوية نزاع حصلت بموجبه شركة “أسمنت عُمان” على 1.757 مليون دولار من شركة
“FIsmidth”، التي تخلفت عن إنجاز تركيب طاحونة جديدة للأسمنت وتحديث مرافق التحكم بالتلوث لأحد الأفران.
وفي 2020، حصلت “الشركة الوطنية العمانية للهندسة والاستثمار” على تسوية مالية حصلت بموجبها على 1.58
مليون ريال (4 ملايين دولار) من إحدى الجهات الحكومية.