نيوزويك: بوتين خضع للعلاج من السرطان في أبريل وصحته موضوع محادثات مكثفة بواشنطن
تقول مجلة نيوزويك (Newsweek) الأميركية إن صحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت موضوع محادثات مكثفة داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد أن أصدر مجتمع الاستخبارات تقييمه الشامل الرابع نهاية مايو/أيار المنصرم، وبعدما بدا أن بوتين عاد إلى الظهور بعد خضوعه للعلاج في أبريل/نيسان الماضي من السرطان المتقدم.
وأضافت المجلة -في تقرير حصري لها- أن 3 من قادة المخابرات الأميركية ممن قرؤوا التقارير أكدوا لها أن التقييم يؤكد أيضا حدوث محاولة اغتيال لحياة بوتين في مارس/آذار الماضي.
ونقلت عن أحد كبار ضباط الاستخبارات -الذي يتمتع بإمكانية الوصول المباشر إلى التقارير السرية للاستخبارات- قوله إن قبضة بوتين قوية ولكنها لم تعد مطلقة، و”المناورات داخل الكرملين أصبحت الآن أكثر من أي فترة مضت من حكم بوتين، إذ شعر الجميع بأن النهاية قريبة”.
قلق في واشنطن
وقال التقرير إن المسؤولين رفيعي المستوى الذين يمثلون 3 وكالات استخبارات منفصلة يشعرون بالقلق من أن بوتين يشعر بجنون العظمة بشكل متزايد بشأن قبضته على السلطة، وهو وضع يجعل مسار الحرب في أوكرانيا صعبا وغير متوقع، لكنهم يقولون إن هذا يجعل احتمالات نشوب حرب نووية أقل احتمالا.
وحذر المسؤولون الثلاثة (أحدهم من مكتب مدير المخابرات القومية، والثاني ضابط كبير متقاعد بالقوات الجوية، والأخير من وكالة استخبارات الدفاع) من أن عزلة الزعيم الروسي تجعل من الصعب على المخابرات الأميركية إجراء تقييم دقيق لوضع بوتين وصحته، وقال أحدهم (طلب عدم الكشف عن هويته) “ما نعرفه أن هناك جبلا جليديا، وإن كان مغطى بالضباب”.
وحذر قائد القوات الجوية المتقاعد من أنهم بحاجة إلى أن يدركوا تأثير التمني، قائلا “لقد تعلمنا -أو لم نتعلم- هذا الدرس بالطريقة الصعبة مع أسامة بن لادن وصدام حسين”.
أدلة على تدهور صحته
وأورد التقرير بعض الأحداث التي وصفها بأنها تؤكد أن صحة بوتين ليست على ما يرام. وقال إن صورة بوتين في السابق التي تم تنسيقها بعناية من قبل موسكو الرسمية، وغالبا ما يستخدمها الكرملين لمقارنة الزعيم الروسي بنظرائه الأميركيين، هي صورة الرجولة والحيوية -مثل ركوب الخيل ولعب الهوكي- ثم جاءت الطاولة الطويلة جدا التي استخدمها بوتين في الكرملين لتسجيل الصور الفوتوغرافية لاجتماعاته المهمة، التي جاءت لترمز إلى جنون العظمة والخوف الجسدي.
وأضاف أن تلك الطاولة التي كانت مكان اجتماع بوتين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أسبوعين فقط من غزو أوكرانيا، أصبحت بالنسبة لمجتمع الاستخبارات أساسا لقياس تراجع صحة الرئيس الروسي.
ويقول أحد كبار المسؤولين بوكالة استخبارات الدفاع إنهم لاحظوا أنه لم تكن هناك مصافحة ولا عناق دافئ، وإن المخابرات الفرنسية لديها ملاحظات كثيرة من الاجتماع ومن الرحلة إلى موسكو، وامتنع عن الخوض في التفاصيل بشأن ما تم إبلاغه للحكومة الأميركية.
ثم جاء اجتماع بوتين في 21 أبريل/نيسان مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، حيث كانت صحة بوتين ليست جيدة، إذ كان مستلقيا على كرسيه ويمسك الطاولة بيده اليمنى.
في مراحل متأخرة
وقالت المجلة إن تحليل العديد من المعلومات الاستخباراتية للبيت الأبيض أجمعت على أن بوتين كان مريضا في مراحل متأخرة.
وأضافت أن ظهور بوتين “يوم النصر” في التاسع من مايو/أيار الماضي، حيث جلس وهو منتفخ بشكل ملحوظ، يوضح أن صحته قد تلاشت، مضيفة أن مجتمع المخابرات الأميركية أجمع على أن وضعه كان أخطر مما كان يُعتقد سابقا، وأنه كان مرهقا تماما.
ويشير التقرير إلى أنه وبعد 3 أيام قال رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوف لشبكة سكاي نيوز البريطانية إن بوتين “في حالة نفسية وجسدية سيئة للغاية، وإنه مريض للغاية”، مضيفا أن هناك خططا داخل الكرملين للإطاحة بالرئيس الروسي.
ويضيف أنه في ذلك الوقت تأكدت إشاعة مفادها أن رجال الأمن في الكرملين كشفوا عن مؤامرة روسية لاغتيال بوتين. وكانت وكالة المخابرات المركزية وأجهزة المخابرات الأجنبية تلتقط قصصا متسقة عن الخلاف على رئاسة وزارات الأمن القومي، فضلا عن رغبة الدبلوماسيين الروس في الانشقاق إلى الغرب.
تحذير من القفز للنتائج
وقالت نيوزويك إنه وعندما بدأت معلومات استخبارية جادة تنتشر حول مرض بوتين، تم تحذير قادة الولايات المتحدة من القفز إلى الاستنتاجات بسرعة كبيرة، وتذكيرهم بأمثلة من “المعلومات الاستخبارية” الساخنة عن أسامة بن لادن وصدام حسين التي شكلت السياسة الأميركية ثم ثبت أنها مشكوك فيها.
وأوردت المجلة أن التقييم الأخير لمجتمع الاستخبارات الأميركية للرئيس بايدن وغيره من كبار القادة شهد تحولا تجاه بوتين بعد التقرير السابق، الذي تم تجميعه قبل أسبوعين تقريبا، وصوره على أنه مريض بشدة.
ففي يوم واحد (26 مايو/أيار المنصرم) قام بوتين بأول زيارة عامة له إلى مستشفى عسكري في موسكو، وأجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، وتحدث إلى مؤتمر أعمال روسي عبر الفيديو. وتم فحص كل مظهر بدقة. ويوم الاثنين، أجرى بوتين مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وناقشا إمكانية عقد لقاء وجها لوجه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ونفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أي فكرة عن مرض بوتين في مقابلة على التلفزيون الفرنسي نهاية الأسبوع الماضي، وقال لافروف مستشهدا بظهور بوتين العلني مؤخرا “لا أعتقد أن أي شخص عاقل يمكن أن يشك في أي علامات لمرض أو مرض لدى هذا الرجل”.
مجرد إعلان بالولاء
وعلق أحد مسؤولي الاستخبارات الأميركية بأن إصرار لافروف على أن كل شيء طبيعي هو إعلان بالولاء لبوتين وليس أي نوع من التشخيص يجب الاستماع إليه، وإن بوتين لا يزال يواجه “تحديات” سواء على الصعيد الصحي أو في قيادته.
وبعد نشر هذه القصة، أرسل مجلس الأمن القومي لنيوزويك بيانا منسوبا إلى المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون يقول “التقارير التي تشير إلى وجود أي تقييمات لمجتمع الاستخبارات أو أنه تم إطلاع الرئيس عليها ليست صحيحة”.
وقال كبير قادة استخبارات الدفاع حتى لو اتفقوا على أن المعلومات الاستخباراتية بأن بوتين يحتضر موثوقة، فيجب عدم الاعتماد على ذلك أو الإشارة إلى دعم لروسيا من دون بوتين. “روسيا المسلحة نوويا لا تزال روسيا المسلحة نوويا، وسواء كان بوتين قويا أو ضعيفا، في الداخل أو الخارج؛ لا نرغب في استفزازه أو استفزاز خلفه المحتمل”.
ويضيف أن مرض بوتين أو موته أمر جيد للعالم “ليس فقط بسبب مستقبل روسيا أو إنهاء حرب أوكرانيا، ولكن في تقليل خطر الرجل المجنون بالحرب النووية”.
ويختم بالقول “بوتين مريض بالتأكيد (…) أما إذا كان سيموت قريبا فهو مجرد تكهنات. ومع ذلك، لا يجب أن نطمئن، إنه لا يزال خطيرا، والفوضى تنتظرنا إذا مات. نحن بحاجة للتركيز على ذلك، كن مستعدا”.