بيت عوّا.. قرية فلسطينية دمرتها إسرائيل مرتين وأعاد سكانها بناءها
الخليل – شهدت نكبة فلسطين عام 1948 إبادة واسعة لمئات القرى والمدن الفلسطينية، وامتد هذا النهج إلى النكسة عام 1967، وفيه جرى تدمير عدة قرى وآلاف المنازل.
“بيت عوّا” قرية فلسطينية تحاذي الخط الأخضر، جنوب غرب مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، وتعرضت للتدمير عام 1967، بعد تدمير سابق في النكبة عام 1948.
فعند احتلال ما تبقى من فلسطين في “النكسة” عام 1967، دمرت إسرائيل عدة قرى كان من أبرزها ما يعرف بقرى اللطرون، شمال غربي القدس وهي: عمواس، بيت نوبا، يالو، وحي الشرف، وباب المغاربة بالبلدة القديمة من القدس، إضافة إلى بلدة بيت عوا، وقرى أخرى في منطقة الأغوار.
وتحل اليوم الأحد الخامس من يونيو/حزيران، الذكرى السنوية الـ 55 للنكسة أو حرب عام 1967، والتي أتمت فيها إسرائيل احتلال ما تبقى من فلسطين بعد نكبة 1948، وأجزاء من أراضي الدول العربية المجاورة.
وشكلت النكبة ومخيمات اللجوء التي نتجت عنها، درسا مهما لأهالي قرية بيت عوا، إذ فضل أغلبهم البقاء على أنقاض بيوتهم المدمرة، بدل النزوح واللجوء، وأعادوا إعمارها مرتين.
قصف مدفعي
الجزيرة نت زارت بلدة بيت عوا، والتقت اثنين من معمّريها عايشا التدمير الأول، ويستحضران تفاصيل التدمير الثاني.
يقول الثمانيني إسماعيل القاحوش (أبو جمال)، إن الهجوم على القرية بدأ بقصف مدفعي من جهة الغرب، وعلى النواحي الغربية للقرية، فغادرها السكان ولجؤوا إلى القرى والجبال المجاورة.
ويضيف أن “التدمير طال كل بناء فوق الأرض، وهي عبارة عن غرف أو سقائف أغلبها مبني من الحجر والطين، وعدد قليل من الكهوف، وتابع الجيش الإسرائيلي جمع السلاح من السكان، ومنه سلاح الجيش الأردني الذي حكم الضفة آنذاك، وقام بمصادرته”.
ويذكر أبو جمال أن السكان عادوا إلى منازلهم المدمرة بعد أيام، فقدمت لهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر خياما ساعدتهم على البقاء.
ويوضح المسن الفلسطيني أن السكان باشروا بإعادة بناء المنازل فور عودتهم، بإعادة تدوير ركامها، في ظل شح مواد البناء آنذاك. وقام باصطحابنا إلى بقايا كهف كان يملكه، وهدم عام 1967، وأقام على أنقاضه بناء من الإسمنت، في نفس عام تدميره.
الشهيد الحي
أما الحاج إسماعيل السويطي (85 عاما)، فكان أحد الثوار الذين تصدوا للاحتلال في حينه، ونجا من الموت بأعجوبة.
ويقول إنه كان في نقطة استحكام تطل على الجزء المحتل عام 1948، عندما مرت مركبتان للجيش الإسرائيلي بمحاذاة الحدود متجهة من الشمال إلى الجنوب.
ويضيف أن “نقطة عسكرية أردنية تصدت للمركبتين برشاش 500، وكان هو بين الطرفين فلجأ إلى خندق، بينما أصوات الرصاص تحيط به”.
لم تتوقف المركبتان وواصلتا المسير جنوبا، فخرج السويطي، ليجد أنه نجا من الموت، فقد وجد آثار الرصاص في محيط الخندق، أما سلاحه فخذله في هذا الموقف لتلف الرصاص الذي أعطي له.
ألغام وجرافات
لم تمض أيام على استهداف الدورية، حتى باغتت قوة إسرائيلية القرية وبدأت سياسة العقاب الجماعي ضد السكان بهدم جميع المنازل، وهو ما يعزز الاعتقاد لدى السكان بوجود إصابات في الدورية.
يقول المُعمّر الفلسطيني إن الجيش بدأ بنسف البيوت، وبينها عَقْد والده، وهو بناء من الحجر والطين يشبه الغرفة، سبق ونُسف في النكبة، وأعيد بناؤه عام 1952.
ويتابع حديثه أن الجيش استخدم الألغام في نسف المنازل بالجزء الغربي من القرية، والجرافات في هدم الجزء الشرقي منها.
في ذكري النكسة نفتكر ان الهزيمة بتيجي من القمع و الحاكم الإله الذي لا يخطئ و تخوين المعارضة و احتكار الوطنية ..
الواحد حاسس انه عايش في نكسة مستمرة للاسف— Mahienour El-Massry (@MahienourE) June 4, 2022
درس النكبة
طال التدمير –وفق محدثنا- 48 عقْدا (غرفة) في القرية، ولم يتبق سوى 3 منها، فلجأ الناس إلى أطراف القرية الشرقية والقرى المجاورة لمدة يومين، ثم عاد أغلبهم إلى بيوتهم.
ويوضح أن نحو ثلث السكان فقط غادروا البلدة بعد الهدم، وبعضهم لا يزال نازحا حتى اليوم، والباقي رفض أن يتحول إلى لاجئ، كما جرى مع مهجري النكبة الذين يعيشون في مخيمات حتى اليوم. ويقول إن السكان حصلوا على مساعدات وطعام من جهات دولية لعدة أيام.
تدمير آلاف المنازل
توقفت حرب 1967 مساء العاشر من يونيو/حزيران بعد 6 أيام من اندلاعها، وبخسارتها خسر العرب المزيد من الأراضي لصالح إسرائيل، فضلا عن الخسائر البشرية والعسكرية.
وفي حين تسببت النكبة بتشريد نحو 800 ألف فلسطيني، فإن النكسة شردت نحو 200 ألف مواطن.
ووفق معطيات منظمة التحرير الفلسطينية فإن إسرائيل دمرت 3200 منزل في قرى القدس الثلاث وباقي المدن والقرى الفلسطينية المدمرة بالضفة، إضافة إلى ألف منزل في حارة باب المغاربة وحارة الشرف ومختلف أحياء القدس المحتلة.
ووفق معطيات نشرها “مركز أبحاث الأراضي” غير الحكومي أواخر 2021 فقد هدم الاحتلال حوالي 11 ألفا و900 مسكن فلسطيني منها 7440 مسكنا في القدس الشرقية فقط، وذلك خلال الفترة من 1967 حتى نهاية سبتمبر/أيلول2021، وبذلك تم تهجير حوالي 73 ألف مواطن منهم 47 ألفا و220 مواطنا مقدسيا.
وخلال نفس الفترة هدمت جرافات الاحتلال والطائرات الحربية حوالي 21 ألف مسكن فلسطيني في قطاع غزة، وهجّرت بذلك حوالي 189 ألف مواطن فلسطيني في قطاع غزة تهجيرا داخليا.
وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم نحو 100 ألف شهيد، منهم نحو 42 ألفا منذ عام 1967، وفق مصادر فلسطينية.
ومن جهتها تفيد معطيات نادي الأسير الفلسطيني، أن 228 معتقلا استشهدوا في السجون الإسرائيلية منذ العام 1967. كما سجلت قرابة مليون حالة اعتقال منذ العام 1967، وفق النادي.
وبلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2020 في الضفة الغربية 471 موقعا، يسكنها نحو 712 ألفا و815 مستعمرا، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.