الاخبار العاجلةسياسة

جامعات مصر بانتظار الانتخابات الطلابية.. هل تعود لتاريخها الساخن؟

القاهرة- على مدار تاريخها، كانت الجامعات المصرية من أبرز ساحات الاشتباك مع الشأن العام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مما جعلها تُخرّج العديد من السياسيين، وليس مجرد طلاب.

لذلك، حرصت الدولة من جهة وأغلب الحركات السياسية والفكرية من جهة أخرى على الوجود داخل الجامعات ومحاولة السيطرة على انتخابات اتحاد الطلاب. لكن غابت تلك السخونة المعهودة عن الانتخابات الطلابية مؤخرا، ولم تعد خبرا يحظى بمتابعة واسعة أو اهتمام النشطاء.

ومع تصاعد الحديث بشأن الجهود الحكومية في تحريك مياه السياسة الراكدة، عبر الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتساءل البعض عن مصير انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات التي يبدأ سحب أوراق الترشح فيها غدا الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني، وتجرى يومي السابع والثامن من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ودعا السيسي أبريل/نيسان الماضي إلى عقد حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، ومناقشة سبل الإصلاح السياسي، وعادة ما يؤكد دعمه للشباب وطلاب الجامعات.

ووسط تأكيدات حكومية بمشاركة ديمقراطية في انتخابات اتحاد الطلاب، شكك معارضون في ذلك، مؤكدين -في تصريحات للجزيرة نت- أهمية فتح المجال العام وإجراء انتخابات حقيقية تسمح بوجود تعددية طلابية، عن طريق بعض الأحزاب المنضوية تحت جناح لجنة الحوار الوطني.

شروط رسمية ودعوات للمشاركة

رسميا، من المقرر تنفيذ الانتخابات وفقا للائحة الاتحادات الطلابية التي جرى وضعها عام 2017، وسط دعوات رسمية بالمشاركة وتكريس مفاهيم الديمقراطية في الاستحقاقات الانتخابية.

وفي تصريحات صحفية، طالب طايع عبد اللطيف، مستشار وزير التعليم العالي للأنشطة الطلابية، الطلاب بالمشاركة الفعالة في الانتخابات، لأنها جزء من إعداد الشخصية وتكريس مفهوم المشاركة الديمقراطية في الاستحقاقات الانتخابية واختيار ممثليهم، مؤكدا أنه سيتم عقد لقاءات وندوات توعية لحث الطلاب على المشاركة.

وحسب اللائحة، فإن هناك شروطا يجب أن تنطبق على الطلاب للترشح، وهي:

  • أن يكون الطالب مصريا وحسن السمعة.
  • أن يكون مستجدا في فرقته الدراسية.
  • أن يكون له نشاط طلابي موثق في الجامعة أو الكلية أو المعهد في مجال اللجنة المرشح لها، عدا طلاب السنة الدراسية الأولى.
  • ألا يكون قد سبقت مجازاته تأديبيا، أو سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو مخلة بالشرف أو بالأمانة، ما لم يكن تم رد الاعتبار له.
  • ألا يكون منتميا إلى أي تنظيم أو كيان أو جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف القانون.

بدوره، نقل موقع “المنصة” عن مصدر في وزارة التعليم العالي أن أوراق الطلاب المرشحين في الانتخابات الطلابية ستُعرض على الجهات الأمنية، قبل الموافقة على ترشحهم، وذلك لاستبعاد أي طالب يحمل ما وصفها بـ”سوابق فكرية شاذة أو انتماءات سياسية معادية للدولة”.

وصرح رئيس جامعة كفر الشيخ عبدالرازق دسوقي بأنه من حق أي طالب تنطبق عليه الشروط أن يتقدم لخوض الانتخابات، ولكن يحظر في أثناء الدعاية الانتخابية استخدام الشعارات واللافتات الحزبية والدينية، مؤكدا أهمية اختيار الطلاب لمرشحيهم بعناية تامة لتمثيلهم والتعبير عنهم.

وأكد رئيس “جامعة الأهرام الكندية” صديق عبدالسلام، في تصريحات صحفية، أن انتخابات الاتحادات الطلابية يجرى تنفيذها في الجامعات الخاصة، أسوة بالجامعات الحكومية كونها “المظلة الحقيقة لتعبير الطلاب عن آرائهم وتطلعاتهم”.

فتح المجال الطلابي

في هذا السياق، يأمل مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، المحامي خلف بيومي، أن تجرى انتخابات حقيقية في الجامعات هذه المرة تسمح بوجود المعارضة، عن طريق بعض الأحزاب المنضوية تحت جناح لجنة الحوار الوطني التي يمكنها أن تدفع ببعض شبابها، إن وجد.

اقرأ ايضاً
من ذاكرة "صبرا وشاتيلا".. ميساء تمشي بين الجثث ورحاب تنتظر خبرا عن طفليها

وفي حديثه للجزيرة نت، يستدرك بيومي بالقول إن ذلك سيبقى مرهونا بالضوء الذي يمنحه النظام الحالي، وبالتالي هو اختبار حقيقي للسلطة في ظل دعوات الحوار الوطني.

ويضيف مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان أنه لا يعتقد -في ظل استمرار غلق المناخ السياسي- أن تشهد الانتخابات الطلابية القادمة تغييرا، ولكن الفرصة ما زالت سانحة لتدخل الحكماء، وفتح المجال الطلابي العام الذي أفرز قيادات تاريخية كثيرة في التيارين الإسلامي والناصري.

ووثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بمصر غياب الانتخابات بشكل حقيقي في الانتخابات في السنوات العشر الأخيرة، في تقرير بعنوان “اتحاد خارج التغطية.. قراءة في الانتخابات الطلابية بالجامعات المصرية خلال عقد 2011 – 2021”.

وأكد التقرير أن الانتخابات شهدت مع بداية عام 2011 زخما في المجال العام، كانت الجامعات واتحادات الطلاب فيها في القلب منه، بانتخابات حرة تتنافس فيها قوًى متنوعة ومختلفة، إضافة إلى الطلاب المستقلين عام 2011، لكنها انتهت إلى اتحادات طلاب يتم تعيين الكثير من أعضائها، وفوز آخرين بالتزكية، وتغيب عنها التغطية الصحفية والإعلامية.

وشدد التقرير على أنه حان الوقت لخلق المساحات أمام الطلاب الآن، خاصة بعد ما تعانيه الحريات والحقوق الطلابية اليوم من تضييق وانتهاكات بعد حراك وبوادر انفتاح وتطور إبان ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

سجل من النضال توقف

من جهته، يقول النائب الأسبق لرئيس اتحاد جامعات مصر ورئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر الأسبق، أحمد البقري، إن التاريخ سجل للاتحادات الطلابية الكثير من وقائع النضال في مواجهة الاحتلال الأجنبي لمصر، وفي مواجهة الاستبداد السياسي للحكومات المحلية على مدار التاريخ.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار البقري إلى كثير من الرموز السياسية التي خرجت من رحم العمل السياسي في الجامعات المصرية، مثل الزعيم الراحل مصطفى كامل، والرموز السياسية الحالية مثل المرشح الرئاسي المحبوس حاليا عبد المنعم أبو الفتوح، والبرلماني السابق المحبوس حاليا محمد البلتاجي، والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

واعتبر أن فتح المجال العام في مصر مقدمة لعودة السياسة للحياة الطلابية، موضحا أن اتحادات الطلاب يسيطر عليها حاليا أسرة طلابية واحدة تسمى “طلاب من أجل مصر”، وذلك على غرار أسرة “حورس” التي حاول نظام الرئيس الراحل حسني مبارك فرضها على الجامعات.

بدوره، يستبعد البرلماني السابق والسياسي المعارض، محمد جمال حشمت، “وجود أي أمل لإجراء انتخابات طلابية حقيقية في الجامعات، في ظل تجريف الحياة السياسية”، موضحا أن المناخ الحالي في مصر لا يسمح بنمو قيادات حقيقية، حسب حديثه للجزيرة نت.

ويتفق معه عضو مجلس أمناء ثورة يناير ياسر صديق حسين، الذي يقول إن الانتخابات الطلابية انعكاس للوضع السياسي العام، وطالما استمر إغلاق المجال العام وخوف السلطة من وجود مسار سياسي حقيقي، فإن الوطن سيدفع الثمن في الحاضر والمستقبل، ولا أمل في عقد انتخابات طلابية حقيقة وتعددية، وفق تصريحه للجزيرة نت.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى