الاخبار العاجلةسياسة

صاحب شعار “التطبيع خيانة”.. قيس سعيد تحت قصف الاتهامات بفتح جسور العلاقات مع إسرائيل

تونس- رغم رفعه شعار “التطبيع خيانة عظمى” قبل وصوله لسدة الحكم بتونس، أصبح الرئيس قيس سعيد اليوم تحت قصف الاتهامات بأنه يسعى لفتح جسور تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي بعد توقيعه على بروتوكول دولي مثير للجدل.

وصادق سعيد، الثلاثاء الماضي، على ما يسمى الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط المعتمد بمدينة مدريد يوم 21 يناير/كانون الثاني 2008، وهو بروتوكول لم يحظ آنذاك بالموافقة في عهد زين العابدين بن علي الذي وصف بالدكتاتوري والقمعي.

وفعليا أصبحت الآن تونس عضوة في إطار إقليمي واحد مع الكيان الإسرائيلي ومجموعة من الدول الأخرى بعد صدور المصادقة، في إطار المرسوم الرئاسي عدد 76 لسنة 2022 بالجريدة الرسمية يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ووقعت على هذا البروتوكول -المتعلق بحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في بحر المتوسط- كل من تونس وقبلها الكيان الإسرائيلي والمغرب ولبنان وسوريا وفرنسا وإسبانيا وألبانيا والجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا ومالطا.

في المقابل، لم توقع عليه حتى الآن دول أخرى مطلة على البحر المتوسط مثل مصر والجزائر وليبيا وإيطاليا وتركيا واليونان والبوسنة والهرسك وقبرص وموناكو.

تطبيع مُقنّع

وبعد التوقيع الرسمي من قبل الرئيس التونسي للانضمام لهذا البروتوكول، وجهت المعارضة له سيلا حادا من الاتهامات، مؤكدة أن رفعه شعار تجريد التطبيع مجرد ضحك على الذقون.

وحول هذا، يقول غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي إن موافقة سعيد على الانضمام لهذا البروتوكول يفتح الباب لالتزامات متبادلة بين مختلف الدول الأعضاء، بما فيها الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين.

ويتساءل الشواشي عن سبب هذه العجلة من قبل الرئيس في الإمضاء على اتفاقية تتمتع إسرائيل بالعضوية فيها ولا تعتبر ذات أولوية بالنسبة للتونسيين “بدلا من ترك البرلمان القادم الذي هندس لانتخابه للنظر في هذا القانون”.

ويقول أيضا إن توقيع الاتفاقيات الدولية يتم وجوبا عبر البرلمانات بعد الاستفاضة من مناقشة مضامينها، مرجحا أن يكون هذا الإسراع في المصادقة على البروتوكول “رغبة مقنعة للذهاب في مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس أحمد نجيب الشابي خلال مؤتمر صحفي للجبهة
أحمد الشابي: سعيّد متهم بالتطبيع بالإمضاء على اتفاقية تتمتع إسرائيل بالعضوية فيها (مواقع التواصل)

بروتوكول ذو شبهة

وأحيل بروتوكول مدريد حول الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بالمتوسط إلى مجلس النواب قبل الثورة (عام 2008) ولم ينجح في المرور إلى الجلسة العامة إلاّ سنة 2020.

ولم يحظ مشروع القانون المتعلق بانضمام تونس إلى هذا البروتوكول بموافقة البرلمان السابق عند عرضه على أعضائه في يونيو/حزيران 2020، وبقي المشروع جاثما في رفوفه.

وفي 27 يوليو/تموز 2020، صوّت النواب مجدّدا لكن المشروع لم يحظ بأغلبية 109 أصوات (من 217 نائبا) بعد أن وافق 73 نائبا، وتحفّظ 14، وعارضه 60 آخرون.

ويعود الشواشي ليوضح للجزيرة نت أن الكتل البرلمانية طالبت آنذاك من رئيس الحكومة هشام المشيشي توضيح الأهداف الخفية من المصادقة على هذا القانون، لكن الحكومة لم توضح الأسباب، وبالتالي لم تتم المصادقة عليه.

اقرأ ايضاً
كاتب فرنسي: هذه آخر أوراق بوتين في حربه الحالية

ولا يستبعد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي أن يسعى الرئيس من وراء هذه المصادقة إلى التقرب من الولايات المتحدة التي ما تزال متمسكة بعودة المسار الديمقراطي، معتبرا أنه لو كان لسعيد أي نية لمناهضة التطبيع لصادق على قانون يجرّمه.

وقد وجهت منظمات وأحزاب عدّة نقدا لاذعا لهذه الخطوة، وسط غياب أي سلطة تشريعية بعدما حل البرلمان السابق بموجب التدابير الاستثنائية التي يحكم بها منذ 25 يوليو/تموز 2021.

ومن جانبها دانت جبهة الخلاص المعارضة -التي تضم أحزابا عدة أكبرها وزنا حركة النهضة- ما اعتبرته تطبيعا في العلاقات مع الكيان الصهيوني من قبل الرئيس سعيد، وذلك بعد أيام قليلة من انتهاء القمة الفرنكفونية في تونس.

وليس معارضو الرئيس وحدهم من عبروا عن رفضهم لهذه الاتفاقية، فحتى جزء من أنصار سعيد عبروا عن امتعاضهم من هذه المصادقة التي تفتح الباب في نظرهم للتعامل المباشر مع الكيان الصهيوني.

دعوة للتراجع

في هذا الاتجاه، يقول أحمد الكحلاوي رئيس الهيئة الوطنية لمناهضة التطبيع والصهيونية -للجزيرة نت- إنه كان يتمنى ألا يوقع الرئيس على البروتوكول، مطالبا إياه بالتراجع عنه والانسحاب منه قبل فوات الأوان.

ويضيف الكحلاوي أنه لا يذهب إلى درجة اتهام الرئيس بمحاولة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكنه يقول إنه كان عليه أن يتحرى وأن ينتبه إلى مضمون هذا البروتوكول الذي من شأنه أن يثير المشاكل والقلاقل.

ويوضح أن هناك توجها دوليا تلعب فيه فرنسا دورا بارزا لتسهيل عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، عبر إحداث شراكات وكيانات لغايات ثقافية أو اقتصادية أو بيئية وتحمل اسم “المتوسط” من أجل إرساء تطبيع مقنع.

ويؤكد الكحلاوي أن تونس ليست في حاجة للتعامل مع كيان غاصب من أجل حماية سواحلها البحرية، مشددا على ضرورة حماية البيئة البحرية للمتوسط ولكن خارج غطاء كل توظيف سياسي لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.

ويرى أن محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني ظهرت خلال ما اسماها العشرية السوداء الماضية، بعد رفض تجريم التطبيع، فضلا عن تنصيب روني الطرابلسي وزيرا للسياحة.

وينص البروتوكول بشأن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بالمتوسط على تأسيس مركزٍ للأنشطة الإقليمية المشتركة (الفصل 2) وكذلك منظمة تمثل اطارا إقليميا مشتركا للتصرّف المتكامل في المناطق الساحلية بالمتوسط (الفصل 17).

وهو ما يفرض على الدول المصادِقة أن تتعامل مع بعضها مباشرة تحت مسمّيات “التعاون وتبادل المعلومات والمساندة العلمية والتقنيّة” أو “الأنشطة ذات المصلحة المشتركة” كما يوجب على الدول الأعضاء حضور اجتماعات دوريّة مشتركة والتشاور ووضع الخطط المشتركة و”التعاون العابر للحدود”.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى