الاخبار العاجلةسياسة

بذكرى السماح لأعضائه بالعمل السياسي.. هل تسلّل “الفلول” مجددا للحياة السياسية في مصر؟

القاهرةـ في وقت كان معظم قيادات الحزب الوطني المنحل ونظام الرئيس الراحل حسني مبارك أو “الفلول” بحسب الوصف الإعلامي وقتها، يتوارون خشية سهام ثورة “25 يناير 2011″، كان وزير التموين الحالي علي المصيلحي القيادي السابق في الحزب الوطني ووزير التضامن الاجتماعي في عهد مبارك، يعلن وقتها عن ابتهاجه بحكم يسمح لأعضاء الوطني بالترشح في الانتخابات البرلمانية عقب الثورة.

تصريحات الوزير وقتها جاء لصحيفة الديلي نيوز البريطانية، أكد خلالها أن حكم المحكمة الدستورية ـصدر في 14 يونيو/حزيران 2012ـ بعدم دستورية حظر أعضاء الوطني من الترشح للانتخابات، قد وضع الأمور في نصابها، محذرا من “فتن كبيرة كانت مصر في غنى عنها” لو جرى تطبيق قرار المحكمة الإدارية السابق بالحظر.

وأصدرت المحكمة الإدارية في 16 أبريل/نيسان 2011 قرارا بحل “الحزب الوطني الديمقراطي”، ومصادرة أصوله.

وقال المصيلحي إن “الثورات هدفها تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية وليس استبعاد حزب واستبقاء آخر”.

ولاحقا ظل المصيلحي يدافع عن حق أعضاء الحزب الوطني في المشاركة السياسية، ودخل في مجادلات في برامج على الهواء مع معارضين كان أبرزها مع نائب بورسعيد الراحل البدري فرغلي.

عاد المصيلحي للحياة السياسية من بوابة البرلمان ثم اختير وزيرا للتموين بعد استقالته من رئاسة اللجنة الاقتصادية في البرلمان.

لم يقتصر الأمر على المصيلحي وحده، بل يقول مراقبون ونشطاء ثورة يناير إن “الفلول” نجحوا في التسلل إلى مفاصل الحياة السياسية من جديد، بينما حافظ بعضهم على مواقعهم في الجهاز الإداري للدولة.

الظهير السياسي

يرى مراقبون أن المأزق الذي وقعت فيه الدولة عقب الإطاحة بنظام الإخوان منتصف عام 2013، هو الفراغ السياسي الناتج عن عدم وجود ظهير سياسي، ما دفع للاستعانة بأعضاء الحزب الوطني المنحل.

على رأس هؤلاء إبراهيم محلب، مساعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حاليا لشؤون المشروعات، الذي شغل منصب رئيس الوزراء الأسبق بعهدي الرئيس الانتقالي عدلي منصور ثم السيسي.

عقب استقالته من رئاسة الحكومة نهاية عام 2015، جلس محلب بجوار مساعدي ومستشاري رئيس الجمهورية من أعضاء الحزب الوطني السابقين ورموز نظام مبارك، منهم مستشار السيسي للشؤون الاقتصادية ورئيس الوزراء الراحل كمال الجنزوري، وفايزة أبو النجا مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي ووزيرة التعاون الدولي في عصر مبارك.

لم يتول محلب، عضو لجنة السياسات السابق بالحزب الوطني، في عهد مبارك أي مناصب باستثناء تعيينه عضوا في مجلس الشورى، لكن أخطر ما جرى انتقاد تعيينه به عقب انقلاب 2013، هو كونه متهما رئيسيا في قضية القصور الرئاسية في منتجع شرم الشيخ، التي حوكم بسببها مبارك ونجلاه علاء وجمال، وورد اسم محلب في القضية باعتباره مسؤول شركة “المقاولون العرب” التي قدمت تسهيلات كبرى لتنفيذ المباني الفاخرة على حساب الدولة.

أما أحمد زكي بدر، نجل وزير الداخلية الأسبق زكي بدر، وأحد أعضاء الحزب الوطني المنحل ووزير التعليم في آخر عصر مبارك، فقد تسبب ظهور اسمه عام 2015 على قائمة “في حب مصر” الانتخابية، في احتجاج رئيس حزب الوفد السيد البدوي، ولاحقا اختير بدر وزيرا للتنمية المحلية عام 2015.

أما أول من تولت منصب المحافظ لمحافظة البحيرة (شمال) نادية عبده، فلم تواجه حملة الهجوم عليها ـ كونها عضوة بارزة وسابقة بالحزب الوطني ـ بالنفي، بل أكدت بثقة أن عضويتها في الحزب كانت “مثل بقية المصريين”.

وأضافت في تصريحات صحفية عام 2017 وقت أن تولت المسؤولية إن “ثلثي مصر كانوا أعضاءً بالحزب”، موضحة أن معظم المسؤولين التنفيذيين كانوا أعضاء بالحزب الوطني بتوجيهات عليا، بحسب وصفها.

شغلت عبده عضوية أمانة المرأة في الحزب الوطني، والتحقت بآخر برلمانات عصر مبارك عام 2010، بعد نجاحها في الانتخابات ضمن 64 سيدة رشحهن الحزب، ولاحقتها اتهامات بأنها استغلت موارد شركة المياه التي كانت تتولى رئاستها في دعايتها الانتخابية.

وجود ملموس

عند التعامل مع الهيئات والمؤسسات الحكومية المختلفة، لا يخفى وجود أعضاء الحزب الوطني في مختلف المواقع القيادية الثانوية بالدولة، غير أن الوجود الأبرز لهم يتجلى في البرلمان، حيث تنافست في انتخاباته خلال الدورتين السابقة والحالية، وجوه شهيرة من الحزب الوطني.

اقرأ ايضاً
تكرار هجمات المسيّرات داخل روسيا.. ثغرات في الدفاع الجوي أم حرب إعلامية؟

كان من أبرز الوجوه المنتمية للحزب الوطني والتي نجحت في الدورتين الماضيتين، اللواء سعد الجمال المتوفى مع بداية انعقاد الدورة الحالية، وسحر طلعت مصطفى، ابنة شقيق هشام طلعت المفرج عنه بعفو رئاسي مؤخرا في جريمة قتل المطربة سوزان تميم، والعضو في الحزب الوطني ومجلس الشورى في عهد مبارك.

ومن الطريف أن أحمد عبده العرجاوي، وكان عضوا بمجلس محلي المحافظة عن الحزب الوطني، فضل الترشح عن حزب النور “السلفي”، صاحب الشعبية في الإسكندرية، ليفوز بالمقعد في الدورتين الماضيتين.

إلى جانب مصطفى إبراهيم نظير، وياسر عمر، وأبو العباس فرحات تركي، ومحمد سعد تمراز، وعمر حمروش، أمين الحزب الوطني السابق بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، فضلا عن محمد بدوي دسوقي، وهو من كوادر الحزب الوطني في محافظة الجيزة، وطارق سعيد حسانين، ومحمود عباس الصعيدي، وعلاء ناجي عبد الرحيم.

البرلمان ومستقبل وطن

وحول أعداد أعضاء الحزب الوطني في البرلمان المصري حاليا، تحدثت تقارير صحفية عن حصدهم ما يقارب 30% من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2015، التي جرى خلالها رفض أوراق ترشح أمين الحزب الوطني الأسبق أحمد عز بدعوى عدم استيفاء الأوراق.

لكن لا توجد تقارير تكشف عددهم بدقة في مجلس النواب الحالي. وفي هذا السياق، تحدث للجزيرة نت صحفيان مختصان بشؤون البرلمان، تحفظا على الإشارة لهويتهما، قدر أحدهما عدد أعضاء الحزب الوطني في البرلمان الحالي بالعشرات.

فيما اختلف معه آخر مقدرا العدد بالمئات وقال للجزيرة نت: “ربما يزيدون عن نصف عدد الأعضاء، نفس الوجوه كنا نراها في دورات ما قبل الثورة، ولكنهم ينكرون اليوم انتماءهم السابق في الحزب الوطني، ولم يكونوا معروفين وقتها”.

ولم يكتفِ أعضاء الحزب الوطني بالعودة فرادى للمشهد السياسي واحتلال مواقعهم مجددا في السلطة والبرلمان، بل انخرطوا في الحزب الأقوى المقرب من السلطة، وهو حزب مستقبل وطن، الذي حصد أكثر من نصف مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2020، بعدد 316 مقعدا من أصل 596 مقعدا.

ولاحقت الحزب موجات من الهجوم بسبب بروز أسماء قيادات فيه كانت من قيادات الحزب الوطني ومنهم نائب رئيس مستقبل وطن عبد الهادي القصبي، القيادي السابق في الحزب الوطني.

وفي عام 2020، قال المذيع حاليا بالتلفزيون الرسمي وعضو مجلس النواب يوسف الحسيني، إن “حزب مستقبل وطن ليس الحزب الوطني ولا يحب أن يكون الحزب الوطني ويكره ذلك حد كراهة التحريم”!

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى