قضاة تونس: السلطة لم تنجح في كسر وحدتنا.. وأحزاب سياسية تندد بملاحقة المعارضين أمام المحاكم العسكرية
شدد رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي على أن كل الهياكل القضائية موحدة وأن السلطة لم تنجح في كسر وحدة صفها، في حين دانت قوى سياسية استمرار السلطات في ملاحقة المعارضين أمام المحاكم العسكرية.
وقال الحمادي -خلال الجلسة العامة للقضاة التونسيين لاتخاذ قرارات بشأن تحركاتهم في الفترة القادمة- إن القضاة موحدون في التصدي لمحاولات الاختراق والتجنّي على استقلالية السلطة القضائية.
وأضاف أن نسبة تعليق العمل في المحاكم في الأسبوع الثاني من إضراب القضاة عن العمل بلغت 95%، وذلك للاحتجاج على قرار الرئيس قيس سعيّد عزل 75 قاضيا.
ولفت الحمادي إلى أن القضاة سبق أن عبّروا عن الظلم والجور الذي يتعرضون له واستفحال التعسف والفساد، مشيرا إلى أن جمعية القضاة طلبت عقد لقاء عاجل مع الرئيس لبحث رفع مظلمة القضاة لكنها لم تتلقّ تجاوبا مع الطلب.
وبقرار من جمعية القضاة (مستقلة) يخوض القضاة في تونس منذ السادس من يونيو/حزيران الجاري إضرابا عن العمل احتجاجا على إقالة 57 قاضيا.
ومطلع الشهر الجاري أصدر الرئيس قيس سعيد أمرا رئاسيا بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم، بتهم بينها تغيير مسار قضايا وتعطيل تحقيقات في ملفات إرهاب وارتكاب فساد مالي وأخلاقي، وهو ما ينفي القضاة صحته.
وقوبل هذا المرسوم برفض من نقابات وأحزاب تونسية وانتقاد دولي حاد، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية ومنظمة العفو الدولية.
ملاحقة المعارضين
وفي سياق متصل، استنكرت جبهة الخلاص الوطني في تونس الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف العسكرية بحق المحامي سيف الدين مخلوف رئيس كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان المنحل.
وقضت محكمة الاستئناف العسكرية أمس الجمعة بسجن سيف الدين مخلوف سنة نافذةً ومنعه من ممارسة مهنة المحاماة 5 أعوام، بتهمة “التطاول على القضاء العسكري”، في ما يعرف بـ”قضية الكولوار”.
وأكدت الجبهة -في بيان- أن الحكم الصادر ضد مخلوف ليس سوى خطوة جديدة على طريق تدجين جناحي العدالة بعد إعفاء القضاة ومحاكمة المحامين أمام القضاء العسكري.
واستغربت الجبهة من صمت الهيئة الوطنية للمحامين أمام ما سمته تعدّي القضاء العسكري على اختصاصها بحرمان محام من ممارسة مهنته مدة 5 سنوات، مع كونها الهيئة الوحيدة المختصة باتخاذ مثل هذه الإجراءات.
من جانبها، دانت حركة النهضة ما وصفته بالعنف المادي أو اللفظي الذي تتعرض له قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وقادة الأحزاب والجبهات.
واستنكرت الحركة -في بيان- ما عدّته إدمانا من السلطة لإحالة معارضين إلى المحاكم العسكرية بهدف إقصائهم من الحياة السياسية، إذ رأت الحركة الحكم بالسجن على نائب الشعب ورئيس حزب ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف وحرمانه من ممارسة المحاماة استهدافا له ومصادرة لحقوقه المشروعة.
اعتقالات جديدة
وفي سياق متصل، قال المحامي التونسي سمير ديلو إن الجهات الأمنية جددت توقيف كل من المتحدث الرسمي الأسبق لوزارة الداخلية محمد علي العروي، والصحفي لطفي الحيدوري.
وأوضح ديلو في تصريحات أن قرار تجديد التوقيف بحق العروي والحيدوري جاء بحجة استكمال التحقيق في علاقتهما بما يعرف بملف قضية شركة “إنستالينغو” المتخصصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، والتي تتهمها السلطات التونسية بتبييض الأموال وتشويه شخصيات سياسية مناهضة لحركة النهضة.
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021 تعاني تونس أزمة سياسية حادة، إذ فرض سعيّد إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحلّ البرلمان ومجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
كما قرر سعيد إجراء استفتاء على دستور جديد للبلاد في 25 من الشهر المقبل، وتقديم الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/كانون الأول القادم، ومنح نفسه حق تعيين 3 من أعضاء هيئة الانتخابات السبعة، بمن فيهم رئيسها.
وتقول قوى تونسية إن هذه الإجراءات تمثل “انقلابًا على الدستور” وتستهدف تجميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد الرئيس.
في حين ترى قوى أخرى أن تلك الإجراءات تستهدف “تصحيح مسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.