تعاون الجهات المعنية يعزز النتائج العلاجية للمصابين بداء الأمعاء الالتهابي
كشفت أبحاث حديثة عن ارتفاع معدلات الإصابة بداء الأمعاء الالتهابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث شهد عام 2017 تسجيل 166 ألف إصابة بالمرض، ليرتفع هذا الرقم إلى 220 ألف في عام 2020، والمتوقع أن يتضاعف إلى حوالي 500 ألف إصابة تقريباً بحلول عام 2035. وتُعزى هذه الزيادة إلى مجموعةٍ من الأسباب مثل العوامل البيئية المختلفة، وأنماط الحياة الجديدة، وارتفاع كفاءة وفعالية أدوات التشخيص. ورغم أن السبب الرئيسي والدقيق للمرض ما يزال مجهولاً، إلا أن البدانة والتوتر وأنماط النوم والتدخين تساهم جميعها في زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض. وهذا ما يؤكد بأن مرض الأمعاء الالتهابي أصبح آفة صحية عالمية ومتصاعدة.
ويُعد داء الأمعاء الالتهابي مصطلحاً عاماً يشمل الاضطرابات التي تتضمن التهابات مزمنة في الجهاز الهضمي، وهما داء كرون والتهاب القولون التقرحي. يسبب داء كرون التهاب كامل بطانة الجهاز الهضمي حتى طبقاته العميقة، في حين يسبب التهاب القولون التقرحي تقرحات في البطانة السطحية للأمعاء الغليظة، ويتشابه المرضان في عدد من الأعراض مثل الإسهال والنزيف وآلام البطن والإعياء وخسارة الوزن. ويتعين على المرضى لدى تشخيص حالتهم، العمل تدريجياً على تقبّل واقع إصابتهم بحالة صحية تستوجب متابعة مزمنة.
وتمتد تبعات الأمراض المزمنة أبعد من الأعراض الجسدية، حيث يعاني العديد من المرضى من الطبيعة المتقلبة لداء الأمعاء الالتهابي وتناوب الاضطرابات الناتجة عنه، مما يتطلب التعامل مع الاضطرابات النفسية التي غالباً ما ترافق التشخيص السريري.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال الدكتور شاكر بكاري، استشاري أمراض الجهاز الهضمي في مدينة الملك سعود الطبية: “نُدرك بأن التأثير الفعلي للأمراض المناعية يتخطى أعراضها الجسدية، حيث يتأثر المرضى في كثيرٍ من الأحيان بمسائل الإحراج والعزلة وتراجع الإنتاجية والضغوط النفسية. وقد أظهرت الاستبيانات الموجهة لمرضى داء الأمعاء الالتهابي تأثر علاقات 40% منهم سلباً مع الأشخاص المقريبن، بينما واجه 52% منهم صعوباتٍ في التعليم، وتأثرت إنتاجية نحو 25% بعد الإصابة بالمرض”.
وزادت أزمة كوفيد-19 من معاناة المصابين بأمراض مزمنة، بما فيهم مرضى داء الأمعاء الالتهابي، حيث كشفت دراسة نشرتها منصة بابميد مؤخراً عن سيطرة القلق على نسبة كبيرة من مرضى داء الأمعاء الالتهابي. وغالباً ما تترافق حالات داء الأمعاء الالتهابي مع أعراض نفسية، إذ يمكن أن يسبب المرض اضطراباً في جوانب عدة في حياة المصابين، ابتداءً بالعمل وتربية الأبناء ووصولاً إلى الأنشطة الاجتماعية والترفيهية والعلاقات الشخصية. وبالتالي، فإن التأثير الذي يمكن أن يحدثه المرض على الإحساس العام بالرفاهية لدى المريض غالبًا ما يكون عميقًا. ومع أخذ حالة القلق العامة التي صاحبت تفشي الجائحة بعين الاعتبار، يصبح من السهل فهم التحديات النفسية العصيبة التي واجهت المرضى خلال الأشهر الماضية، وتحديداً أولئك الذين يعتمدون على الرعاية الطبية المستمرة لإدارة حالاتهم المزمنة.
وتظهر أعراض داء الأمعاء الالتهابي غالباً في سن الشباب ويتأخر تشخيص الإصابة لدى كثير من المرضى نتيجة محدودية إمكانات التشخيص الدقيق. ويقود تشابه العديد من أعراض داء الأمعاء الالتهابي مع أمراض أخرى إلى التشخيص الخاطئ للمرضى. ويضاف إلى ذلك أن التشخيص يحتاج إلى إجراء عدد كبير من التقصي قبل الجزم بوجود المرض ويشمل تحاليل الدم والتنظير وصور الأشعة والرنين المغناطيسي وعينات البراز. وقد يؤدي الإحراج المرافق للإصابة بالمرض إلى اعاقة الوصول إلى التشخيص في وقت مبكر، إذ يخجل الكثيرون من مناقشة الأعراض وبالتالي يتأخرون في طلب الاستشارة الطبية. كما يصعب شرح حقيقة المرض وتأثيره أمام العائلة والأصدقاء بسبب أعراضه المحرجة.
ويواجه المرضى والأطباء في المملكة العربية السعودية تحدياً يتمثل في الاحتياج لتعميق الوعي بالمرض وتسريع وتيرة التشخيص ودقته بما يساعد في تحسين القرارات العلاجية والسيطرة عليه بشكل أفضل. وتتواصل جهود الخبراء لدراسة العوامل الجينية ولكن ذلك يتطلب دراسات سكانية وجينية مستفيضة وتستغرق وقت طويل. وبالرغم من صعوبة تطبيق هذا على المدى القصير، يتوجب على مجتمع الرعاية الصحية اتخاذ خطوات فاعلة لضمان حصول المرضى على تشخيص أسرع ورعاية أكثر كفاءة.
وتتمثل هذه الحلول في تعاون الجمعية السعودية للجهاز الهضمي مع شركائها لتحفيز وتحسين تبادل الأفكار والأبحاث العلمية المهمة حول هذا المرض، كما تسعى إلى تعزيز الوعي الصحي العام عن طريق مجموعات دعم المرضى. إذ غالباً ما يشار إلى داء الأمعاء الالتهابي على أنه مرض خفي، إلا أن تأثير أعراضه على المرضى والمحيطين بهم من صعب تجاهلاها أو عدم ملاحظتها. ويساهم تنسيق الجهود وتوسيع نطاق مشاركة جهات متعددة في توفير بيئة داعمة للمرضى وتمهيد الطريق لتطوير منهجيات معالجة أكثر ابتكاراً والحد من تاثير المرض على حياة ملايين الأشخاص في أنحاء العالم.
وبدوره، قال الدكتور ماجد الماضي، رئيس الجمعية السعودية للجهاز الهضمي: “يمثل تشخيص الإصابة بداء كرون والتهاب القولون التقرحي لحظة مفصلية في حياة الكثير من المرضى، لذا تسعى الجمعية إلى توفير منصة لدعم المتخصصين في المملكة العربية السعودية لمشاركة خبراتهم وآخر التوصيات العلمية في مجال داء الأمعاء الالتهابي. ونتطلع إلى تعزيز تبادل الأفكار وتوطيد التعاون بين المؤسسات المعنية في السعودية والعالم للارتقاء بالخدمة المقدمة للمرضى ودعم البرامج التعليمية التي تساعد المرضى من خلال زيادة الوعي بالمرض وتطبيق خطط علاجية أكثر فاعلية”.
ويكمن العامل الرئيسي في السيطرة على هذا المرض، على الصعيدين الذهني والجسدي، في تكوين فريق طبي يتمتع بالخبرة في تشخيص المرض وتزويده بأدوات التشخيص وخطط العلاج الحديثة. ورغم صعوبة وضع منهجية شاملة لعلاج داء الأمعاء الالتهابي، تتوفر مجموعة كبيرة من العلاجات التي يمكن تخصيصها بما يتلاءم مع احتياجات وتفاصيل كل فرد. ويمكن السيطرة على هذا المرض المزمن بشكل فعال مع وجود خطة علاج مناسبة.
وتتسم برامج البحث والتطوير بأهميةٍ كبيرة في تقديم المعلومات المناسبة لمقدمي الرعاية الصحية ودعم المرضى. وبذلت شركة جانسن جهوداً كبيرة لتتصدر مجال الابتكار لإيجاد خيارات علاجية فعّالة للحد من آثار الأمراض المناعية وتخفيف معاناة المرضى. ويشكل التعاون ركيزةً أساسية في هذه المنهجية في ظل الحاجة إلى تعزيز منظومة الرعاية الصحية في جميع المؤسسات الأكاديمية والقطاعين العام والخاص وتحسين النتائج العلاجية للمرضى في منطقة الشرق الأوسط. وتبذل الشركة جهوداً دؤوبة لرفع الوعي وتقديم أفضل العلاجات والأبحاث المتاحة للمصابين بالأمراض المناعية المختلفة ليستفيدوا منها عند الحاجة، عن طريق توحيد جهود الأطباء وطواقم التمريض والمرضى ومنظمات الدفاع عن حقوق المرضى وصانعي السياسات. كما يمكن للشركة أن تستقطب الأطباء المتخصصين من مختلف المجالات العلاجية لمشاركة خبراتهم وأفضل الممارسات لديهم، عن طريق التركيز على الاستثمار في التعليم الطبي المستمر للأطباء ومزودي خدمات الرعاية الصحية.
وتعكس مبادرة “The Peace Within- السلام الداخلي” التزام شركة جانسن بالتخفيف من معاناة المصابين بالأمراض المناعية مثل داء الأمعاء الالتهابي، والتي تهاجم عناصر الجهاز المناعي لخلايا الجسم، مما يسبب الكثير من الألم والمعاناة في حال عدم توفير العلاج المناسب. وعليه، توظف شركة جانسن كافة الجهود لرفع الوعي وتوفير المعلومات وأفضل العلاجات والأبحاث المتاحة بالتعاون مع شركائها، بمن فيهم منظمات الدفاع عن حقوق المرضى والجمعية السعودية للجهاز الهضمي ومزودي خدمات الرعاية الصحية والعلماء والجهات الحكومية.