رياضة

الزمالك.. هل فتحت “مدرسة الفن والهندسة” أبوابها من جديد؟

ما عدا استثناءات قليلة، فإن المصريين فيما يخص كرة القدم ينقسمون إما إلى زملكاوي أو أهلاوي، والمواجهات التي تجمع فريقي الزمالك والأهلي هي مواجهات القمة بالكرة المصرية وأحد أبرز القمم الكروية على الصعيدين العربي والأفريقي منذ ما يزيد على قرن من الزمان.

الزمالك إذن يمثل مع الأهلي قطبا الكرة المصرية، رغم أن الحديث بلغة الأرقام يعطي التفوق للأخير من حيث عدد البطولات المحلية والقارية، بينما يكتفي الزمالك بالبروز والتألق على فترات متفاوتة.

ورغم اختلاف الأجيال وتواليها فقد اشتهر لاعبو الأهلي دائما بالروح والسعي إلى الفوز حتى في اللحظات الأخيرة، ولذلك أطلقت جماهيره على اللاعبين لقب “الشياطين الحمر” بينما اشتهر الزمالك بجمالية الأداء، ولذلك كان لقبه الطبيعي من جانب الجماهير هو “مدرسة الفن والهندسة”.

الزمالك خطف الأضواء الأيام الأخيرة بعدما بدا أنه يمضي بخطى ثابتة نحو الاحتفاظ بلقب الدوري الذي فاز به الموسم الماضي بعد 5 ألقاب متتالية لغريمه التقليدي، علما بأنه فاز أيضا بلقب بطولة الكأس عن الموسم الماضي بعدما تغلب على الأهلي قبل نحو أسبوعين ليحقق ثنائية الدوري والكأس المحليين للمرة الرابعة في تاريخه.

لكن اللافت للنظر كان جملة من العوامل يتقدمها الجمع بين النتائج القوية والأداء الجميل الذي يقدمه الزمالك والذي ذكّر الجماهير بأجيال سابقة استحقت لقب “مدرسة الفن والهندسة” بفضل تفوق واضح في جمالية الأداء حتى وإن لم ترافقه النتائج على طول الخط.

ظروف معاكسة

والمثير أن هذا الأداء يأتي رغم ظروف معاكسة أبرزها أن الفريق بدأ الموسم الحالي محروما من إمكانية تدعيم صفوفه بسبب عقوبة فرضتها المحكمة الرياضية الدولية على الزمالك بحرمانه من قيد لاعبين جدد لفترتي قيد، وذلك بسبب مخالفة تتعلق بقيد اللاعب الناشئ حسام أشرف.

وثاني الظروف المعاكسة هو تغيير المدرب حيث تمت إقالة الفرنسي باتريس كارتيرون بعد 11 جولة من بطولة الدوري المحلي، بسبب سوء النتائج خصوصا في دوري أبطال أفريقيا، والتعاقد مع البرتغالي جوزفالدو فيريرا.

وتعرض الزمالك أيضا لموقف صعب في المرحلة الحاسمة من المنافسة على بطولة الدوري برحيل نجميه المغربيين أشرف بنشرقي ومحمد أوناجم اللذين انتهى تعاقدهما بنهاية يونيو/الماضي، في حين يمتد الموسم الحالي إلى أواخر أغسطس/آب بسبب تخبط واضح، في إدارة المنافسات بمصر، ظهر جليا العامين الأخيرين.

وفي المرحلة الحاسمة أيضا فقد الزمالك خدمات نجم وسطه الأساسي طارق حامد وحارسه الأساسي محمد أبو جبل، لأسباب انضباطية، حيث قرر النادي إيقافهما وأعلن عدم الحاجة إليهما الفترة المتبقية من الموسم.

ورغم أن بنشرقي خصوصا كان من أبرز الأوراق الرابحة في الزمالك فإن الفريق واصل تقدمه وانتصاراته، ليصبح قاب قوسين أو أدنى من الاحتفاظ باللقب المحلي، فقبل 5 جولات من النهاية يتقدم الزمالك بفارق 7 نقاط عن بيراميدز صاحب المركز الثاني، و9 نقاط عن الأهلي الذي لعب مباراة أقل.

الزمالك
نجم الزمالك محمود عبد الرازق شيكابالا يحمل كأس مصر (الجزيرة)

أوراق رابحة

رحل بنشرقي بعد أداء رفيع معظم فترات الموسم، لكن نجوما آخرين واصلوا مهمة التألق وفي مقدمتهم أحمد سيد زيزو الذي يتصدر قائمة الهدافين برصيد 16 هدفا متقدما بـ 3 أهداف عن أقرب ملاحقيه، كما أنه يتصدر أيضا قائمة أفضل صناع اللعب حيث صنع 10 أهداف أخرى لزملائه.

اقرأ ايضاً
المدربون الأكثر تتويجا في تاريخ كرة القدم

النجم الثاني الذي خطف الأضواء كان إمام عاشور بفضل مجهوده الكبير في خط الوسط، وتحليه بمهارات وتسديدات ساعدته على التقدم دائما لدعم الهجوم وتسجيل العديد من الأهداف رغم أنه يلعب في مركز لاعب الوسط المدافع.

وفي الدفاع فرض النجم محمود حمدي “الونش” نفسه نجما أولا بفضل بسالته، كما تألق معه الظهير الأيسر صاحب الإسهامات الهجومية أحمد أبو الفتوح.

وعند الحديث عن الأوراق الرابحة لا يمكن إغفال دور قائد الفريق محمود عبد الرازق الشهير بـ “شيكابالا” الذي يقوم بدور كبير سواء داخل الملعب أو خارجه، فهناك اللمسات الفنية المميزة التي اشتهر بها “الفهد الأسمر” كما يقوم النجم البالغ من العمر 36 عاما بدور كبير في تحفيز زملائه واحتوائهم وكأنه مساعد للمدرب فضلا عن كونه يجمع بين التسجيل وصناعة اللعب.

Soccer Football - African Super Cup Final - Esperance Sportive de Tunis v Zamalek - Thani bin Jassim Stadium, Al Rayyan, Qatar - February 14, 2020 Zamalek's Achraf Bencharki celebrates scoring their second goal REUTERS/Ibraheem Al Omari
النجم المغربي أشرف بنشرقي ساهم في تألق الزمالك خلال الموسمين الأخيرين (رويترز)

المدرب

شعرت جماهير الزمالك بالقلق من تغيير المدرب أثناء الموسم عندما تقرر رحيل كارتيرون في فبراير/شباط الماضي، لكنها سرعان ما شعرت بالارتياح عندما علمت أن المدرب الجديد سيكون هو فيريرا الذي سبق أن تولى المهمة أوائل 2015 وقاد الزمالك للجمع بين لقبي الدوري والكأس بعد الفوز في النهائي على الغريم التقليدي، قبل أن يستقيل أواخر العام بعد خسارة كأس السوبر أمام الأهلي.

فيريرا البالغ من العمر 76 عاما صاحب مسيرة حافلة في عالم التدريب شملت عددا من أندية القمة في البرتغال مثل بورتو وسبورتنغ لشبونة وبنفيكا، كما درب باناثينايكوس اليوناني والسد القطري والجيش الملكي المغربي.

وحظي هذا “البروفيسور” بشعبية كبيرة في فترتيه مع الزمالك خاصة مع ما ظهر من سيطرته على الفريق، وبراعته في تحفيز اللاعبين والجمع بين الأجيال المختلفة في تشكيلة الفريق.

المدرب البرتغالي جوزفالدو فيريرا (رويترز)

الإدارة

لطالما تحدث الإعلام المصري عن تفوق الأهلي تاريخيا فيما يتعلق بإدارته وقدرتها على فرض الانضباط وتوفير الاستقرار لفريق كرة القدم، لكن المثير أن تفوق الزمالك على المستطيل الأخضر العامين الأخيرين استفاد من تحسن واضح على الجانب الإداري.

فرغم أن رئيس النادي مرتضى منصور السياسي والبرلماني المثير للجدل والمعروف بتصريحاته الصاخبة، فإن الفريق شهد الموسمين الأخيرين حالة من الانضباط والاستقرار على الصعيد الإداري انعكست بشكل واضح على مسيرة الفريق ونتائجه.

وبعد أن كان الزمالك مشهورا بتدليل نجومه الكبار وعدم قدرة الإدارة على احتواء مشكلات اللاعبين، رأينا النادي هذا الموسم يستغني عن لاعبين مهمين ويعطي الفرصة للشباب فضلا عن دعمه للمدرب وعدم التدخل في عمله، لتكون النتيجة هي عودة الفريق إلى منصات التتويج محليا وتصاعد آماله باستعادة التفوق الذي حققه على الصعيد القاري خلال القرن العشرين قبل أن ينتقل التفوق إلى غريمه التقليدي.

جماهير الزمالك تبدو في حالة من السعادة خصوصا بعد تتويجين محليين والاقتراب من تتويج ثالث، لكن ربما تكون سعادتها مضاعفة لأن هذه الإنجازات تترافق مع أداء جميل يقول إن “مدرسة الفن والهندسة” فتحت أبوابها من جديد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى