بعد 6 أشهر من القتال.. هل يستمر دعم الأميركيين لأوكرانيا؟
واشنطن- تلعب واشنطن أحد أهم الأدوار في حرب أوكرانيا، وهو الذي بدأته بالتحذير من “غزو وشيك” على مدار الأشهر السابقة لبدء القتال، وصولا إلى قيادتها المعسكر الغربي في فرض عقوبات واسعة وقاسية على روسيا، مع إمداد كييف بما تحتاجه من أسلحة ومال وعتاد.
وبينما تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بمنع روسيا من الانتصار قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن أميركا “تقف مع أوكرانيا حتى يتم تحقيق النصر”.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن “نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة أنها لن تستطيع القيام مستقبلا بأي مما قامت به في غزو أوكرانيا”.
ويحذر العديد من الجنرالات الأميركيين السابقين من تداعيات عدم مواجهة روسيا بحزم، وتأثيره على الصراع والتهديد الأكبر أمام الولايات المتحدة والمتمثل في الصين.
وفي مايو/أيار الماضي وافق الكونغرس بأغلبية كبيرة على حزمة مساعدات عسكرية ومالية لأوكرانيا تتخطى 54 مليار دولار، وتعهد الرئيس بايدن بدعم أوكرانيا “طالما تطلب الأمر”.
لكن أصواتا متزايدة تحذر من تراجع حماس الأميركيين لدعم أوكرانيا بعد مرور 6 أشهر من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، خاصة في الوقت الذي لا يبدو فيه أفق لنهاية قريبة للقتال.
تباين حيال دعم أوكرانيا
وحتى الآن يدعم الأميركيون على نطاق واسع تقديم مساعدات لأوكرانيا على الرغم من الثمن الاقتصادي الذي يتعين عليهم دفعه مقابل ذلك.
وفي استطلاع للرأي أجراه معهد ماكورتني للديمقراطية بجامعة بنسلفانيا قال 45% من الأميركيين إن بلادهم تقدم القدر المناسب من الدعم لأوكرانيا، في حين اعتبر 31% منهم أن بلادهم تقدم لأوكرانيا دعما أكثر من اللازم، ويعتقد 25% أن واشنطن لا تقدم الدعم الكافي.
وهناك تباين داخل هذه النسب تبعا للانتماء الحزبي، إذ يعتقد أغلبية الديمقراطيين (56%) أن الولايات المتحدة توفر القدر المناسب من الدعم لأوكرانيا، في حين يعتقد 40% من المستقلين و34% من الجمهوريين الشيء نفسه.
من ناحية أخرى، كان 46% من الجمهوريين و42% من المستقلين أكثر اعتقادا بأن الولايات المتحدة تقدم دعما أكثر من اللازم لأوكرانيا، مقابل 11% من الديمقراطيين فقط يميلون إلى هذا الاعتقاد.
وفي استطلاع آخر أجرته شبكة “فوكس نيوز” (Fox News) الإخبارية في الفترة من 10 إلى 13 يوليو/تموز الماضي وتضمن مقابلات مع 1001 ناخب أميركي قال 69% إنهم قلقون بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا، وهذه النسبة تنخفض من 82% في مارس/آذار الماضي، ويشير ذلك إلى انخفاض قلق الأميركيين من الهجوم الروسي بعد نصف عام من بدء القتال.
ووجد استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد ومؤسسة هاريس في أواخر يوليو/تموز الماضي على 1885 ناخبا أن 53% من الأميركيين يرون ضرورة في أن “ترسل أميركا مليارات أخرى من المعدات العسكرية إلى أوكرانيا إذا واصلت روسيا غزوها وحاولت ضم المزيد من أراضيها”، فيما قال 47% إن الولايات المتحدة “تبرعت بما فيه الكفاية ويجب أن تتوقف”، وفضل 65% من الديمقراطيين و44% من الجمهوريين و49% من المستقلين إرسال المزيد من الأموال والأسلحة.
وتشير كل استطلاعات الرأي إلى تردد الأميركيين تجاه دفع القوات الأميركية إلى وضع خطير يورطها في القتال بصورة مباشرة، ويوافق 20% فقط على نشر قوات أميركية في أوكرانيا، في حين عارض حوالي 55% الفكرة، ولم يعرف الباقون كيف يردون على السؤال.
أصوات معارضة
ولم يمنع الدعم الرسمي الأميركي للأوكرانيين من ظهور أصوات معارضة لطبيعة ولتكلفة هذا الدور، وصوّت 11 سيناتورا من الحزبين ضد مشاريع قوانين تتيح تقديم مساعدات لأوكرانيا، إضافة إلى عشرات الأعضاء في مجلس النواب.
وتزداد معارضة تقديم الدعم لأوكرانيا بين الجمهوريين، ويكرر تاكر كارلسون المذيع الشهير في شبكة “فوكس نيوز” أن لوبي شركات الصناعات العسكرية ولوبي المتعاقدين مع البنتاغون يؤججان الصراع مع روسيا كي تستفيد شركاتهما ماليا من أي حرب أو تصعيد.
ويتهم كارلسون “بقايا المحافظين الجدد ممن ورطوا الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان” بدفع إدارة بايدن نحو مواجهة لا داعي لها مع روسيا.
ويتفق بات بوكانان المسؤول الجمهوري السابق وأحد رموز التيار الانعزالي الأميركي مع الطرح الداعي لعدم تورط واشنطن في أي نزاع أوروبي، ويقول “ليس هناك الآن ولم تكن أبدا مصلحة أميركية حيوية في أوكرانيا لتبرير المخاطرة بالحرب مع روسيا”.
قلق مبرر لعدة عوامل
بدوره، عبر العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ السيناتور كريس كونز في مقال حديث له عن قلقه “بشأن التزام الشعب الأميركي وقادته المنتخبين بمواصلة دعم أوكرانيا مع استمرار الحرب”، وقال إن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعول على أن يفقد الغرب تركيزه ودعمه”.
وستؤثر 3 عوامل على مستقبل تقديم مساعدات أميركية لأوكرانيا:
- تجيء على رأسها نتائج انتخابات الكونغرس وكيف سيتغير توازن القوى داخله، وإذا ذهبت أغلبية أحد المجلسين أو كليهما إلى الجمهوريين فلن يكون تقديم المساعدات بالسهولة التي يشهدها الكونغرس حاليا نظرا لتحفظ الكثير من أنصار التيار اليميني بالحزب الجمهوري على تقديم هذا القدر من المساعدات لأوكرانيا.
يذكر أن الرئيس السابق دونالد ترامب ندد بتقديم مساعدات لأوكرانيا قائلا إن “الديمقراطيين يرسلون 40 مليار دولار أخرى إلى أوكرانيا، ومع ذلك فإن بعض العائلات الأميركية تكافح حتى لإطعام أطفالها”. - العامل الثاني: هو مدى استعداد الدول الأوروبية لمواصلة مساعدة أوكرانيا، ويتساءل قطاع كبير من الأميركيين عن حجم دور أوروبا في دعم دولة مجاورة لها، ويشيرون إلى البعد الجغرافي لأوكرانيا عن الأراضي الأميركية وعن مصالح واشنطن المباشرة.
- العامل الثالث والأهم يتعلق بتقدم القوات الأوكرانية في ساحة المعركة، فإذا تمكنت إدارة بايدن من إظهار أنها تساعد الأوكرانيين على كسب الحرب بدلا من التورط في “حرب بلا نهاية” فسيكون من الأسهل الاستمرار في حشد الدعم لتقديم المساعدات.