اقتصاد

سكر وقهوة وزيت.. فقدان المواد الأساسية يزيد مخاوف التونسيين

عمّق غياب عدد من المواد الغذائية الأساسية، عن الأسواق التونسية، الأزمة التي تشهدها البلاد، كما أنه رفع وتيرة القلق لدى المواطنين، وسط مخاوف من امتداد فترات الانقطاع وتأثيرها على حياتهم اليومية.

وفي الوقت الذي غابت فيه عدة منتجات على رفوف المتاجر، وسجّلت عدة مصانع وشركات اضطرابا في عملها، تشهد الأسعار ارتفاعا غير مسبوق مما أثقل كاهل التونسيين وزاد من أعبائهم، وفق مراقبين.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عمّت حالة من التذمّر بسبب نقص المواد، وسط اختلاف الآراء ووجهات النظر بشأن المتسبب فيها. ففي الوقت الذي أرجعها البعض لسياسات الحكومة، رأى آخرون أنها نتيجة فشل الحكومات السابقة.

 

وتشاركت عديد الحسابات صورا لرفوف فارغة، ورسائل مغازات (محلات) كبرى تعلم الزبائن بانقطاع عدد من المواد عن السوق، كما تعلمهم بتقييد حصة الشراء، وكأن البلاد في حالة حرب على حسب رأيهم.

وتشمل المواد -التي تشهد نقصا في السوق منذ بضعة أسابيع- السكر والقهوة والزبدة والحليب والمشروبات الغازية وزيت الطبخ.

توقف واحتجاج

أمس الخميس أعلن أحد المسؤولين النقابين عن فقدان مادة السكر من كامل مخازن وزارة التجارة بجميع الولايات (المحافظات) وذلك في تصريحه لإذاعة “موزاييك. إف إم” المحلية.

وأوضح المتحدث ذاته أن الشح في مادة السكر انطلق منذ أواخر يونيو/حزيران وتواصل في يوليو/تموز الماضي، مما أدى لتوقف عدد من المصانع عن الإنتاج لعدة أيام خلال الشهر الماضي.

وقال أيضا إنه تم التزود بكمية قليلة من السكر مقارنة بالاستهلاك المعهود، مؤكدا أن شحنة السكر التي من المنتظر أن تستوردها البلاد من الجزائر والهند لم تصل بعد.

 

وللحد من تفاقم هذه الأزمة، وعدت السلطات عددا من مصانع المواد الغذائية بتوفير المواد الضرورية لاستمرار الإنتاج، مما دفع نقابات العمال إلى إلغاء وقفة احتجاجية كانت ستنفذها اليوم الجمعة أمام مقر ولاية بن عروس.

ونهاية أغسطس/آب الماضي، تظاهر في العاصمة عشرات من عمال الشركة التونسية للمشروبات الغازية التي تصنّع علامات من بينها “كوكا كولا” بعد إحالتهم إلى البطالة لتعطل الإنتاج بسبب نقص السكر.

وباتت الدولة تمد المصنع الذي يوظّف نحو 600 عامل بكميات من السكر لا تتجاوز أحيانا 20% من حاجته التي تبلغ 60 طنا يوميا، وهو ما زاد المخاوف من إحالة العاملين إلى البطالة.

اقرأ ايضاً
مخزون الخام في الاحتياطي البترولي الأميركي يتراجع لأدنى مستوى منذ 1984

 

حصص محددة

ومع كل يوم جديد، يتضاعف نقص عدة مواد غذائية أساسية بالمتاجر والمراكز التجارية التي صارت تفرض حصصا محددة لكل زبون يريد شراء بضائع مثل الحليب والزبدة والقهوة.

أما زيت الطبخ -الذي تورده الدولة وتبيعه بسعر مدعّم- فقد بات وفق أصحاب متاجر مفقودا بشكل شبه كليّ رغم تأكيد وزارة التجارة أنه متوفر.

وبحسب ما تؤكده عدة حسابات وتصريحات لتونسيين -لوسائل إعلام محلية- فإن الحصول على عدة منتجات غذائية ضرورية أصبح أمرا صعبا، وكل يوم يزداد الوضع سوءا.

 

ورغم أن الرئيس قيس سعيد يتناول باستمرار ملف غياب سلع أساسية عن السوق، فإن إرجاعه سبب النقص إلى “الاحتكار” و”المضاربة” يثير غضب الكثير من التونسيين الذين يحملونه مسؤولية ما تشهده البلاد من تراجع وأزمات.

وعادة ما يرجع سعيد في تصريحاته أن “التعطيل في توزيع عدد من البضائع لغايات سياسية” وأن النقص “لا يتعلق بالقدرات المالية للدولة بقدر ما يتعلق بمحاولة افتعال الأزمات” وفق بيانات للرئاسة.

صعوبات وتناقض

بحسب تصريحات أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا شكندالي -في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية- فإن خطاب سعيد “متشنّج” و”غير عقلاني” معتبرا أن “الاحتكار لن يكون ممكنا إذا وفرت الدولة المنتجات الأساسية بكميات كافية”.

وقد أقر وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، نهاية الشهر الماضي، بوجود صعوبات في التزود ببعض المنتجات، وقال إنها نتيجة اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار وكلف النقل على المستوى الدولي، مشيرا خصوصا إلى “تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية”.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي معز حديدان أن مشاكل الإمداد الدولية “تسرّع فقط وتيرة الأزمة” التي لها أسباب محليّة بالأساس بسبب “صعوبات مالية” تعيشها الدولة.

ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ الرئيس فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو/تموز الماضي، وتبكير الانتخابات البرلمانية.

وتعتبر قوى سياسية أن هذه الإجراءات تمثل “انقلابا على دستور 2014 وترسيخا لحكم فردي مطلق” بينما ترى أخرى أنها “تصحيح لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى