الاخبار العاجلةسياسة

ما تأثير الاحتجاجات المنددة بوفاة مهسا أميني على شرطة الأخلاق في إيران؟

طهران- فتحت الاحتجاجات في إيران على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بسبب عدم التزامها بمعايير الحجاب، الباب واسعا للحديث عن تأثير هذه الاحتجاجات ومداها وما خلفته من ردود فعل دولية، والرد الرسمي عليها والسيناريوهات المتوقعة.

فبعد أن فرضت الخارجية الأميركية عقوبات على شرطة الأخلاق الإيرانية والعديد من المسؤولين الأمنيين، إلى جانب مواقف دولية تدين أداء الشرطة في إيران، وصف الحرس الثوري الإيراني الأحداث التي تشهدها إيران بـ”المؤامرة العبثية”، مؤكدا أنها محكومة بالفشل.

ودعا الحرس الثوري السلطات في إيران للتعامل “بحسم” مع الاحتجاجات المستمرة في طهران ومدن إيرانية أخرى، على وفاة شابة أثناء احتجازها لدى “شرطة الأخلاق”.

وأدت الاحتجاجات المنددة بأداء “شرطة الأخلاق” إلى اعتقال المئات من المدنيين وسقوط عشرات القتلى والجرحى من قوات الأمن والمحتجين.

هل ستنهي المسيرات الرسمية الاحتجاجات الشعبية؟

بالنظر إلى تاريخ الاحتجاجات في السنوات الماضية الأخيرة في إيران، والمسيرات المضادة المؤيدة للسلطات والمناهضة للاحتجاجات الشعبية، يقول الباحث السياسي عباس عبدي إن المسيرة المؤيدة للحكومة المعلن عنها من قبل منظمة الدعاية الإسلامية، ستمتص إلى حد ما سرعة تطور الأحداث في الشارع، وأيضا التفاعل الإعلامي.

ويرى عبدي أن المسيرة سوف تخدم إعلام الداخل، وستقلل من ضجة الإعلام الداعم للاحتجاجات. وأشار في هذا الصدد إلى الاحتجاجات السابقة التي انخفضت بعد المسيرة الرسمية، لكنها لم تنته مباشرة.

ويرى عبدي أن السلطات في إيران اعتمدت “استعراضا قويا سبق المسيرة الرسمية”، وفق تعبيره، مشيرا إلى بيان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في الذكرى الـ42 لبداية الحرب الإيرانية العراقية الذي ارتكز على أن “الصمود أمام شياطين الهيمنة والجور يوصل إلى النصر والتغلب على الخوف والحزن”.

 

Demonstrators Protest Against Death Of Mahsa Amini
فتيات يقصصن شعرهن احتجاجا على وفاة مهسا أميني خلال مظاهرة في برلين (غيتي)

ما الذي أشعل فتيل الاحتجاجات؟

وقد تسببت حادثة وفاة مهسا أميني بردود فعل مختلفة، أبرزها الانتقادات الموجهة لأداء شرطة الأخلاق وسياسات التعامل مع قضية الحجاب. لكن يعتقد خبراء أن “الغضب المتراكم وانعدام الثقة عند الشعب تجاه السلطات، عززا من وتيرة الاحتجاجات”.

ويرى العضو في اتحاد علماء الاجتماع بإيران مصطفى آبروشن أن “الثقة المتبادلة بين الشعب والنظام الحاكم تعتبر إحدى دعامات الروابط الاجتماعية، ويبدو أن وفاة مهسا أميني -مثل أحداث سابقة مشابهة- تسببت في انهيار هذه الثقة”.

وبشأن تداعيات انهيار الثقة أو تحجيمها في المجتمع، أوضح آبروشن -في حديثه للجزيرة نت- أنه “عندما تضعف الثقة بين الشعب والسلطات، يمكن أن يؤدي أي حدث مثل هذا لإثارة احتجاجات خارجة عن السيطرة”.

وفي هذا الشأن، استذكر عالم الاجتماع “الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه وبهذا أشعل فتيل الثورة التونسية عام 2011″، معتبرا أن “هذه الأحداث تؤكد على ضرورة اهتمام الجهات المعنية بالمطالب الشعبية بدلا من محاولات هندستها”.

ومن جهة أخرى، قال آبروشن “إن الحوادث المحتملة أثناء عملية الاحتجاز والاعتقال من قبل الشرطة ليست بظاهرة جديدة، لكن ما لم تلاحظه السلطات هو انخفاض سعة الصدر والتحمل عند الشعب”.

بمعنى آخر، فإن إثارة مشاعر الناس وهم يشعرون بغضب مخبوء من أداء المسؤولين، تحمّل النظام السياسي في البلاد تكاليف باهظة. وذلك لأن العقل والمنطق قد لا يحكمان تصرفات الشارع”، بحسب آبروشن.

كما شدد على أهمية “قبول الجهات المعنية للزي المختلف لجزء كبير من النساء في البلاد”، مضيفا أنه “لا يمكن اعتبار جزء كبير من النساء والبنات مجرمات بسبب طريقتهن المختلفة في ارتداء الحجاب”. وفي هذا الصدد، اعتبر “تدخل الشرطة في القضايا الأخلاقية خطأ فادحا يؤدي إلى فوضى وتمرد في المجتمع”.

ويخلص العضو في اتحاد علماء الاجتماع إلى “أن الاحتجاجات الأخيرة جاءت بسبب انعدام الثقة وأزمة الإدارة في المجتمع، ويمكن علاجها من خلال توظيف الكفاءات في الحكم والتركيز على الجدارة والمستوى العلمي في إدارة المؤسسات الاجتماعية”.

هل ستقلص الاحتجاجات دور شرطة الأخلاق؟

وترجم بعض الإعلام الإيراني، ولا سيما الذي يميل منه نحو التيار الإصلاحي، بيان منظمة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” على أنه “تراجع نسبي” يحمل شيئا من اعتراض المنظمة على شرطة الأخلاق.

وجاء في بيان منظمة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وفق موقع “اعتماد أونلاين”: “مع إيمانها بضرورة حل المشكلة في مجال العفة والحجاب، فإن المنظمة لا توافق على تدخل الشرطة في هذا الشأن، كما أنها ترفض حلحلة هذه القضايا عن طريق القضاء، ولا تقبل أن تتولى الحكومة الأمر”. وأكدت المنظمة في بيانها أنه “يمكن حل هذه القضية دون أي توتر اجتماعي”.

هذا إلى جانب انتقادات في البرلمان الإيراني لمسلك الشرطة، حيث أعرب عدد من أعضاء البرلمان -مثل: جلال رشيدي كوجي، ومعين الدين سعيدي، وجليل رحيمي جهان آبادي- عن تأييدهم لإنهاء حضور شرطة الأخلاق.

وفي المقابل، اعتبر عدد من البرلمانيين -مثل: مصطفى ميرسليم، ورضا تقوي، وزهرة الهيان، وحسين جلالي- ما حدث لمهسا أميني أنه كان من الممكن أن يحدث في أي مكان آخر، وأن شرطة الأخلاق أدت واجبها المشروع، وفق ما نقلت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى