الاخبار العاجلةسياسة

باحث أميركي: تحاوروا مع روسيا قبل فوات الأوان

نشرت مجلة “ناشونال إنترست” (The National Interest) مقالا لأكاديمي وباحث أميركي تناول فيه رؤيته لما يمكن أن تتمخض عنه الحرب الروسية على أوكرانيا، مشددا على ضرورة التحاور مع موسكو.

ويرى أستاذ العلاقات الخارجية بجامعة أولد دومينيون الأميركية سايمون سيرفاتي في مقاله أن روسيا هي الخاسر الأكبر في الحرب بكل تأكيد، لكن الحاجة إلى التواصل معها لوقف القتال لا يقل أهمية.

ويقول إن الوضع الراهن مشوب بالارتباك والغموض بشأن “ما نفعله وما نتوقعه” مع دخول ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن النصف الثاني “وربما الأخير”، ففي داخل الولايات المتحدة تواجه الديمقراطية مخاطر، وفي الخارج اندلعت حرب مأساوية في وقت يشهد فيه العالم تحولات وفق سيرفاتي الذي يشغل منصب الرئيس الفخري لكرسي زبيغنيو بريجنسكي في الجيوإستراتيجية والأمن العالمي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولي.

ورغم أن الكاتب يعتقد أن ما من أحد يعرف ما سيحدث في قادم الأيام فإنه يؤكد أن أيا من طرفي الحرب في أوكرانيا لا يمكنه الخروج منتصرا منها ومع ذلك يرفضان إنهاءها، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر قبل شهرين قائلا “لم نبدأ أي شيء بعد”.

ورغم تزايد الأدلة على الفشل فإن روسيا لا تزال تسيطر على الحرب التي بدأها بوتين طالما أنه يتحكم في تصعيدها إلى أبعد من قدرة أوكرانيا على الاحتمال أو جرأة الغرب على التفكير فيه.

وتعقيبا على تصريح بوتين في أغسطس/آب الماضي الذي قال فيه “لم نخسر شيئا ولن نخسر شيئا” تساءل الكاتب بلهجة لا تخلو من تحذير “ماذا لو يقصد (بوتين) -تحت ضغط منتقديه في الداخل- ما يقوله؟”.

ويضيف أن الرئيس الروسي قد يلجأ إلى أسوأ الخيارات السيئة المتاحة أمامه -وهي السلاح النووي- رغم تحذيرات بايدن له والتي تهدف إلى ردعه.

ويمضي سيرفاتي متسائلا مرة أخرى “هل حان الوقت إذن للتفكير في المسار الذي نسلكه جميعا ونضغط على المكابح قبل فوات الأوان؟”.

ويعيد الأكاديمي والباحث في مقاله التذكير بحروب شهدها العالم كتلك التي حدثت في البوسنة والهرسك، وبين الكوريتين، وفي فيتنام والعراق، مضيفا أن الغرب أهدر كل الفرص لإنهائها قبل أن تتسبب في تكاليف لا تطاق.

ويعرب سيرفاتي عن اعتقاده بأن حرب أوكرانيا تفتقر إلى خطوط حمراء مقبولة من كل الأطراف والتي تتيح للفرقاء الوقت الذي يحتاجونه لبلوغ موقف قوة مزعوم قبل الموافقة على الدخول في مفاوضات جادة.

وبالنسبة لأولئك الذين يحلمون بانسحاب روسي غير مشروط أو تغيير النظام في موسكو فإن أوكرانيا ليست مثل الحرب في أفغانستان التي أشعلها زعيم “مسن لدولة سوفياتية مهترئة”.

هذه أزمة عالمية وجودية لم نشهد مثيلا لها منذ عام 1945 حسب وصف مقال “ناشونال إنترست” الذي يوضح كاتبه أن الحرب في أوكرانيا بدأت للتو، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بتأثيرها على ميزان الأمور في العقد الحالي.

ومع بداية قرن جديد أفصح بوتين عن خياراته بإعادة التزود بالسلاح والعتاد، والتراجع باتجاه الحرب الباردة، متخذا توسيع عضوية حلف الناتو ذريعة، والعودة إلى المواقف السابقة إستراتيجية، والتاريخ الروسي حافزا.

على أنه من السابق لأوانه -في رأي كاتب المقال- التنبؤ بمآلات الحرب، ومع ذلك من الممكن إجراء تقييم مبكر لإعادة تموضع نحو الولايات المتحدة، وكيف يمكن مقارنة أميركا بآسيا، ولتطور العلاقات الصينية الروسية، وصعود دول العالم الأخرى مقارنة بالغرب.

إن اعتقاد الحلفاء في أوروبا ومناطق أخرى بأن أي رئيس أميركي سيجازف بشن حرب نووية نيابة عنهم في جميع الظروف يعد مقامرة محفوفة بالمخاطر.

ويشيد الباحث في المقال بأداء فريق السياسة الخارجية الأميركي، مشيرا إلى أن الحرب في أوكرانيا حظيت بمستوى غير مسبوق من المشاورات داخل حلف الناتو ومع الاتحاد الأوروبي.

ويعتبر الكاتب إهانة بوتين بعبارات مسيئة ترقبا لتخليه غير المشروط عن كل شبر من أوكرانيا -بما فيها شبه جزيرة القرم- ليست إستراتيجية تضمن النصر، وأن توقع خروجه من أوكرانيا خالي الوفاض ومهانا من قبيل الخداع.

ويتابع سيرفاتي زاعما أن روسيا هي الخاسر الأكبر في الحرب، مضيفا أنه بغض النظر عما سيحدث بعد ذلك فإن ثمة ضرورة للتحدث معها من أجل وضع حد للقتال.

ويخلص سيرفاتي إلى أن هذا هو الوقت المناسب لكي يتحدث الفرقاء مع بعضهم بعضا مهما كانت صعوبة ذلك، وأنه لا ينبغي دفع روسيا نحو ما يسميه “اليأس الإستراتيجي”، كما لا يمكن السماح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن يكون “متهورا” بصرف النظر عن مدى رغبته في الفوز بالحرب.

وبحسب الكاتب، فإن التحاور لن ينهي بالضرورة الحرب، لكنه سيضع حدا للقتل، ثم إنه لن يؤدي إلى استعادة أوكرانيا سيادتها بالكامل، بل سيبقيها على المسار الصحيح دون تكبد تكاليف إضافية قد يتعذر قريبا إبطالها ولن يتحملها الجميع.

ويختم سيرفاتي بأن على الولايات المتحدة ألا تهدر الفرصة قبل فوات الأوان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى