الاخبار العاجلةسياسة

على مشارف الانتخابات البرلمانية.. كم مرة حُلّ مجلس الأمة الكويتي في تاريخه؟

الكويت – شهد مجلس الأمة الكويتي خلال 59 عاما -منذ تأسيسه- محطات كثيرة وأحداثا بارزة أدت إلى حله في عدة فصول تشريعية، آخرها مجلس 2020 الذي صدر قرار بحله في يونيو/حزيران الماضي، كما أسفر بعضها عن استقالة مجموعة من النواب.

محطات مفصلية

ولعل أبرز تلك المحطات في حياة مجلس الأمة، منذ الفصل التشريعي الأول، كان مجلس عام 1963، الذي حمل البداية الأولى للحياة البرلمانية في البلاد، إذ شهد استقالة 8 نواب، احتجاجا على إقرار قوانين مقيدة للحريات؛ في حين شهد مجلس 1967، استقالة 7 نواب اعتراضا على اتهاماتهم بأنه جرى “تزوير الانتخابات”؛ بينما تم حل مجلس 1975 بأمر أميري عام 1976 بعد أن قدمت الحكومة استقالتها على خلفية تعطيل مشروعات القوانين التي تراكمت منذ مدة.

5 11
تاريخ مجلس الأمة الكويتي الذي تأسس عام 1963 لم يكن بلا أزمات (الجزيرة)

وقبل ذلك، شهد مجلس 1971، طلب طرح الثقة بوزير التجارة والصناعة -آنذاك- خالد العدساني إلا أن الطلب فشل بعد أن رفضه 20 نائبا وأيده 13 نائبا.

وشهد مجلس 1981 تغيير تقسيم الدوائر الانتخابية من 10 دوائر إلى 25 دائرة، بينما حُلّ مجلس 1985 بأمر أميري في يوليو/تموز 1986 على خلفية ما عُرف بأزمة المناخ (الانهيار الكبير لسوق الأوراق المالية غير الرسمي)، وما أعقبها من استجوابات عديدة عطلت التعاون بين السلطتين. أما المرة الأولى التي يُحل فيها المجلس دستوريا، فقد كانت عام 1999 (لمجلس 1996) بسبب بعض الممارسات النيابية في استعمال الأدوات الدستورية.

ويعد مجلس 1992 أول مجلس بعد انقطاع العمل النيابي لمدة 6 سنوات قبل محنة غزو الكويت عام 1990، بينما أكمل مجلس 1999 مدة الفصل التشريعي رغم ما اعتراه من كثرة استجوابات.

سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد يؤدي اليمين الدستورية للبلاد أمام مجلس 2006
سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد يؤدي اليمين الدستورية للبلاد أمام مجلس 2006 (الصحافة الكويتية)

أما مجلس 2003، فشهد مبايعة سمو الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد بعد تسميته من مجلس الوزراء، كما وافق المجلس على إعطاء المرأة حق التصويت والانتخاب، في حين تم حل المجلس دستوريا عام 2006.

وفي مجلس 2006، شاركت المرأة للمرة الأولى في الانتخابات النيابية، بينما كان مجلس 2008 أول مجلس تجري انتخابات أعضائه وفق نظام الدوائر الخمس، وقد جرى حلّه عام 2009 لعدم التعاون بين السلطتين.

وشهد مجلس 2009 -للمرة الأولى- طلب استجواب لرئيس مجلس الوزراء وحادثة اقتحام المجلس، وسرعان ما صدر أمر أميري بحله عام 2011.

نظام الصوت الواحد لأول مرة

ويتميز مجلس 2012، الذي جرت انتخاباته في ديسمبر/كانون الأول، بأنه أول مجلس يُنتخب أعضاؤه بنظام الصوت الواحد بعد إصدار مرسوم بضرورة تعديل قانون الانتخاب، وقد تم إبطال المجلس عام 2013 بعد حكم المحكمة الدستورية.

أما مجلس 2013، فهو أول مجلس بعد تحصين المحكمة الدستورية لمرسوم الصوت الواحد، وعُرف بطلبات النواب العديدة لاستجواب الوزراء، وكانت النتيجة أنه حُلّ لعدم التعاون بين السلطتين.

اعتصام مجموعة من النواب داخل مجلس الامة شكل ورقة ضغط كبيرة (منصات التواصل)
اعتصام مجموعة من النواب داخل مجلس الأمة شكل ورقة ضغط كبيرة (منصات التواصل)

أما مجلس 2016، فقد جرت في نهاية فصله مبايعة الشيخ نواف الأحمد أميرا للبلاد عام 2020.

وشهد مجلس 2020 أحداثا كثيرة، تمثلت في وجود منافسة شديدة على كرسي الرئاسة بين المرشح مرزوق الغانم ومرشح كتلة المعارضة بدر الحميدي، وانعكست نتائج ذلك -إثر فوز الغانم- على جلسات المجلس التي شهدت معارضة كبيرة لأداء الحكومة، وغيابها عن معظم الجلسات، وانتهى الأمر بإعلان 21 نائبا اعتصاما في 14 يونيو/حزيران الماضي، احتجاجا على ما يصفونه “بتعطيل الدستور”.

مناورة سياسية

ويرى الخبير الدستوري محمد الفيلي أن الحل المبكر لمجلس الأمة أصبح من أدوات المناورة السياسية، والفكرة بالحل المبكر هي دائما وسيلة لمواجهة الاختلال في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وأضاف الفيلي -في حديثه للجزيرة نت- أن كثرة اللجوء لهذا الأسلوب دليل على أن قواعد اللعبة أو أسلوب تشكيل الحكومة تفتح الباب لاختلالات يصعب معالجتها في إدارة العلاقة المباشرة بين الحكومة والبرلمان في إطار قواعد اللعبة البرلمانية، فيصار إلى حل البرلمان إما لتغيير الفريق الحكومي أو للرهان على تغيير توجه البرلمان.

وإلى جوار هذا الأمر، ظهرت بشكل مساند فكرة إعادة التدوير الوزاري، وهذا يلفت الانتباه إلى أنه في أثناء الفصل التشريعي تستقيل الحكومة من دون حل مجلس الأمة، ويعاد تشكيلها، وفي هذه الأثناء لا تحضر الحكومة القديمة جلسات المجلس؛ إذ يُعد هذا أسلوبا في إدارة العلاقة المتأزمة بين الحكومة ومجلس الأمة.

فما الحل لعدم تكرار حل المجلس؟ هنا يرى الفيلي أنه ربما لا يكون هناك حل، وأن ما يجري هو ضمن إدارة العلاقة بين السلطتين، وربما استدعت إعادة النظر في قواعد اللعبة. هذه القواعد هي الدستور والواقع السياسي من ناحية، والقواعد البرلمانية من ناحية أخرى.

المجلس الأخير شهد مبايعة سمو الشيخ نواف الأحمد أميرا للكويت
المجلس الأخير شهد مبايعة سمو الشيخ نواف الأحمد أميرا للكويت (الصحافة الكويتية)

وأضاف الفيلي أن “إعادة النظر في القواعد الدستورية يعني تعديلا في الدستور. ومعنى ذلك أيضا وجوب وجود اتفاق بين الأطراف لتوفير الأغلبية للتعديل، وأعتقد أن هذا غير موجود في المستقبل المنظور”.
يمكن أيضا، وفق المستشار الفيلي، إعادة النظر في أسلوب تنظيم الحياة السياسية، والانتقال من انتخابات قائمة على العلاقة الفردية بين ناخب ومرشح إلى تنظيم الحياة السياسية لتبني فكرة وجود الأحزاب، أضف إلى ذلك إمكانية تغيير قواعد إدارة العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة داخل البرلمان، بما يقتضي إعادة النظر في اللوائح الداخلية للعمل البرلماني. فالحلول متوفرة لكن بعضها صعب في المستقبل القريب.

لا تغيير في المعادلة السياسية

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار أنه لا يبدو أن حل مجلس الأمة يغير كثيرا من المعادلة السياسية، إلا إن كان مرتبطا بعدد من الإصلاحات الانتخابية، مثل ضبط القيود، أو استقلالية الإشراف عليها، أو القائمة النسبية. وقد كان المجلس الوحيد الذي أشرفت عليه لجنة عليا مستقلة للانتخابات، هو مجلس ديسمبر/كانون الأول 2012، الذي صدر بمرسوم ضرورة مما أدى إلى إبطاله من المحكمة الدستورية، استنادا إلى أنه لا ضرورة لصدوره، بينما اعتمدت مرسوم ضرورة آخر، وهو الصوت الواحد.

ويضيف النجار أنه منذ بدء الانتخابات مع المجلس التأسيسي 1962 حتى مجلس 2020، الذي تم حله مؤخرا، عايشنا 16 مجلسا، وعدد المجالس التي تم حلها هو 10، أي أكثر من النصف، اثنان منها حُلا خارج نطاق الدستور، بتجاوز 60 يوما، وهي المدة المحددة لإجراء انتخابات، أي أن الحل لم يكن إلا دعوة لانتخابات مبكرة.

الانتخابات المقبلة ستكون باهتة كما يرى د. غانم النجار
الانتخابات المقبلة ستكون باهتة حسبما يرى النجار (الصحافة الكويتية)

ويرى النجار أن الحكومة بدأت في التدخل المباشر بانتخابات 1967، واستمرت بطرق غير مباشرة، مما يمكن أن نطلق عليه التاريخ السري للتدخل في الانتخابات، حتى أصبح التدخل عرفا وجزءا من عادات وتقاليد الانتخابات الكويتية. وأبسط تلك التدخلات تكون بتبن حكومي لمرشحين محددين، ويتم لهم تسهيل المعاملات والخدمات، على أن يدعموا الحكومة في المجلس.

وتختلف درجة التدخل وحدتها من انتخابات لأخرى، حسب الرغبة في تمرير قضايا حاسمة، مثل تنقيح الدستور، كما حدث بانتخابات 1981، فتم تفتيت الدوائر من 10 إلى 25 دائرة، لزيادة تأثير الكيانات الاجتماعية الأصغر، فكان للحكومة الكثير مما أرادت، وخسر الانتخابات عدد ملحوظ من السياسيين البارزين.

انتخابات باهتة

وأضاف النجار -في حديثه للجزيرة نت- أن المؤشرات الأولية للانتخابات المقبلة ستكون باهتة غالبا، إذ أبدى العديد من المرشحين قلقهم، وأعلن العديد أيضا عدم مشاركتهم، مقابل مشاركة غالبية من قاطعوا سابقا بسبب قانون الصوت الواحد.

وهناك عدة عوامل تدفع باتجاه أن تكون الانتخابات القادمة بلا شخصية، أولها، هو أن السلطة -للمرة الأولى- منذ انتخابات 1963 تأخذ زمام المبادرة للإصلاح الانتخابي، لتكسب أرضا، ليس على المستوى الشعبي فحسب، بل حتى الأصوات الناقدة تحولت للإشادة، فأعلنت إجراءات تجاوزت المطالب المعلنة، بتعيين رئيس وزراء جديد، وعدم التدخل في الانتخابات، وعدم التصويت للرئاسة واللجان، والتصويت وفقا للبطاقة المدنية، والمناطق الجديدة، والتصدي للفرعيات وشراء الأصوات. كل تلك الإجراءات إن تم تنفيذها، ستجعل منها مرحلة انتقالية، كونها تسعى إلى استعادة الثقة المفقودة في المناخ السياسي.

وأضاف “علينا أن نتعامل مع الانتخابات القادمة كمرحلة انتقالية، من حالة الانسداد السياسي، إلى مرحلة قد تشهد انفراجا”.

مدخل مجلس الأمة الكويتي
مدخل مجلس الأمة الكويتي (الجزيرة)

الجدير بالذكر أن المادة 107 من الدستور الكويتي تنص على أن لأمير البلاد أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تُبيَّن فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى، وإذا تم حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في موعد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، وإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى