الاخبار العاجلةسياسة

المفاوضات الإيرانية الأميركية.. 5 أسئلة توضح طبيعة الوساطات الإقليمية والسيناريوهات المحتملة

طهران- رغم نفي طهران وواشنطن أكثر من مرة وجود أي مفاوضات لإبرام اتفاق مؤقت بينهما بشأن النووي الإيراني، فإن التسريبات الإعلامية من جهة والوساطات الإقليمية من جهة أخرى تشيران إلى تحريك المياه الراكدة في عدد من الملفات الشائكة بينهما.

فبعد الإعلان عن نجاح الوساطات الإقليمية في منح واشنطن أذونات للإفراج عن جزء من الأرصدة الإيرانية المحتجزة في الخارج؛ أعلن وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي أن “إيران وأميركا قريبتان من اتفاق لتبادل السجناء”. في حين أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن بلاده تواصل محادثاتها غير المباشرة مع الولايات المتحدة في العاصمة العمانية مسقط.

ويأتي ذلك بعد أيام من التقارير التي تحدثت عن سلسلة محادثات إيرانية أميركية بحضور المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي وسفير طهران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني في نيويورك.

وأثار ذلك تساؤلات عن طبيعة تلك المفاوضات وتأثيرها على زيادة مبيعات النفط الإيراني خلال الشهر المنصرم، وعما إذا أصبحت إيران والولايات المتحدة على وشك الإعلان عن خارطة طريق بشأن الملف النووي.

يصف الدبلوماسي الإيراني السفير الأسبق في جنوب أفريقيا جاويد قربان أوغلي التواصل بين بلاده والولايات المتحدة بأنه كان خجولا على الصعيد المباشر الذي تمثل في 3 اجتماعات بحضور روبرت مالي وأمير سعيد إيرواني في نيويورك، مؤكدا أن المباحثات غير المباشرة مستمرة بوساطة عدد من الدول الإقليمية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال أوغلي إن سلطنة عمان تقود وساطة تقليدية بين طهران وواشنطن بشأن تبادل السجناء والملف النووي إلى جانب دولة قطر التي سجلت بصمة في تقريب وجهات نظر الجانبين الإيراني والأميركي.

وحث أوغلي الجانبين الإيراني والأميركي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مباشرة لحلحلة القضايا الشائكة بينهما، لا سيما تبادل السجناء وإخراج الملف النووي من الانسداد السياسي، ومنع طهران من رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تتجاوز 60%؛ مقابل الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة بالخارج، وزيادة صادرات طهران من النفط وعودة عوائدها إلى داخل البلاد، ووضع حد للعقوبات الأميركية.

  • ما أسباب عزوف الجانب الغربي عن إحياء الاتفاق النووي في المرحلة الراهنة؟

يقرأ السفير الإيراني الأسبق في جنوب أفريقيا الموقف الأخير للمرشد الإيراني علي خامنئي بشأن إمكانية توفر أرضية لحلحة الملف النووي وأنه “لا مشكلة في التفاوض شريطة ضمان البنى التحتية” في سياق إعطاء الضوء الأخضر لخفض التوتر حول الملف النووي، مستدركا أن الجانب الغربي -وعلى رأسه الولايات المتحدة- لا يريد العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 لأسباب مختلفة.

وأبرز تلك الأسباب -وفقا لأوغلي- هي ضغوط الرأي العام العالمي على القيادات الغربية لعدم التفاوض مع طهران، والحرب الروسية على أوكرانيا والاتهامات بشأن الدعم الإيراني لموسكو.

وخلص إلى أن حاجة طهران إلى الإفراج عن أصولها المجمدة بالخارج وزيادة مبيعاتها من النفط، إلى جانب حاجة الإدارة الأميركية إلى تسجيل إنجاز باسمها حتى قبيل الانتخابات المقبلة من خلال التعامل مع الجانب الإيراني، لا سيما على صعيد الإفراج عن السجناء؛ تزيدان إمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت خلال الفترة المقبلة.

  • ما الدليل وراء تعدد الوساطات بين طهران والدول الغربية؟

يعتقد الدبلوماسي الإيراني السفير الأسبق في كل من النرويج وسريلانكا وهنغاريا عبد الرضا فرجي راد أن سلطنة عمان هي الوسيط الرئيسي والتقليدي بين بلاده والولايات المتحدة، موضحا أن الحكومة الإيرانية الراهنة تفضل وساطة جديدة لكي تظهر للرأي العام الإيراني أنها بدأت عملية تفاوضية جديدة أفضت إلى حلحلة القضايا الشائكة مع الجانب الغربي.

اقرأ ايضاً
اشترك مع ساويرس بالهجوم عليه.. علاء مبارك لمصطفى بكري: "قليل الأصل حتى في العزاء"

أما عن الوساطة الإماراتية الحديثة، فيوضح فرجي راد للجزيرة نت أنها نابعة من رغبة أوروبية بعدم متابعة الأمور عبر القنوات التي سبق وفعّلها الجانب الأميركي للوساطة مع الإيرانيين، مضيفا أن الملفات التي تثيرها “الترويكا الأوروبية” تتجاوز الملف النووي؛ منها التعاون الثنائي وموضوع الدعم العسكري الإيراني لروسيا في حربها على أوكرانيا وتبادل السجناء.

وقد تكون الاحتجاجات الأخيرة في إيران سببا رئيسيا وراء عدم اختيار دولة أوروبية مقرا للمفاوضات بين إيران وممثلي الترويكا الأوروبية -وفق فرجي راد- خشية تزايد ضغوط الرأي العام الأوروبي والجاليات الإيرانية في المهجر على العواصم الأوروبية لدفعها للتخلي عن التفاوض مع طهران.

  • كيف تنظر طهران إلى رغبة الجانب الغربي في التفاوض لحلحلة الملف النووي؟

ويرى السفير الإيراني الأسبق في ليبيا جعفر قناد باشي في ما أسماه “صمود طهران في وجه الضغوط الغربية” سببا رئيسيا وراء عودة الأطراف الغربية إلى طاولة المفاوضات “بعد أشهر من تعويلها على الاحتجاجات وتقويض النظام الإيراني من الداخل”.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح قناد باشي أن ما يهم طهران هو رفع العقوبات التي تراها ظالمة، وأنها على استعداد للتعاون البنّاء في حال أثبت الجانب الغربي أنه صادق في ما يدعيه بشأن تجميد العقوبات، موضحا أن الخطوات النووية التي سبق أن اتخذتها طهران كانت ردا على عدم التزام الجانب الغربي بتعهداته في الاتفاق النووي والعقوبات الأميركية.

ورأى الدبلوماسي الإيراني السابق أن المفاوضات القائمة بين بلاده وأميركا تأتي في سياق الخطة “سي”، مؤكدا أنه بعد تفويت الجانب الغربي فرصة العودة إلى الاتفاق النووي ولجوئه إلى الخطة “ب” المتمثلة في التخلي عن طاولة المفاوضات وزيادة الضغوط على طهران؛ فإنه يتبنى في المرحلة الراهنة الخطة “سي” لتجميد العقوبات، على أمل الحصول على تنازلات من طهران.

  • ما السيناريوهات المحتملة بشأن الملف النووي الإيراني عقب إعادة تفعيل الوساطات؟

يعتقد الدبلوماسي الإيراني أوغلي أنه رغم بلوغ مفاوضات فيينا النووية طريقا مسدودا وتفويت الجانبين فرصة إحياء الاتفاق النووي، فإنهما لا يرغبان في إعلان وفاة الاتفاق؛ حرصا منهما على عدم غلق قنوات التواصل القائمة بين إيران والغرب، مضيفا أنه يرى في “التجميد مقابل التجميد” معادلة جيدة لحل القضية النووية سيقوم بموجبها كل طرف بتجميد بعض الخطوات في سبيل تذليل العقبات وخفض التوتر في الملف النووي.

ورغم إمكانية التوصل إلى اتفاقات مشابهة للاتفاق النووي المبرم عام 2015 عبر الوساطات الإقليمية والدولية، يرى عبد الرضا فرجي راد أن حظوظ السيناريو الثاني شحيحة جدا في المرحلة الراهنة بسبب اصطدام الاتفاق المزمع بمعارضة الكونغرس الأميركي من جهة وصعوبة قبول طهران بالتخلي عما حققته في تخصيب اليورانيوم بنسب نقاء عالية والعودة إلى درجة نقاء 3.75% وفق الاتفاق النووي.

ويرى فرجي راد أن “سيناريو التفاهم المؤقت” هو الأكثر احتمالا بالنسبة للنووي الإيراني؛ إذ يقوم الجانبان الإيراني والأميركي بموجبه ببلورة خطوات تؤدي إلى “تفاهم وليس اتفاقا”، حتى قبيل الانتخابات الأميركية المقبلة، على أمل مواصلة المباحثات وتحويل التفاهمات إلى توافقات في حال فوز الديمقراطيين بالرئاسيات الأميركية المقبلة.

وعن سبب ترجيح طهران وواشنطن التوصل إلى تفاهم من دون اتفاق رسمي، قال الدبلوماسي الإيراني إن التفاهم الجديد سيجعل الإدارة الأميركية في حل من تقديم نصه إلى الكونغرس، كما أن الحكومة الإيرانية ستقول إنها نجحت في تحقيق مطالبها من دون الحاجة للاتفاق النووي التي دأبت على انتقاده طوال السنوات الماضية.

وفي حال فشل المفاوضات الجارية في التوصل إلى تفاهم -حسب فرجي راد- فإن السيناريو الرابع سيتمثل في حرص الجانبين على إبقاء قنوات التواصل قائمة، وعدم إعلان وفاة الاتفاق النووي بانتظار فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات من حيث قد تنتهي في المرحلة الراهنة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى