بعد أن كانت إيران ملجأ للأكراد.. كيف أصبحت كردستان العراق هدفا لصواريخ الحرس الثوري؟
خاص- أعلن الحرس الثوري الإيراني عن أحدث ضرباته الصاروخية، التي بدأت منذ 24 سبتمبر/أيلول الجاري، على مقرات جماعات في إقليم كردستان العراق وصفها بـ”الإرهابية”.
وأوضح بيان للحرس الثوري أن هذه الضربات بسبب الدعم العسكري من قبل جماعات كردستانية للمحتجين الأكراد في إيران، من أجل “زعزعة الأمن والاستقرار” في الضفة الشرقية من الحدود الإيرانية العراقية.
وقالت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري إن المقرات المستهدفة تعود إلى أحزاب “كوملة” و”الديمقراطي الكردي” و”باك” في كردستان العراق. وأفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن 72 صاروخا للحرس الثوري وصل مداها حتى 130 كلم من أراضي شمال العراق.
وفي المقابل، أعلن الناطق باسم الخارجية العراقية عزم بلاده “استدعاء السفير الإيراني بشكل عاجل للاحتجاج على القصف”.
توتر العلاقات
وبعدما كانت إيران الوجهة الأولى لشخصيات كردية بارزة، خاصة من أسرة البارزاني، إثر طردها من العراق في أثناء خلافات القادة الأكراد مع النظام العراقي، أصبح إقليم كردستان العراق في السنوات الأخيرة هدفا لصواريخ الحرس الثوري.
وعزا المحلل الإيراني المختص بالشأن الكردي، علي موسوي خلخالي، هذا الاستهداف إلى 3 قضايا رئيسة، إذ يرى أن “مخالفة إيران لاستفتاء الاستقلال في كردستان العراق كانت بداية أفول العلاقات بين الجانبين”.
ومن جهة أخرى، أشار المحلل -في حديثه للجزيرة نت- إلى دور إقليم كردستان في أزمة تشكيل الحكومة في العراق، الذي “تعتبره طهران مخلا بمحاولات الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة مقربة من إيران”، وفق قوله. كما رأى أن “الأيديولوجية الكردية المتمثلة في دعم الأكراد حيث كانوا تؤجج العلاقات بين إيران وإقليم كردستان دائما، لأنها تنعكس على أمن الحدود بين البلدين”.
وأوضح خلخالي أن “إقليم كردستان لم يتخلّ قط عن دعم الجماعات الكردية حتى إن كان هذا الدعم يؤثر سلبا على علاقات الإقليم مع بلد آخر، مثل إيران وتركيا وسوريا”.
وفي سياق متصل، ذكّر المحلل بأن “الحرس الثوري الإيراني بدوره لم يتساهل مع الجماعات الكردية في شمال العراق قط، وأنه آثر استهدافها عسكريا منذ البداية”، في حين عد ناشطون هذه الهجمات “محاولة لتشتيت انتباه الرأي العام عن الاحتجاجات في إيران”.
العلاقات مع العراق
وعما إذا كانت علاقات إيران مع العراق عموما -وإقليم كردستان العراق خصوصا- ستتأثر بهذه الضربات الصاروخية، خاصة بعد إدانتها من حكومتي بغداد وأربيل، رأى خلخالي أن “علاقات طهران مع بغداد سوف تتأثر بهذه لضربات في حال تطور الأحداث بالداخل العراقي في ما يخص تشكيل الحكومة على نحو يتعارض مع المصالح الإيرانية، في هذا الحال سيضاف استهداف الحرس الثوري لمواقع في إقليم كردستان إلى الأوضاع، وعندها سنشهد نكسة في العلاقات الإيرانية العراقية”.
وفي ما يخص علاقات طهران مع الإقليم، اعتبر خلخالي أن “هذه الأحداث ستؤثر -بلا شك- على علاقات الطرفين”، وذلك بالنظر إلى الخسائر المادية والبشرية التي تتسبب فيها صواريخ الحرس الثوري، حسب قول الجهات العراقية.
وفي هذا الصدد، أوضح أن “العلاقات بين إيران وإقليم كردستان العراق آخذة بالتراجع بسرعة شديدة”، مشيرا إلى اتهامات إيران للإقليم بضمه فعاليات إسرائيلية معادية لها، حيث استهدفت طهران في الفترة الماضية مقرا بالقرب من أربيل قالت إنه تابع لإسرائيل.
ومن جهة أخرى، قال خلخالي “إن كردستان تحاول أن تحسن علاقاتها مع تركيا وهي تقترب منها في الآونة الأخيرة، لذا قد يؤثر هذا علاقات طهران وأنقرة أيضا”.
وتواصلت الجزيرة نت مع مندوب إقليم كردستان العراق في إيران، ناظم دبّاغ، وطرحت عليه أسئلة عن مستقبل العلاقات الإيرانية الكردية، وعن رأيه في ما تقوله طهران بشأن دعم الإقليم لجماعات كردية إيرانية مسلحة، لكنه امتنع عن الإجابة، مكتفيا برد مكتوب أن لا أجوبة لديه بشأن هذه الأسئلة في التوقيت الحالي.
الداخل الإيراني
ومن خلال متابعة ردود الفعل في إيران، يتضح أنه في ظل استهداف الحرس الثوري مواقع في إقليم كردستان العراق، اختار ما يوصف بـ”التيار الإصلاحي” الصمت، في حين أثنى منتمون لما يوصف بـ”التيار الأصولي” على ما وصفوه بـ”حفظ الحدود والأمن القومي”.
وفي هذا الشأن، كتب المحلل الإيراني علي رضا تقوي أن “الحرس الثوري أثبت من خلال عملياته الأخيرة أن قدراته بالدفاع عن الأمن القومي لن تتأثر بالأحداث الداخلية” التي وصفها بأنها “أعمال الشغب”.