الاخبار العاجلةسياسة

كيف دعمت واشنطن الاستفتاء في جنوب السودان وتيمور الشرقية وعارضته بإقليم دونباس؟

واشنطن – لم يفاجئ الرئيس الأميركي جو بايدن أحدا خارج أو داخل الولايات المتحدة بإعلانه أمس الخميس عدم اعتراف بلاده بالاستفتاءات الروسية التي جرت في مناطق بشرقي أوكرانيا. كما اعتبر الإعلام الأميركي في مجمله أن “المجتمع الدولي” يرفض استفتاء أقاليم منطقة دونباس الأوكرانية، وهي الخطوة التي تعتبرها واشنطن تمهيدا لضم روسيا “غير الشرعي” لهذه المناطق.

من جانبه، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن ضم روسيا أقاليم في أوكرانيا يُعد تصعيدا خطيرا، لا مكان له في العالم الحديث. وغرد غوتيريش “في لحظة الخطر هذه، لا بد لي من أن أشدد على واجبي بوصفي أمينا عاما بالتمسك بميثاق الأمم المتحدة، والميثاق واضح. وأي ضم لإقليم دولة ما من قبل دولة أخرى نتيجة للتهديد باستعمال القوة أو استعمالها، يشكل انتهاكا لمبادئ الميثاق والقانون الدولي”.

وهكذا يتفق موقف الأمين العام غوتيريش مع موقف الولايات المتحدة والدول الغربية الرافضة لاستفتاءات أقاليم دونباس الأوكرانية.

استفتاءات سابقة

وتبلغ مساحة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع، أي ما يشكل نحو 20% من مساحة أوكرانيا، في حين يتراوح عدد سكان تلك المناطق ما بين 5 و7 ملايين نسمة، أي ما يقارب 15% من إجمالي سكان أوكرانيا.

وكانت مناطق خيرسون وزاباريجيا ودونيتسك ولوغانسك قد أجرت يوم الثلاثاء الماضي استفتاءات تهدف لضمها للاتحاد الروسي. وطالبت السلطات القائمة في المناطق الأربع -بعد أن أظهرت النتائج الرسمية تأييدا شبه كامل للانفصال عن أوكرانيا- بالانضمام لروسيا، وهو المسار نفسه الذي أُتبع عام 2014 مع شبه جزيرة القرم.

ويشترط الدستور الروسي الصادر عام 1993 موافقة المناطق الراغبة في أن تصبح جزءا من روسيا قبل انضمامها الرسمي لها.

ويرى بعض المعلقين أن هناك تناقضا غربيا وأميركيا، حيث دعموا الاستفتاءات الشعبية في حالات أبرزها جنوب السودان وتيمور الشرقية، وعارضوها في بعض الحالات مثل الحالة الأوكرانية.

بيد أن خبيرة في القانون الدولي ذكرت للجزيرة نت أن المقارنة صعبة للغاية، إذ اقترن الدعم الأميركي لاستفتاءات جنوب السودان باتفاقية سلام وقعتها حكومة الخرطوم مع حركات التحرير بالجنوب، وشهد عليها أطراف دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي، وكانت الحكومة السودانية أول المعترفين بالجمهورية الجديدة لجنوب السودان.

اقرأ ايضاً
فيصل بن سلمان: «رؤى المدينة» يعزز البعد الديني والثقافي للمدينة المنورة

وعن حالة تيمور الشرقة، أشارت الخبيرة القانونية -التي تحفظت على ذكر اسمها ومنصبها لأسباب تتعلق بطبيعة عملها- إلى أن الاستفتاء جرى بالكامل تحت رعاية الأمم المتحدة، وكانت هناك إدارة دولية للإقليم لمدة 3 سنوات قبل أن يعلن انفصاله، واعترفت أغلب دول العالم بالاستفتاء وعلى رأسها إندونيسيا ذاتها.

ولا تتوفر هذه الظروف في حالة أقاليم دونباس، إذ ترفض الحكومة الأوكرانية هذه الاستفتاءات التي جاءت على خلفية العملية الروسية ضد كييف، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.

2002 04 ELECTION
تيمور الشرقية حصلت على دعم دولي كبير للانفصال عن إندونيسيا بعد استفتاء بهذا الشأن (رويترز)

واشنطن واستفتاء استقلال تيمور الشرقية

دخلت الحكومة الأميركية، بما في ذلك الكونغرس، قضية تيمور الشرقية منذ أن غزتها إندونيسيا في ديسمبر/كانون الأول 1975 وضمتها في عام 1976. وللكونغرس سجل تشريعي طويل فيما يتعلق بتيمور الشرقية، وأنهى الكونغرس العلاقات العسكرية الخاصة التي جمعت إندونيسيا بالولايات المتحدة عام 1992.

وفرض الكونغرس حظرا على تصدير الأسلحة إلى إندونيسيا إلى أن أبلغ وزير الخارجية الأميركي آنذاك الكونغرس “بإحراز تقدم كبير” في مجال حقوق الإنسان في تيمور الشرقية. ومنذ منتصف التسعينيات، سجل عدد كبير من أعضاء الكونغرس تأييدهم لتقرير مصير تيمور الشرقية.

كما دعمت واشنطن قرارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتعليق برامج المساعدة التي يقدمانها إلى إندونيسيا.

وأرسلت واشنطن في أكتوبر/تشرين الأول 1999 حوالي 300 عسكري أميركي إلى تيمور الشرقية كجزء من قوة حفظ السلام الدولية، وقدموا الدعم في مجالي النقل والاتصالات.

ثم قرر الكونغرس قطع كل المساعدات العسكرية والاقتصادية عن إندونيسيا حتى تقبل الحكومة الإندونيسية تصويت تيمور الشرقية لصالح الاستقلال.

بعد ذلك أصبحت تيمور الشرقية دولة مستقلة يوم 20 مايو/أيار 2002، بعد 3 سنوات من إدارة الأمم المتحدة الانتقالية، وأقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية معها في اليوم نفسه.

201 01
جنوب السودان انفصل عن السودان في استفتاء نُظم عام 2011 (رويترز)

كيف دعمت واشنطن انفصال جنوب السودان؟

في يناير/كانون الثاني 2011، صوّت جنوب السودان لصالح الانفصال من خلال استفتاء، وحصل على استقلاله في التاسع من يوليو/تموز 2011، وتم الاعتراف بجمهورية جنوب السودان باعتبارها الدولة رقم 195 في العالم.

واعتبر الكاتب بصحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) مارك لاندلر أن “جنوب السودان صنيعة أميركية من نواح كثيرة، فقد تم اقتطاعه من السودان الذي مزقته الحرب في استفتاء دبرته الولايات المتحدة إلى حد كبير”.

وعلى عكس معظم الدول الأفريقية، يتمتع جنوب السودان بوجود قوي في بعض أجندات جهات مسيحية متشددة بواشنطن، إضافة لعلاقات قوية بلوبي صناعة النفط. ودافع عدد من المشروعين عن سكان الجنوب، المسيحيين في أغلبهم، ضد ما اعتبروه “اضطهادا من الشمال المسلم”.

وسهلت سياسات حكومة الخرطوم تجاه إقليم دافور، والتي وصفتها الأمم المتحدة “بمذابح للمدنيين”، من مهمة الساعيين لدعم انفصال جنوب السودان في الولايات المتحدة.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى