اقتصاد

الجفاف وارتفاع الأسعار عالميا.. كيف تعاملت حكومة أخنوش المغربية مع الأزمات الاقتصادية؟

الرباط – مرت سنة على تنصيب الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش وأدائها اليمين الدستورية أمام العاهل المغربي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وتصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات التشريعية في الثامن من سبتمبر/أيلول العام الماضي، وعقد تحالفا مع حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال لتشكيل الحكومة.

وخلال سنة من تدبير شؤون المغاربة، واجهت حكومة أخنوش تحديات وأزمات كبرى، إذ شهدت البلاد أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود، تلتها الحرب الروسية الأوكرانية، وما رافقها من ارتفاع عالمي في أسعار المحروقات والمواد الأولية.

وكان الاقتصاد المغربي، قد بدأ يتعافى من تبعات أزمة جائحة كوفيد-19 العام الماضي، وسجل نموا بلغت 7.8%.

غير أن 2022 كانت سنة الأزمات حسب ما وصفها محللون، فكيف واجهت الحكومة المغربية في سنتها الأولى هذه الأزمات؟ وهل البرامج التي أعلنتها كانت في مستوى حدة الإشكاليات؟

تعافي ثم نكسة

لم تتوقع حكومة أخنوش وهي تضع الفرضيات التي بنت عليها موازنة 2022 أن البلاد ستشهد تراجعا حادا في الأمطار، وارتفاعا عالميا في الأسعار نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجعا في قيمة اليورو مقابل الدولار.

وكانت الحكومة قد توقعت في قانون مالية 2022 أن تحقق معدل نمو 3.2%، على فرضية إنتاج 8 ملايين طن من الحبوب، وعلى أساس سعر برميل نفط عند 68 دولارا، وسعر طن البوتان يناهز 450 دولارا.

غير أن محصول الحبوب لم يتجاوز 3.4 ملايين طن، في حين قفز سعر النفط إلى 105 دولارات، وسعر البوتان إلى 800 دولار للطن.

وبعد أشهر من تنفيذ الموازنة، قالت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح في لقاء بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب الصيف الماضي، من المتوقع أن ينحصر نمو الاقتصاد الوطني سنة 2022 إلى 1.5%، بدلا من 3.2% المتوقعة في قانون المالية، ومن المنتظر أن يتجاوز معدل التضخم 5.3% مقابل 1.4 في 2021 .

بالمقابل، توقع مجلس بنك المغرب (البنك المركزي) في تقريره نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أن يسجل النمو الاقتصادي هذه السنة تباطؤا ملموسا إلى 0.8%، نتيجة تراجع القيمة المضافة للقطاع الزراعي بنسبة 14.7% وتباطؤ وتيرة نمو الأنشطة غير الزراعية إلى 3.4%.

وتشير توقعات مجلس بنك المغرب، إلى تسارع وتيرة التضخم إلى 6.3% بالنسبة لمجمل سنة 2022.

ماذا فعلت الحكومة لتجاوز الأزمة؟

لتجاوز الأزمة ودعم القدرة الشرائية للمواطنين أمام الارتفاع الكبير في الأسعار، خاصة المحروقات وما تلاها من زيادة أسعار المواد الغذائية، أعلنت حكومة أخنوش عددا من التدابير من بينها:

  • تخصيص 15 مليار درهم إضافية (حوالي 1.4 مليار دولار) لدعم صندوق المقاصة (صندوق الدعم الاجتماعي).
  • أطلقت، الحكومة في مارس/آذار الماضي، عملية دعم مهنيي النقل البري لمواجهة الارتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات، وهو الدعم الذي ما زال صرفه مستمرا.

وللتخفيف من بطالة الشباب، أطلقت الحكومة برامج تشغيل، منها برنامج “أوراش” بميزانية تقدر بـ 2.25 مليار درهم (حوالي 200 مليون دولار)، بهدف توفير 250 ألف فرصة عمل أغلبها مؤقتة، وبرنامج “فرصة” ويهدف إلى دعم ومواكبة 10 آلاف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات الاقتصاد، بميزانية تصل إلى 1.25 مليار درهم (حوالي 115 مليون دولار).

اقرأ ايضاً
لدعم 30 مليون مصري.. إجراءات حكومية عاجلة للحد من ارتفاع الأسعار

كما تم الإعلان عن رفع الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5%، وبنسبة 10% في القطاع الزراعي.

ولمواجهة تداعيات موجة الجفاف القاسية التي عاشتها البلاد هذا الموسم، وضعت الحكومة برنامجا استثنائيا للحد من آثار الجفاف بقيمة 10 مليارات درهم (حوالي 1.2 مليار دولار) يتضمن إعادة هيكلة ديون المزارعين، ودعم الأنشطة الزراعية المتضررة.

سنة صعبة

وتؤكد حكومة أخنوش أن تدابيرها في مواجهة الأزمات المتزامنة التي شهدتها البلاد هذا العام، مكّنت من التحكم في ارتفاع الأسعار، والحد من تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين، والحفاظ على التوازنات المالية للبلاد وتحقيق صمود الاقتصاد الوطني.

وفي تقييمه لأداء الحكومة العام الجاري، قال رئيسها عزيز أخنوش في المذكرة التوجيهية حول إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2023، إن “المالية العمومية أبانت عن صلابتها وصمودها أمام الصدمات الخارجية وهو ما مكّن البلاد من الحفاظ على سيادتها المالية مع إمكانية تعبئة هوامش مالية إضافية قادرة على الحفاظ على ميزانية الاستثمار العمومي من جهة ووضع دين الخزينة في منحى تنازلي من جهة أخرى”.

غير أن الخبراء الاقتصاديين يجزمون أن التدابير التي اتخذتها والبرامج التي أعلنتها لم تكن في مستوى حدة الأزمات، وهو ما أثر على مستوى معيشة المغاربة.

ويرى الخبير الاقتصادي التهامي عبد الخالق، أن الظروف لم تكن في صالح حكومة أخنوش في سنتها الأولى، بالنظر للأزمات الكبرى غير المتوقعة التي واجهتها.

وأوضح في حديث مع الجزيرة نت، أن الحلول والتدابير التي قامت بها الحكومة حتى لو كانت إيجابية فلم “يظهر لها أثر لأن الأزمة كانت أكبر بكثير خصوصا في الستة أشهر الأخيرة”.

وفي نظره، فإن البرامج التي تم الإعلان عنها لمواجهة الأزمات المتتالية “ذات تأثير هامشي”.

وقال إن “تخصيص دعم مالي للعاملين في قطاع النقل هو حل مؤقت لأزمة كانت تعتقد الحكومة أنها ستنتهي سريعا، وهو ما لم يحدث”، معتبرا أنه على الحكومة ابتكار برامج وحلول مستدامة وليس حلولا ظرفية.

وأضاف “إذا استمرت الأزمة الأوكرانية ومعها ارتفاع أسعار الطاقة العام المقبل سيظهر أن مثل تلك الحلول غير قابل للاستدامة”.

 الحاجة إلى تدخل قوي وجريء

أما الباحث في الاقتصاد الطيب أعيس فقد وصف العام الأول للحكومة بأنه “سنة كل الأزمات”.

وقال في حديث مع الجزيرة نت “شهدت البلاد في هذه السنة جفافا حادا وانهيارا للمحصول الزراعي، ثم الأزمة الأوكرانية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية مع ارتفاع الدولار مقابل الدرهم واليورو، ما أثّر سلبا على الصادرات والواردات وأثر على مستوى المعيشة خاصة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة”.

واعتبر البرامج التي أطلقتها الحكومة مثل دعم مهنيي النقل ومبادرات توظيف الشباب “برامج بسيطة وليست في مستوى الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلد”.

وأشار إلى أن الوضع يقتضي تدخلا قويا وجريئا من الحكومة، عبر خلق أوراش كبرى وضخمة تحرك الاقتصاد وتنعش الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وهي تنهي سنتها الأولى، تستعد حكومة أخنوش لوضع اللمسات الأخيرة على موازنتها لسنة 2023.

ووفق تقرير تنفيذ الميزانية والتوجيه الماكرو-اقتصادي للفترة ما بين 2023 و2025، فإن حكومة أخنوش تبدو متفائلة بخصوص نسبة النمو، إذ تتوقع انتعاشا بمعدل 4.5%. فهل ستعتمد الحكومة في عامها الثاني برامج أكثر جرأة في التعامل مع الظرفية الدولية المضطربة؟

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى