الاخبار العاجلةسياسة

الآلاف يعانون “العبودية الحديثة”.. وزيرة الداخلية البريطانية تصدم ضحايا العمل القسري وتتهمهم بالتلاعب بالنظام

لندن – تواصل وزيرة الداخلية البريطانية الجديدة سويلا برافرمان إثارة المزيد من الجدل في تعاملها مع قضايا الهجرة واللاجئين، فالوزيرة التي تقول إن حلمها هو مشاهدة طائرات ترحيل طالبي اللجوء تغادر بريطانيا متجهة نحو أيرلندا، أعلنت أنها سوف تحيل قضايا ضحايا “العبودية الحديثة” في بريطانيا إلى مصلحة الهجرة واللجوء، عوض مديرية “حماية الحياة” التي كانت تتعامل مع ملفات هؤلاء الضحايا.

وطفا موضوع ضحايا “العبودية الحديثة” إلى السطح من جديد في بريطانيا، بعد أن أعلنت وزيرة الداخلية أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص “يصلون البلاد بطرق غير شرعية ثم يتلاعبون بقوانين العبودية الحديثة للحصول على حق اللجوء والإقامة”، وهو المبرر الذي دفع بالوزيرة إلى اعتبار أن هؤلاء الضحايا يجب التعامل معهم كقضايا للهجرة غير النظامية.

ورغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن ربع ضحايا العبودية الحديثة في بريطانيا هم مواطنون بريطانيون، فإن الوزيرة مصرة على أن هؤلاء الضحايا “يتلاعبون بالقوانين” للحصول على الإقامة.

Reparations March UK & Afrikan Emancipation Day in London
مظاهرة في لندن تدعّم ضحايا العبودية لتعزيز مطالبهم بتعويضات عن العبودية (غيتي)

أرقام مخيفة

تشير أرقام مؤسسة “ضد العبودية” (Anti-Slavery) البريطانية إلى أن أعداد ضحايا العبودية الحديثة في بريطانيا يعدون بعشرات الآلاف، وحسب المؤسسة نفسها فإن عدد الحالات التي تم التبليغ عنها سنة 2019 بلغ 10 آلاف حالة، في ظل غياب معطيات حديثة بسبب عامين من الوباء والإغلاق الذي عاشته البلاد، وتقول المؤسسة إن “الأرقام أكبر من المعلن عنه بكثير”.

أما عن أشكال العبودية الحديثة في بريطانيا، فإن المؤسسة البريطانية التي تشتغل لمساعدة ضحايا هذه الظاهرة، تقول إنها تأخذ عددا من الأشكال، منها الإجبار على امتهان الدعارة، والإجبار على العمل في المنازل أو حقول الفلاحة والبناء والمحلات التجارية وأماكن غسيل السيارات.

ويبقى الإجبار على العمل هو الشكل السائد في بريطانيا من بين بقية أشكال العبودية الحديثة، “وذلك لرغبة في استغلال فئة ضعيفة من أجل تحقيق مكاسب مالية ومنح هؤلاء الفتات فقط”، من الأمثلة على ذلك هو استقدام العمال من فيتنام -مثلا- للاشتغال في الزراعة السرية للقنب الهندي.

ومن خلال تتبع المؤسسة البريطانية لحالات العبودية الجديدة، فقد أكدت أن أغلب الضحايا يتم استقدامهم من قبل سماسرة للاتجار بالبشر، ويقوم هؤلاء بمصادرة جوازات سفر الضحايا الذين يثقلون أنفسهم بقرض كبير مقابل وصولهم إلى بريطانيا.

ولا يتوقف الأمر على الأجانب، “فحتى البريطانيون يتهم استهدافهم خصوصا الأطفال من أسر بريطانية فقيرة، إذ يتم استغلالهم من طرف عصابات المخدرات، ويتم توظيفهم في تجارة المخدرات”.

تشكيك في ضحايا العبودية

وقد شككت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان في الأشخاص الذين يتقدمون بملفات الحماية من العبودية، بقولها إن الكثير منهم “يستغلون قوانين العبودية”، مشيرة إلى أن طلبات الحصول على اللجوء من باب حماية ضحايا العبودية الحديثة قد ارتفع بنسبة 450% منذ سنة 2014.

لكن وزيرة الداخلية في حكومة الظل إيفيت كوبر ردت على الوزيرة في حكومة المحافظين بأن أكبر مجموعة كانت ضحية للعبودية الحديثة وتم وضعها تحت الحماية الحكومية هم أطفال يحملون الجنسية البريطانية، وليسوا أشخاصا قادمين من الخارج، مضيفة أن “كل الأدلة تشير إلى أن أغلبية حالات العبودية الحديثة تقع داخل بريطانيا وليس من الخارج”.

وعلى الرغم من اتهام وزيرة الداخلية البريطانية ضحايا العبودية الحديثة بأنهم يتلاعبون بالنظام، فإن الأرقام الرسمية تظهر أن السلطات المعنية بحماية ضحايا العبودية قد وافقت على 97% من طلبات الحماية التي عُرضت عليها، مما يعني وجود ضحايا حقيقيين، ويعني أيضا استمرار ظاهرة استغلال الأشخاص وإجبارهم على العمل.

وردت رئيسة هيئة الرقابة لمتابعة الاستغلال في العمل والعصابات على وزيرة الداخلية بقولها إن مؤسساتها لا ترى أي تلاعب بنظام حماية ضحايا العبودية الحديثة، “وما نراه هو أشخاص في وضعية هشاشة يتم استغلالهم من طرف العصابات والمجرمين”.

Reparations March UK & Afrikan Emancipation Day in London
مظاهرة تدعم حقوق ضحايا العمل القسري في بريطانيا (غيتي)

عبودية الحقول

كشف تحقيق لصحيفة “الغارديان” (The Guardian) البريطانية عن وجود حالات من العبودية الحديثة في حقول جني التوت في بريطانيا، وهي الحقول التي توزع هذه الفاكهة على أكبر السلاسل التجارية في المملكة المتحدة.

ويتعلق الأمر بالعمال الإندونيسيين الذين يتم استقدامهم بشكل موسمي لجني التوت في مختلف المزارع البريطانية، وحسب تحقيق الجريدة البريطانية، فإن شبكة من السماسرة غير المرخص لهم في بريطانيا يحصلون على مبالغ تصل إلى 5 آلاف جنيه إسترليني مقابل تسهيل حصول العمال على تأشيرة مؤقتة للوصول إلى بريطانيا.

في المقابل يحصل هؤلاء على أجور زهيدة لا تتعدى 300 جنيه إسترليني في الأسبوع، إضافة للإقامة في عربات صغيرة، ويجد العامل نفسه مثقلا بدين من الصعب سداده، مما يجعله مقيدا لهؤلاء السماسرة.

ونقلت الجريدة شهادات للعمال في هذه المزارع، وكيف أنهم يشتغلون من دون توقف فقط لسداد الدين، والخشية على سلامة أسرهم في حال عجزهم عن أداء ما عليهم من ديون لهؤلاء السماسرة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى