الاخبار العاجلةسياسة

بعد تكليف السوداني بتشكيلها.. ما أهم الملفات التي ستواجهها الحكومة العراقية الجديدة؟

يترقب العراقيون تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد أكثر من عام على إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، حيث أفضت الخلافات المحتدمة بين الكتل السياسية إلى تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة التي أمهله البرلمان قبل أيام شهرا لتقديمها تنتهي يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وفي ظل الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، هناك جملة من الملفات الشائكة التي ستواجهها الحكومة القادمة، ما بين سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها، مما سيجعل مهمة السوداني شاقة ومحفوفة بالمخاطر.

كثيرة هي الملفات التي ستواجهها حكومة السوداني، وهو ما يؤكده رئيس “مشروع مواطنة” غيث التميمي، الذي يرى أن التحديات الكبرى تبدأ من التشكيلة الحكومية خارج أطر المحاصصة الحزبية التي تحتم عليه اختيار وزراء وصفهم بـ”غير الأكفاء”، وهو ما قد يفقد السوداني قدرته على الإصلاح الذي وعد به، إضافة إلى ملفات الفساد والإصلاح والعلاقات الإقليمية والجفاف وغيرها.

***داخلية*** حصرية - القيادي في مشروع المواطنة العراقية - غيث التميمي
التميمي يرى أن ضبط السلاح المنفلت أكبر التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة (الجزيرة نت)

الملفان السياسي والأمني

وتابع التميمي في حديثه للجزيرة نت أن التحدي الآخر الذي سيواجهه السوداني يتمثل في السيطرة على الجماعات المسلحة والسلاح المنفلت خارج إطار الدولة، لافتا إلى أن جميع هذه التحديات ترتبط بكتل سياسية ستكون مشاركة ضمن الحكومة القادمة التي يترأسها السوداني.

أما عن العلاقات الإقليمية والاعتداءات التركية والإيرانية على أراض عراقية، فيرى التميمي أن “هذا الملف يعتمد على تأسيس السوداني جبهة داخلية موحدة تعتمد على الكابينة الحكومية التي ستتشكل من خلالها آلية الرد على الاعتداءات في ظل وجود أحزاب لا تهمها إلا مصالحها الحزبية دون الاكتراث للبلاد”.

ويقترح على حكومة السوداني أن تتعامل مع الاعتداءات من خلال الضغط الاقتصادي الذي يمكن لبغداد استخدامه، لا سيما أن العراق يستورد بضائع تقدر قيمتها بـ37 مليار دولار من تركيا وإيران، بحسب التميمي.

وبالانتقال إلى طبيعة العلاقة التي ستحكم الحكومة مع التيار الصدري، يعتقد التميمي في حديثه للجزيرة نت أن التيار الصدري ليست لديه مشكلة مع السوداني باستثناء أنه تابع للإطار التنسيقي، مرجحا أن يمنح التيار السوداني فرصة لتطبيق برنامجه الحكومي الذي وعد به، وبالتالي فإن طبيعة الحكومة القادمة ستحدد كيفية تعامل مقتدى الصدر معها، وهو ما قد ينطبق على المتظاهرين من مختلف شرائح المجتمع، بحسب تعبيره.

أما المحلل السياسي الكردي محمد زنكنة فيرى أن الحكومة القادمة لن تكون بأفضل حالاتها خلال الأشهر الأولى، لا سيما إذا لم تكن صاحبة قرار عراقي محظ، موضحا أن الاعتداءات التركية مستمرة من خلال الاتفاقية المبرمة مع العراق في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عام 2007، وبالتالي لن تستطيع الحكومة إيقاف هذه الاعتداءات.

وعن الاعتداءات الإيرانية، يقول زنكنة في حديثه للجزيرة نت، “النفوذ الإيراني في العراق كبير جدا، ولا تستطيع الحكومة العراقية تجاهله، مما يعني أن الحكومة ستواجه صعوبة في التعامل مع هذا الملف، وأن الحكومة الإيرانية قد تعمل على تصدير أزمتها الداخلية الحالية إلى العراق”.

ولا يقف زنكنة عند هذا الحد، إذ يضيف أن السوداني سيواجه العديد من الملفات الكبيرة مثل المادة 140 من الدستور حول المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد، وملف النفط والغاز، وقوات البشمركة، وملف الأحكام الصادرة عن المحكمة الاتحادية المتعلقة بالإقليم.

اقرأ ايضاً
مؤتمر «زعماء الأديان» يشيد بـ«وثيقة مكة» وأهميتها في تعزيز السلام

على الجانب الآخر، يرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج أن الوقت قد يبدو مبكرا للحديث عن كيفية مواجهة حكومة السوداني المقبلة للاعتداءات التركية والإيرانية، خاصة أن الحكومة لم تُشكّل حتى الآن، مشيرا إلى أن حل مشكلة الاعتداءات الإيرانية قد يكون ممكنا من خلال العلاقة القوية التي تربط الجهة التي رشحت السوداني بالساسة الإيرانيين، وهو ما لا ينطبق على الاعتداءات التركية، بحسب تعبيره.

الخبير الاقتصادي همام الشماع الجزيرة
الشماع يرى أن الفساد مستشر في العراق ومن الصعوبة مكافحته (الجزيرة نت)

ملفا الاقتصاد والفساد

تتعدد الملفات التي سيواجهها السوداني وحكومته، إذ يبرز ملف الفساد على رأس أولويات حكومة السوداني وفق ما تعهد به في خطاب تكليفه. وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي همام الشماع أن الفساد يعد أحد أبرز الملفات التي تهم العراقيين، وهو ما يوجب على الحكومة المقبلة مواجهته دفعة واحدة وبقوة، على حد تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع الشمّاع أن السوداني وفي حال نجاحه في هذا الملف، فإن ذلك قد يؤهله للبدء بمرحلة الإصلاح الاقتصادي في مختلف القطاعات بما فيها الطاقة والزراعة والجفاف وملف المياه، مع ضرورة تبني إستراتيجية فاعلة لتقليل اعتماد البلاد على إيراداتها النفطية.

واستدرك الشماع بالقول إن حكومة السوداني توافقية كسابقاتها، وهو ما سيحدّ من قدرة السوداني على مواجهة “مافيات الفساد”، التي لم تفلح جميع الحكومات السابقة في مجابهتها.

ويبدو الباحث السياسي الكردي محمد زنكنة أكثر تشاؤما في هذا الملف، إذ يشير إلى أن حجم الفساد في العراق قبل عام 2003 لم يتجاوز 30 مليون دولار، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حاليا فسادا ماليا كبيرا، لا سيما أن حجمه قد يبلغ مئات مليارات الدولارات في المؤسسات الحكومية، مبينا أن الفساد قبل عام 2003 كان يقتصر على حزب واحد، لكنه اليوم يشمل جميع الأحزاب، وفق زنكنة.

وعن إمكانية السوداني في مواجهة الفساد، يعلق زنكنة “التركة كبيرة، ولن يستطيع السوداني معالجة ملف الفساد، خاصة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن التيار الصدري سيكون متربصا بالحكومة لإسقاطها من خلال المظاهرات التي قد تخرج في غالبية المدن العراقية، أي حكومة عراقية لن تصمد كثيرا ما لم يكن التيار الصدري راضيا عنها”.

على الجانب الآخر، وفي حديثه للجزيرة نت، يرى عدنان السراج أن مشكلة الفساد ستكون على رأس أولويات السوداني انطلاقا من قدرته على الحل التي اكتسبها خلال ترؤسه العديد من الوزارات في الحكومات السابقة، مشيرا إلى أن السوداني بحاجة إلى إستراتيجية شاملة لمحاربة الفساد الواسع الانتشار، وهو ما يعتمد بكل تأكيد على تعاون القوى السياسية لمحاربته أو الحد منه على أقل تقدير.

حصرية - الباحث السياسي الكردي - محمد زنكنة
زنكنة اعتبر أن الفساد في العراق تضاعف بشكل كبير بعد عام 2003 (الجزيرة نت)

الجفاف والطاقة والزراعة

تركة كبيرة سيرثها السوداني، فبالإضافة إلى المشكلات السياسية والاقتصادية، يرى غيث التميمي أن الكهرباء والمياه والبيئة والجفاف ملفاتٌ شائكة تؤثر على حياة العراقيين اليومية، وهو ما يتطلب من الحكومة إيجاد حلول سريعة وناجعة لطمأنة الشعب العراقي الذي قدم آلاف الضحايا لاستعادة حقوقه.

ويختتم بالإشارة إلى أنه إذا ما استمرت الأوضاع على حالها، فإن ذلك سيترك آثارا بالغة الخطورة على الدولة وعلى حكومة السوداني في آن معا، بما سيحول دون استمرار حكومته، بحسب التميمي.

ولا يقلّ ملف الزراعة أهمية عما سبق، إذ تعاني محافظات البلاد الجنوبية من شح كبير في مياه الشرب وجفاف الأهوار مع تراجع كبير في الزراعة حيث لا تزال الخطة الزراعية للبلاد مرتبكة بما أدى لمزيد من الاستيراد المفرط لمختلف أنواع السلع الزراعية من دول الجوار، بحسب زنكنة.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى